اليمن بين مخلص و«مخ لص»
لو مع اليمن «مخ» إنها «سنغافورة الجزيرة العربية».
ينطبق على اليمن عبارة قالها أحد الساخرين الكبار (البلد محتاجة إلى «مخلص» ? وليس إلى «مخ لص»).
وحكاية المخ هذه تذكرني بنكتة ذمارية جميلة تحكي قصة واحد كان يملك «غنمة»? وكان يربيها تربية خاصة. وذات يوم طلعت سطح البيت? وقفزت? ونادى الناس على الرجل بصوت عال: «الحق? الغنمة قفزت من السطح»? فأخذ السكين وهرول تجاهها فوجد أنها في حالة تقتضي ذبحها. وبينما هو يقطعها ويسلخها نادته امرأة عجوز من جيرانه بصوت عال: «يا محمد? يا محمد! ادي لي المخ? الله يرضى عليك!». رد عليها الرجل: «يا حجة? لو معها مخ ما قفزت من السطح».
أسألكم سؤالا?ٍ:
ما الذي ينقص اليمن حتى تصير مثل سنغافورة مثلا?ٍ?
إذا قلتم: المال? أقول لكم: إن استثمارات اليمنيين في الخارج بلغت ثلاثة وثلاثين مليار دولار. إذا كان هؤلاء يرفضون استثمار أموالهم في بلادهم? فكيف نريد من الأجانب أن يستثمروا عندنا!?
إذا قلتم: المناخ? أقول لكم: إن مناخ اليمن من أجمل مناخات العالم? متنوع? وأرضها من أفضل التربة الزراعية في العالم? وشواطئها ألفين وثلاثمائة كيلومتر? وثروتها السمكية تقدر تغني عشر دول عاقلة? لو استخدمت بشكل صح? وسووا مصانع تونة وأسماك? ونشطوا السياحة البحرية.
إذا قلتم: الآثار? اليمن كلها آثار? والحكومة أقدم قطعة أثرية? والسياسيون حقنا هاربون من المتحف? وكلهم تقريبا?ٍ أصبحوا من الأطلال? وتزاملوا مع خوفو وخفرع ومنكرع? وكانوا يخزنون سوى هم وأبو الهول.
ما الذي ينقصنا إذن?
ينقصنا «مخلص»
كيف نشجع الاستثمار في بلد إذا ولع فيه النافذ حبة سيجارة يبسط على أرضية أوقاف?.
إذا خزن شيخ ظالم ما يفذح إلا وقد حو?ش أرضية مغترب.
أما إذا شرب المسؤول الفاسد حبة فياغرا فيغتصب ثلاث أرضيات مرة واحدة!
أين الشباب الذين يمثلون ثلاثة أرباع السكان?
الشباب في هذا البلد وقف للمظاهرات وللفايسبوك.
أين الشباب من زراعة أراضي تهامة التي استولى عليها الجبابرة بالكيلومترات?
أين الشباب من العمل في المصانع التي كانت أيام الحمدي تستوعب الآلاف فتشردوا اليوم وصاروا مقعدين ومرضى يفترشون الكراتين في الطرقات والأرصفة?
في أيام الحمدي كان فيه مصنع قطن بالحديدة? وكانت المساحة من حيس إلى الحديدة تزرع كلها قطن? وكان مئات العمال يعملون فيه? وبعدها توقف المصنع وحولوه مقرا?ٍ للبنك المركزي? وتشرد العمال في الأرصفة? وكذلك مصنع الغزل والنسيج وغيرها.
أين تطوير الفكر الشبابي كقادة لجيل جديد ورواد سياسة واقتصاد? نحن بلد ثلاثة أرباع سكانه من الشباب? ومع ذلك نفس الوجوه جالسة تحكم? وكأن الذري مقطوع? مع أننا والحمدلله مافيش بلد في العالم يستقبل مولودا?ٍ كل ست ثواني إلا اليمن? وعدد سكاننا يعادل سكان دول الخليج كلها.
أين التغيير إذا كانت الوجوه نفس الوجوه? تقاسموا السلطة? الشباب حتى الآن لم يجدوا ما يعملوه? لا نجد سوى أن ننتقد ونقوم بمظاهرات ونسوي حملة على كل شيء إذا نشتي نسعف مريضا?ٍ نسوي حملة? وإذا نشتي ننصف قرية نسوي مظاهرة? وإذا نشتي نتضامن مع فلان نسوي مظاهرة? يعني دور فخري إشرافي بس احنا جالسين مكاننا? لم نجد مقاييس لدولة عدل ومساواة تجعل أي شاب يمني يحلم بأن يكون رئيسا?ٍ أو بمجهوده فيعمل الجميع?الحاصل إن السياسة صارت تتعامل بمرونة مع الشباب? لكنها في حقيقة الأمر مرتاحة لوجودهم على الهامش حتى ولو شغلوها صياح? لكنهم يظلوا خارج المعادلة..اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.
الجمهورية