يعتمدون على ذاكرتنا الضعيفة
كثيرة?َ هي الأخبار التي نقرأها في الصحف والمواقع اليمنية, وكثيرة?َ هي التصريحات التي تنقلها, اما عبر جهات رسمية وبأسماء معروفة, أو عبر مصدر مسؤول, أو مصدر قريب, أو مصدر رئاسي, أو مصدر مطلع, وغيرها من التوصيفات الزئبقية.
ليست المشكلة في تلك الصفات, المشكلة أن أغلب تلك الأخبار ليست واقعية وسرعان ما نكتشف أنها كاذبة, وأنها غالبا?ٍ صادرة من أحد المطابخ الاعلامية التابعة لأحد مراكز القوى.
كم مرة سمعنا وقرأنا عن مغادرة الرئيس السابق الى أمريكا, مرة عبر السعودية واخرى عبر اثيوبيا, ومرة قرأنا أنه سيستقر في الامارات, وغيرها الكثير.
كم مرة سمعنا عن اعتقال بعض المشتبه بهم في الاغتيالات الأخيرة, بل ان بعض الأخبار أكدت انه تم الامساك بأحدهم من قبل بعض الموطنين متلبسا?ٍ مع ” المتر” بعد فشله في تنفيذ عملية اغتيال أحد الضباط.
كم مرة سمعنا عن بواخر أسلحة ايرانية وتركية, وحاويات مسدسات, ومن مصادر رسمية وعلى القناة الفضائية اليمنية.
كم خلية تجسس أعلن عنها الرئيس هادي? وكم خلية تجسس أعلنت عنها وزارة الدفاع وجهازي الأمن القومي والسياسي? كم خلية أعلنت عنها مصادر أمنية مقربة?
كم مرة سمعنا عن قرب اصدار هادي قرارات رئاسية لتهيئة الأجواء للحوار, كم مرة سمعنا عن قرب اصدار مجلس الأمن عقوبات ضد معرقلي عملية التسوية.
هل الخلل فينا أم في وسائل الاعلام?
اعتقد أن الخلل في الطرفين معا?ٍ, فأغلب وسائل اعلامنا لا تعرف شيئا?ٍ عن المهنية, وأغلب قراءنا لا يملون من قراءة الأكاذيب.
بل أن بعضهم يعرف أن ما يقرأه ليس حقيقيا?ٍ, لكن لأنه قريب من هواه أو ان الوسيلة تتبع الجهة التي ينتمي اليها فانه يشتري تلك الصحيفة يوميا?ٍ, ويدام على متابعة ذلك الموقع أيضا?ٍ.
نعيش في وهم ونقرأ وهما?ٍ, ونسعى الى تصديق الأكاذيب, علها تعالج الكثير من أزماتنا النفسية والمعيشية, نصنع الأمل الكاذب ونتغاضى عن الحقائق ونستسلم لغسل أدمغتنا.
لم يتساءل أغلبنا عن مصير كل تلك السفن الايرانية المحملة بالأسلحة, وأين هي الآن, وما مصير بحارتها, واين انتهى المطاف بحمولاتها, واين المحاكم التي احيلت اليها كل تلك القضايا, ومن هم المتهمون, وهل صدرت بحقهم أحكاما?ٍ أم لا .
لم نكلف أنفسنا عناء متابعة مصير المسدسات التركية, وبقية الشحنات الآتية من تركيا, ومصير شحنة المخدرات التي تم استيرادها عبر مؤسسة رسمية.
لم نسأل الرئيس يوما?ٍ أين عناصر خلايا التجسس التي اعلنتها أنت وبقية الجهات الرسمية ? ولماذا لم يتم محاكمتهم الى اليوم?
اختلط الحابل بالنابل في الا علام اليمني, فالمواقع والصحف تنشر أخبارا?ٍ كاذبة من مطابخ اعلامية, والجهات الرسمية ومن اعلى المستويات تصرح بخلايا وهمية, والمصادر الأمنية تعتقل خلايا تجسس تهرب مصانع اسلحة عبر موانئ عالمية !! فعلا?ٍ شر البلية ما يضحك! هل سمعتم او قرأتم حتى في كتب التاريخ عن خلية تجسس تقوم بتهريب صواريخ ومصانع اسلحة في حاويات وعبر ميناء عدن تارة واخرى عبر ميناء الحديدة, هل التجسس يتم بالمصانع والصواريخ? تلك للأسف كانت تصريحات لمصادر في وزارة الدفاع اليمنية, نشرت في الكثير من وسائل الاعلام ولم يتم تكذيبها, لا يجيدون حتى الكذب, وتظهر التناقضات والمستحيلات في نفس الخبر.
لم نحاسب أو نعاقب الصحف أو المواقع أو التي نقلت لنا مئات الأخبار الكاذبة, عبر امتناعنا عن شرائها و تصفح تلك المواقع.
لم نطالب بمحاكة الجهات والشخصيات الرسمية التي تستخدم تلك الاكاذيب لإرهابنا وادارة البلاد بسلسلة لا نهائية من الافتراءات.
يعتمدون على ذاكرتنا الضعيفة التي نصفرها كل مساء بعد كل تخزينة قات, ولا نربط حتى بين الخبر الذي نقرأه اليوم والذي قرأناه بالأمس في نفس الصحيفة, مع أن كليهما بالبنط العريض و متناقضين أيضا?ٍ, يعتمدون على عقولنا التي لا تقارن ولا تتساءل ولا تبحث عن الحقيقة ولا تميز بين الواقع والخيال .
albkyty@gmail.com
” نقلا?ٍ عن صحيفة الأولى “