الكشف عن وجود (386) شخصا?ٍ ما زالوا عبيد حتى هذه اللحظة في اليمن
الحديث عن الرق والاستبعاد كقضية أو ظاهرة في العقد الثاني من الألفية الثالثة ? يول?د صدمة أخلاقية وعودة بالزمن إلى الماضي ? ولأن قضية الرق والعبودية لا تكاد تذكر في معظم دول العالم – وإن وجدت ولو على نطاق محدود – فإنها جريمة إنسانية وامتهان لأدمية وكرامة وحرية الوجود الإنساني بعد كل هذا التطور الحضاري والقيمي للإنسان المعاصر ? لكن – للأسف – مازالت هذه الظاهرة موجودة في بعض مناطق الجمهورية اليمنية وتحديدا?ٍ في محافظتي الحديدة وحجة ومازال مواطنون يمنيون عرضة للبيع والشراء على مرأى ومسمع من الجهات الرسمية والأحزاب السياسية والمجتمع اليمني والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان – وعلى كثرتها – لم تقدم أي شيء للحد من الجريمة (الظاهرة) التي باتت تهدد المجتمع اليمني وتوازنه الاجتماعي , ومع ذلك فالحكومة والجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان أ?ْذن من طين وأخرى من عجين رغم تفشي الظاهرة واتساع نطاقها في بعض مديريات الجمهورية اليمنية.
ولعل من المهم التذكير هنا أن أول أهداف الثورة اليمنية هو التحرر من الاستبداد والاستعمار وإقامة حكم ديمقراطي عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف ? لكن الاستبداد والاستعباد والرق ما زال قائما?ٍ حتى هذه اللحظة .
ما هو الرق ?
عرفت الاتفاقية الخاصة بالرق الصادرة عن الأمم المتحدة المكونة من 12مادة والتي بدأ نفاذها في 9 مارس 1927م وعدلت بالبرتوكول المحرر في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في 7 ديسمبر 1953م وبدأ نفاذ الاتفاقية المعدلة في 7 يوليو1955م وهو اليوم الذي بدأ فيه نفاذ التعديلات الواردة في مرفق برتوكول 7 ديسمبر 1953م – عرفت “الرق” بأنه حال أو وضع أي شخص تمارس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية ? كلها أو بعضها , أما “تجارة الرقيق فتشمل جميع الأفعال التي ينطوي عليها أسر شخص ما أو احتيازه أو التخلي عنه للغير بقصد تحويله إلى رقيق ? وجميع الأفعال التي ينطوي عليها احتياز رقيق ما بغية بيعه أو مبادلته وجميع أفعال التخلي بيعا?ٍ أو مبادلة عن رقيق تم احتيازه بقصد بيعه أو مبادلته ? وكذلك عموما?ٍ ? أي اتجار بالإرقاء أو نقلهم ” .
خلفية تاريخية عن الظاهرة :
منذ بداية الحضارة الإنسانية والعبودية إحدى المشكلات التي مازالت تؤرق تاريخ وجود الإنسان واستقراراه في التاريخ الإنساني ? وهذه قضية حاولت الأديان الخروج منها ? لكنها لم تحرمها ? تحريم إلى درجة التجريم ? فقد كان التعاطي معها يجري على مستوى محدود يخفف منها أو يطالب بتحسين التعامل مع المستعبد – بفتح الباء – أو الرقيق بعبارة أدق ضمن الجماعة أو الديانة أو العرق أو الجنس ? لكنه تعاط?ُ خجول .
أيام الإمبراطورية المغولية بقيادة جنكيز خان كان من أهم أهداف هذه الإمبراطورية أن لا ?ْيستعبد المغول ? وهو هنا تعاط?ُ مع جنس أو ما يمكن تسميته قومية الحاكم أو الامبراطور, إعادة تراتيب العبودية .
وبالعودة إلى التراكم التاريخي للتعاطي مع تاريخ الرق والعبودية ? نجد الإنسان الشرقي رغم أنه شك?ل أقدم المستوطنات البشرية في تاريخ الاستيطان البشري ? لكن سجله الإنساني التراكمي? لم يكن تطوري بشكل كبير في التعامل الإنساني بين المجموعات البشرية ? رغم ما كتب التاريخ عن التعامل الروماني مع الرق والعبودية من القساوة المرعبة حين تحول البشر إلى أدوات التسلية لأنهم رقيق ? فقد شكلت أوروبا ما بعد الثورة الصناعية حالة متقدمة في التاريخ الإنساني هي الأكثر نضوجا?ٍ للسجل الأخلاقي لحقوق الإنساني المرتبطة بالرقي القيمي والكرامة الإنسانية ? فقد كان لتاريخ الخروج من رحم الثورة الزراعية التي ولدت الاستقرار البشري إلى الثورة الصناعية رغم الفارق الزمني الكبير – نقلات في تاريخ السجل الأخلاقي للإنسان ? وعلى الرغم من الازدهار الذي شهدته تجارة الرقيق من أفريقيا إلى العالم الجديد بعد الكشوف الجغرافية ? فإن المتغيرات ما بعد الثورة الفرنسية التي كانت ثورة قيمية لا تضاهى في التاريخ , زلزلت قناعات البنى الفكرية والثقافية في الحضارة الغربية ? لتأتي بعدها عمليات إيقاف تجارة الرقيق ? وهي المقدمات لقرنين من التحولات التي خلقت مفاهيم جديدة ? أص?لت لتراكم سجل أخلاقي حقوقي للإنسان الحالي ? فتاريخ التطور التراكمي لبنية حقوق الانسان القانونية والقيمة القائمة كان نتاج تضحيات قائمة على قناعات ثقافية دفع عظماء التاريخ الإنساني ثمنها.
ولعل الحرب الأهلية الأمريكية في جزء منها تاريخ هذا النضال العالمي لتحرير العبيد وتحريم الرق? فقد كانت أحد نتائجها في أمريكا تحرير العبيد وتجريم الرق ? لكن محاولات بعض الطغاة – كما فعل نابليون- أعاد التاريخ إلى الوراء بقرار إعادة الرق فسقط في المستعمرات الفرنسية ولم يصمد لأنه ارتداد على رمزية الألوان الثلاثة في العلم الفرنسي التي كانت تعني الحرية والإخاء والمساواة ? وهنا نجد أننا أمام تغير قيمي ? فما تم إلغاؤه لا يمكن اعادته في التطور القيمي ? لكن يمكن التراجع المؤ