اليافعين بين مطرقة المراهقة وسندان الواقع
اليافعين والشباب تلك الفئة الاهم في المجتمع والتي تمثل نسبة كبيرة جدا فيه ولديهم تطلعات وأمال تفوح في الافق نحو بناء المستقبل المشرق المزدهر ? هم من يملكون الحماس والإرادة والعزيمة في احداث التغيير نحو الافضل ? وفي نفس الوقت يمثلون الفئة العمرية الاكثر عرضة للانحراف والضياع في مسلسل العصابات المسلحة والجماعات الارهابية والإدمان بمختلف انواعه وغيرها من السلوكيات التي قد تؤدي باليافع/ة الى الانهيار العصبي والنفسي والإنهاك الجسدي وقد تصل في بعض الاحيان الى فقدان الحياة في الانتحار او غيرة .
وإذا نظرنا الى واقع اليافعين/ات في محافظة لحج بتمعن لوجدنا انهم يعيشون في مرحلة المراهقة مثلهم مثل نظرائهم في باقي مناطق اليمن الاخرى ? فهم في هذه المرحلة يشرعون في تأسيس حياة اكثر توسعا?ٍ عن سابقاتها ? وسط تغيرات جسدية ونفسية وسيكولوجية مع عاصفة من الاختلافات والتناقضات الداخلية والخارجية ? لكنها تواجه واقعا?ٍ مريرا يتخلله مجموعة من الصعاب والتحديات التي تعيشها الاسرة والمجتمع مما جعلها تعكس بآثارها السلبية على اليافع/ة .
فـ اليافع يشعر بحالة من التجاذبات النفسية والبيولوجية ? وحالة من عدم الرضى بواقع الاسرة والوضع الاجتماعي والمعيشي ? والخوف من الفشل ? والابتعاد عن الاهل ? والتقرب من الاصدقاء والثقة فيهم بشكل مبالغ فيه حتى انه يثق فيهم اكثر من المقربين له ? وفي بعض الاحيان يعاني من تقلب في المشاعر وعدم قدرته على التحكم فيها ? الشعور بالخجل والحياء او بالبطولة والقوة او انه اقوى من غيرة من الشباب محاولا?ٍ تزعمهم وأصبح يتأثر ويؤثر بمن حوله .
وفي الاطار الشخصي فهو يبدأ في بناء الطريق نحو الاستقلالية ومحاولة فرض هيبته امام الاخرين ? واستعراض ملامح البلوغ والاعتزاز بها واعتبارها مظاهر الرجولة واستخدامها في فرض قراراته على عائلته وعلى من حوله ? بينما اليافعة تخجل كثيرا من ملامح البلوغ وتحاول اخفائها ? وهناك سلوك اخر من بعض اليافعات اللاتي يحاولن التباهي واستعراض ملامح الانوثة في اجسادهن .
وفي سياق الرغبات الشخصية فهناك من يهتم بمظهرة ويسعى للاستكشاف والبحث والتجربة والاهتمام بشخصيته ? ولفت انتباه وحب الجنس الاخر ? وحب المنافسة ? وهناك من يضطر لترك التعليم لعدة اسباب اهمها نظرته للمستقبل المجهول ? والتأثر بمن سبقه في اكمال التعليم ولم يستطيعوا توفير قوت يومهم او ان ظروفه المعيشية صعبة ولهذا فهو يحاول توفير مصدر دخل والالتحاق بالعمل مبكرا .
في الاطار الاسري يعاني اليافع/ة من حالة من العنف الاسري ? والضغط الغير مبرر ونقص في الاحتياجات الضرورية واللازمة في مواجهة مرحلة المراهقة او البلوغ ? وشكوى من تدخل الاسرة في خصوصياته ? وفرض عليه اصدقاء او منعه من اصدقاء مما يجعله معاندا وهنا يدخل في صراع مع الاسرة حتى يصل بهم الامر الهرب من الاسرة ? والانتقال الى مكان مجهول داخل الوطن او خارجة ويصبح عرضة للانحراف والضياع .
وفي الاطار المجتمعي يواجه اليافع تقليل اهمية دورة في اطار المجتمع الذي يعيش فيه ? والنظر اليه انه لازال مجرد طفل وليس باستطاعته ان يواجه الحياة اسوة?ٍ بمن هم اكبر منه ? وبهذه الطريقة يظل مهمش او ان دورة مغيب ? وينشئ ويترعرع وهو مكبوت نفسيا غير قادر على التعبير والتواصل والمشاركة في الحياة حتى وصولة مرحلة متقدمة من العمر ? يصبح حينها غير قادر على التعلم واكتساب المهارات عكس مرحلة الطفولة والشباب التي يتمكن من التعلم فيها بشكل اسرع .
وإذا خضنا في التفاصيل بشكر اكبر فان كثير من اليافعين/ات والشباب/ات في محافظة لحج ونتيجتا للفراغ العاطفي الذي يعيشونه ? ولكونهم في مرحلة المراهقة وتكون نفسي وجسماني ? ونظرا للظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة ? والصراعات السياسية القائمة فهناك كثير منهم تأثروا بسلوكيات معينه ? وثقافات سلبية جعلتهم يتمردون على الاسرة والمجتمع والالتحاق بجماعات مسلحة وتيارات سياسية مختلفة .
هناك كثير من الشباب صاروا اليوم يضلون طريق المستقبل ? ويفقدون الثقة في انفسهم وفي ذاتهم ? ويذهبون بعيدا?ٍ عن اسرهم ليمارسون سلوكيات لا اخلاقية ويقوموا بقطع الطرق والاعتداء على المسافرين وتناول المخدرات وحبوب الهلوسة ? ودخولهم في صراعات مسلحة فهناك منهم من تعرض للإصابة والإعاقة الدائمة ومنهم من فقد حياته وصار ضحية الطيش والمراهقة والواقع المرير الذي يعيشه المجتمع اليمني .