الحوار منهج رباني وسلوك نبوي ومظهر حضاري
ترددت كثير في الكتابة على موضوع الحوارالوطني لا لشئ اخافه ولكني كانت تجيش في خاطري وفي ضميري وأحاسيسي افكار متناقضة منها : كيف اكتب عن الحوار والوضع اليمني يعيش كثيرا من المعاناة بسبب التخريب الممنهج في كل شئ ? أبراج الكهرباء تضرب بشكل منتضم ولا تكاد الفرق الخاصة بإصلاح ماتم تخريبه تنهي عملها الاول الا ويتم تخريب جديد ? وكذلك ضرب أنابيب النفط ? كذلك مايسمى بالحراكات التي تفتعل ببعض المحافظات الشمالية مدغدة للناس بما حل عليهم من مظالم وللاسف بدعم وتخطيط ممن ظلموا هذه المحافظات ? بالاضافة لما يعتمل في المحافظات الجنوبية ? فأقول في نفسي كيف اكتب وبأي نفسية اتناول الموضوع ?? هل اتشاءم من الوضع الذي نعيشه? ام اتفاءل بالحوار?.
وبعد تردد بسبب عدم اكتمال القناعة لأي كفة أرجح وبتآمل عميق وجدت نفسي اشعر بالقناعة والثقة بأن الحوار الوطني الجاد هو المخرج وليس أمامنا كيمنيين من حل سوى الحوار والحوار فقط وكل ما يفتعل من تخريب وفوضى الهدف منها اثناءنا عن الحوار.
علينا جميعا ان نتحاور بروح المسئولية وبضمائر وطنية صادقة ? وأن نجعل المصلحة الوطنية فوق مصالحنا جميعا ? فإذا ما تحققت المصلحة الوطنية فإنها ستحفظ مصالح الناس جميعا ويجب على المتحاورين استشعار الامانة التي حملوها على أعناقهم والمسئولية التاريخية الملقاة عليهم وان يستشعر كل محاور مسئوليتة الفردية امام وطنه بان لا يكون تابعا يسمع ويطيع لمن اختاره للمشاركة ? بل عليه ان يقدم مصلحة الوطن فوق كل المصالح ويؤمن انه بهذه المشاركة انما هو يمثل الوطن وليس جهات او اشخاص ? ومن ثم تتوحد المواقف الوطنية بين المتحاورين بعيدا عن الانتماءات الحزبية والمصالح الشخصية وليستشعر الجميع انهم فريق واحد يمثل وطننا واحدا ظلم كثيرا وقدم أحراره وحرائره الدماء والأرواح ليخرجوا الشعب من الظلم والفساد والمناطقية والطائفية الى وطن ارحب يتسع للجميع وفق مواطنة متساوية وعدل يشمل كل ابناء الوطن ? فليكن المتحاورون بمستوى هذه التضحيات العظيمة فهذه فرصة تاريخية لهم ليدخلوا التاريخ من اوسع أبوابه وذلك بالانحياز للوطن وتحقيق اهداف أبنائه وتفويت الفرصة على مرضى النفوس وعلى كل الحاقدين والمتربصين بوطننا ? وعليهم ان يثبتوا للعالم ان الحكمة يمانية والإيمان يمان.
.
اؤكد ان الحوار هو الطريق الأسلم وهو المخرج للوطن للتخلص من كل أزماته ? وكيف لنا أن نرفض الحوار وهو منهج رباني وسلوك نبوي ومظهر حضاري !
فقد حاور الله سبحانه الملائكة عندما اخبرهم انه سيجعل في الارض خليفة ? وسايرهم بالحوار حتى وصلوا الى قناعة بجهلهم امام علم الله وانه سبحانه يعلم كل شئ? وكذلك حاور إبليس اللعين وتعالى الله في علاه ان يكون بحاجه لهذه الحوارات مع خلقه ولكنه المنهج الرباني الذي يريدنا الحق سبحانه ان ننهجه في حياتنا.
كذلك حاور نبي الله سليمان الهدهد ولم يتأفف او يتعالى عن التخاطب مع هذا الطير الضعيف رغم تطاوله في الخطاب على سليمان بقوله: ( أحطت بما لم تحط به ) فكان الحوار معه سببا في اكتشاف مملكة سبأ العظمي التي لم يكن يعلم بها سليمان عليه السلام من قبل علم الهدهد بها رغم سعة علمه وإمكاناته الخارقة التي سخرها الله له بما فيها الجن والرياح وكل مخلوقات الله ?
وكذا حاور نبينا عليه الصلاة والسلام الكفار وكان يحرص على عرض رسالته بالين الأساليب بل إنه خاطبهم بقوله (( وانا او إياكم لعلى هدى او ظلال مبين )) وقول الله سبحانه على لسانه عليه السلام (( قل لا تسألون عما اجرمنا ولا نسأل عما تعملون)) فنسب الأجرام لفعله اذا كان الخصم يعتقد ذلك استدراجا له ليقربه للحوار وخاطبه بلين (( ولا نسأل عما تعملون ))
وأمر الله نبيه بقوله (( وجادلهم باللتي هي احسن )) حاور عليه السلام قريشا اثناء توجهه للعمرة وقد احرم وساق الهدي وانتهى الحوار الى صلح كان ظاهره فيه اجحاف على المسلمين ? وعودة لهم بدون اداء العمرة في هذا العام ? وقبل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ? حتى لا تسفك الدماء? فكان هذا الصلح الذي تألم منه كثير من المسلمين كان بداية الفتح المبين للاسلام والمسلمين.
امر الله نبيه ان يخاطب اهل الكتاب بأحسن الخطاب (( ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن ))
وقوله تعالي (( قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ))
وعبر التاريخ والحقب الناجحون هم الذي يحترمون العقل ويقنعون الاخرين بالمنطق ? وأهل اليمن مشهود لهم بالحوار منذ القدم فهذه ملكة سبأ تخاطب شعبها والملاء الذين حولها (( ماكنت قاطعة أمرا حتى تشهدون )).
فلنعمل جميعا على انجاح الحوار ونكون صادقين في توجهنا بأن لا مخرج لنا سواه وبالحوار سننتصر جميعا ولن يكون هناك مهزوم.
ماجعلني اتفاءل اكثر اني عندما استعدت تصفح التاريخ وجدت سنن الله جرت أن بعد الشدة رخاء وبعد العسر يسر ? وسيرة رسولنا الأعظم عليه افضل الصلاه والسلام زاخرة بهذه المعاني ? فقد كان عليه السلام يبشر أصحابه اثناء الشدائد فها هو اث