قطر توقف دعم المعارضة المسلحة السورية بعد ضغوط أميركية
قالت مصادر المعارضة السورية إن الحكومة القطرية أبلغت الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني بأنها ستوقف بدءا من مطلع آذار/ مارس الحالي الدعم المالي الثابت? والذي يؤم?ن المصروفات الإدارية للائتلاف والرواتب الخاصة بالقوات التابعة للمجلس العسكري الأعلى برئاسة سليم ادريس.
وعللت الرسالة القطرية? وفق المصادر ذاتها? قرارها المفاجئ بالصراعات الداخلية للمعارضة وانقطاع التنسيق مع الدوحة في القضايا السياسية الجوهرية والانفراد بالقرارات? في إشارة واضحة إلى مبادرة الخطيب الأخيرة حول الحل السياسي مع النظام الحاكم في دمشق والتي أحدثت انقساما واسعا وارتباكا شديدا في أوساط المعارضة السورية.
غير أن مصادر دبلوماسية في لندن قالت إن سبب الانقلاب في الموقف القطري يعود إلى تهديد جهات فاعلة في الإدارة الأميركية بأنها بصدد إعداد ملف كامل عن دعم الدوحة لقوى تصنف على قائمة الإرهاب? وآخر هذه الوثائق الدامغة كانت من مالي و تشير إلى تحويلات مالية وشحنات أسلحة لتنظيم القاعدة. وأضافت المصادر أن هناك وثائق أخرى عن صلات وثيقة للدوحة بالمجموعة التي نفذت عملية اغتيال السفير الأميركي في مدينة بنغازي الليبية? وكذا رعاية ودعم عبد الحكيم بلحاج أحد أبرز القادة العسكريين في ليبيا والذي يعد أحد أبرز عناصر “القاعدة” في شمال افريقيا.
ولفتت المصادر كذلك إلى وجود ما يشير إلى دعم مالي وعسكري قطري لكتائب السلفية الجهادية القريبة من “القاعدة” في سوريا. وأشارت المصادر إلى أن الأميركيين هددوا القطريين حينما تجاهلوا تحذيراتهم بأن هناك لجنة في الكونجرس تجمع معلومات لإدانة مسؤولين قطريين بارزين بتهمة تمويل إرهابيين قاموا باغتيال السفير الاميركي في بنغازي وعمليات ارهابية في سوريا ومالي حيث قدموا اموالا ومعدات وأسلحة لجماعات إرهابية.
يشار إلى أن تقارير أميركية سابقة قد كشفت عن غضب شديد يعم الإدارة الأميركية من الدور القطري في المنطقة خاصة بعد مقتل السفير كريس ستيفن بسبب ما يقول الأميركيون إنها مغالطات من قطر عن قدرتها على التحكم في مجموعات الإسلام السياسي وتوجيهها وفق ما تريد? في سياق سعيها لإرضاء إدارة أوباما بالقدرة على لعب دور وكيل إقليمي.
وكانت الولايات المتحدة قد ضغطت على قطر منذ أسابيع لوقف تمويل وتسليح المجموعات الجهادية الآتية إلى سوريا من الخارج? والتي بدأت تتقوى بهذا الدعم على المجموعات المقاتلة المعتدلة والتي تتشكل غالبيتها من السوريين. ويأتي التغير في الموقف الأميركي في سياق مقاربة استراتيجية لواشنطن بدعم القوى المدنية والعلمانية المعتدلة في سوريا? ودعمها للوصول إلى حوار متوازن مع نظام الأسد. ويقول الأميركيون إن الدعم القطري التركي للسلفيين أساء إلى الثوار وحرمهم من الدعم الدولي.
كما يقوم الموقف الأميركي على تغيير اللاعبين الإقليميين الفاعلين في القضية بعد أن تقرر إخراج قطر نهائيا من اللعبة? والاستعاضة عن الدور التركي? وهو ما تبلغت به الدوحة وأنقرة من كيري الذي أكد أن الموقف تم تحديده نهائيا. ويتوقع المتابعون أن تكون الرياض هي اللاعب الجديد الذي يرعى التسوية السورية بالمواصفات الجديدة? تماما مثل الدور الذي تلعبه في اليمن تحت عنوان المبادرة الخليجية.
وكانت السعودية اقترحت على الروس والأميركيين حكومة انتقالية في سوريا ذات صلاحيات مطلقة وخاصة صلاحيات الرئاسة? وأن ينحو الحل نحو النموذج اليمني لتقود العملية الانتقالية شخصية من داخل النظام لم ترتبط بالمجازر. وفي سياق تبدل الموقف الأميركي? يتنزل مؤتمر “أصدقاء سوريا” الجديد الذي احتضنته العاصمة الإيطالية روما والذي أعلن في بيانه الختامي أمس عن “دعم القيادة العليا للجيش السوري الحر? الملتزمة بالدفاع عن نفسها” لإقامة “نظام ديمقراطي يتمتع فيه جميع المواطنين بالمساواة”.
ويقول مراقبون إن ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر إنما يعبر عن بصمات الموقف الأميركي الذي جاء على هامش جولة وزير الخارجية الجديد جون كيري? وفيه حث لدول حليفة على دعم المعارضة بالسلاح بما يجعلها قادرة على دفع النظام إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ويتنزل هنا التقرير الذي نشرته نيويورك تايمز منذ أيام وتحدث عن أن السعودية مولت “شراء كمية ضخمة من أسلحة المشاة” كانت جزءا من “فائض غير معلن عنه” من أسلحة مخلفات حروب البلقان التي جرت في التسعينات? وأن تلك الأسلحة بدأت تصل إلى المسلحين السوريين عبر الأردن في كانون الأول/ ديسمبر.
المصدر: العرب