الحوار وتغليب المصلحة الوطنية
ها قد مر العام الأول لتوقيع مبادرة حقن الدماء وإطفاء نار الفتنة ( المبادرة الخليجية ) ولم تستوعب بعد بعض الأحزاب السياسية معنى مرحلة توافقية !! تضمنتها مبادرة خليجية نسير على نهجها وملتزمين بعدم الإخلال ببنودها? إن سياسة الاستحواذ والانفراد والتهكم لم تكن ضمن بنود المبادرة أبدا ولا يزال الوضع متأزما?ٍ والحقد مستمرا?ٍ والخطابات الإعلامية حدث ولا حرج .
وعلى عهده الشعب اليمني لا يزال يفرغ غضبة وفقره وهمومه بأعواد القات «المخدر الحلال» ويأمل هذا الشعب الذي أصبح لعبة الشطرنج نجاح الحوار الوطني وهو أهم ما نصت عليه المبادرة الخليجية ? وحده الحوار يستطيع إخراج اليمن من بوتقة النار التي إن استمرت لن تبقي ولن تذر .
فاجتماع الفرقاء على طاولة واحدة ومحاكاة المشاكل والمعضلات سيكون الأمل الوحيد للخروج من الظلام الدامس إذا ما صدقت النوايا وصفت القلوب وبقي الهدف الأسمى هو الرائد لدى المتحاورين وهو مصلحة اليمن الغالي ? فلا ينبغي أن تستمر ثقافة التعصب و الأحقاد والشخصنة والولاءات الضيقة والانتقام والحذف المبتاعة لنا وهي لم تكن يوما?ٍ من شيم وعادات يمن الحكمة والإيمان ? هذا إن أردنا أن يحقق الحوار أهدافه أما استمرار هذه السياسة والثقافة فلن يكون الحوار إلا مضيعة للوقت ونفخ فقاعات الأمل الزائف في وجه حقيقة واحدة هي تأجيج العداوة بين أبناء الشعب الواحد.
إذا?ٍ يتوجب على المتحاورين التصرف بحكمة وباستيعاب الجميع أعتقد أن كل الأطراف كانت تنادي بالحوار قبل سنين إلا أنه قدر لليمن أن يكون حوارها تحت أعين العالم العربي والغربي لهذا وحتى تبرهن أطراف الحوار فهمها وتفهمها أسس ومبادئ وعوامل نجاح الحوارات لابد أن يكون نهجها وسلوكها يحاكي شعاراتها وبما يضمن توحيد الجهود لمعالجة القضايا الوطنية تحت سقف وراية الوحدة والانطلاق نحو بناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات.
إن محاور الحوار والقضايا الداخلة فيه كثيرة ورغم تباين الآراء على بعضها واتفاقها على البعض الآخر ? إلا أن الجميع يعلم أن القضية الجنوبية هي أهم ما ينبغي حسمه في حوارنا الوطني حتى يحقق له النجاح الآمال كبيرة تشوبها المخاوف غالبا?ٍ ويصب عليها الأمل أحيانا ? لكن وحدهم المتحاورون من بيدهم القدرة على اخراج اليمن من هذه الأزمة بحل مرضي لكل الأطراف يلتزم به الجميع طائعا?ٍ .
كما أن التعامل من قبل أي طرف من أطراف الحوار مع طرف آخر بعدوانية واستعلاء من منطلق انه لم يكن شريكا?ٍ في الثورة ( كما يسمونها) وبأن ثورتهم قامت من أجل اجتثاث النظام السابق كما يقولون هذا الأمر إن استمر كما هو الآن فسيكون المسمار الأقوى في نعش الحوار خصوصا وان طرحا?ٍ كهذا من شأنه توسيع الفجوة بين فرقاء العمل السياسي وسيؤدي حتما الى تعطيل الحوار? لذلك لاينبغي التعامل من منطلق أنا الصالح وغيري بقايا نظام ومحاولة تجاهل إرادته وهو يمثل شريحة لا يستهان بها في واقع الحال وكذلك استبعاد أو محاولة تقليص دور طرف و التقليل من أهميته ? لأن ذلك سيفتح مجالات أوسع للدخول بجزئيات ستؤثر حتما?ٍ على الحوار ولابد من المنظمين لـ (الثورة) أن يكونوا أكثر حرصا?ٍ على تطبيق مبادئ الثورات والتحلي بأخلاق الثوار وأسلوبهم في النقاش والتعامل الواعي والراقي لا أن يصبحوا طرفا?ٍ مهاجما?ٍ مسفها?ٍ للآخرين ? بل لابد أن يكونوا قدوة ويثبتوا فعلا?ٍ ثوريتهم.
إن ما أسمعه من تصريحات لبعض المسئولين وربما أعضاء في لجنة الحوار لا تزال تتحدث بنفس ذلك الخطاب الهجومي أعني لابد أن يتصرف القادة من منطلق المرحلة التي قبلوا بها ووقعوا عليها أما الازدواج فلم يعد له مجال ليتركوا تلك الشعارات لمن رفض التوقيع على المبادرة ليفرغوا غضبهم ويسقطوه على من يشاءون أما أنتم فلابد أن تخلو أفكاركم من الجهل السياسي ولابد من الارتقاء بالنقاش والطرح بمستوى يليق بكون المناقش لديه رؤية وثقافة وفهم وسياسة وحكمة.
لست متشائمة بطبيعة الحال لكن مجريات الأمور ومعطيات الوضع الذي نعيشه يجعلني أتوقع أشياء ليست إيجابية لكن توقعاتي ليست توقعات المحللين والمفكرين وأصحاب الرؤى والخبرة ? لهذا أطمئن نفسي بأنني فقط أتوقع توقع المواطن الذي يرى كثيرا?ٍ من التطرف في التعامل والإقصاء والحذف والأوجاع ? لهذا فنظرته موجوعة من وجعه ? ربما لن يصدق ظني وستخيب كل الظنون إن شاء الله وينجح الحوار الوطني المنشود أتمنى أن يكون الحوار إنقاذ للوطن ولشعب أصبح يأكل من القمائم يلتحف السماء ويفترش التراب ? لا أن يكون حوارا?ٍ يفضي إلى شقاق وفراق وتتمخض عنه حرب طائفية وأهلية.
*مدرس مساعد بكلية الحقوق – جامعة تعز