نكبة سلاح “الثورة” في تعز: تقرير يرصد شهادات ووقائع لمسلحين

تعيش تعز وضعا أمنيا غاية في الانفلات? وتبدو المدينة التي انطلقت منها شرارة الثورة الشبابية? تبدو اليوم أحد المعاقل الرئيسة لصراع طرفي النظام الذي انقسم على نفسه بعيد اتساع مدى الثورة وعاد ليتصارع هنا بكل ما يستطيعه من وسائل وعلى رأسها السلاح.

لم تغب الثورة السلمية عن تعز يوما? ولكن السلاح أيضا دخل الخط? ومنذ اللحظة الأولى للتحول نحو السلاح ونشوء ظاهرة “حماة الثورة” نشأ جدل عريض على المستوى الوطني وداخل شباب الثورة في تعز نفسها حول جدوى هذا السلاح ومبرراته? وكان لمن يدعمون مثل هذا الخيار مبرراتهم التي استندت إلى حقيقة القمع الدموي الذي تمت مواجهة الثورة به من قبل القوات الموالية للرئيس السابق صالح.

بغض النظر الآن عن مبررات حمل السلاح أو تفضيلات الحفاظ على الخيار السلمي? فإن ما حدث أصبح واقعا له تأثيراته الحية اليوم والتي يفترض أن تتم قراءتها بهدف الوصول إلى إعادة تقييم ما يمكن أن نصفها بتحولات الثورة في تعز? ومن ثم تقديم صورة واضحة عن أسباب ما تعيشه المدينة من حالة أمنية مأساوية.

في هذا الملف الذي تتصدى له “الأولى” حول عملية تسليح الثورة في تعز وتجنيد الشباب كمقاتلين في إطارها? نحاول تقديم شهادات حية لمشاركين في هذه العمليات? شهادات قد تجيب عن أسئلة كثيرة وقد تطرح أسئلة أخرى.

بهذه اللقاءات التي تنفرد بها “الأولى”? مع مسلحين انخرطوا في ما أسمي قبل أكثر من عام بـ “حماة الثورة” أو “المقاومة المسلحة” لقوات النظام السابق? نسلط الضوء على جانب مما جرى ويجري? ولسنا بصدد إدانة أحد? على اعتبار أن ملابسات أخرى? شابت اندراج بعض الأشخاص والجماعات في مربع العنف? ولأن وظيفتنا أيضا?ٍ تقتصر على نقل جزء المشهد مما جرى في ضوء ما نقل من أفواه من قاموا به أو شاهدوه.

مع ملاحظة أننا لأسباب تتعلق بحماية الشهود الذين أدلوا للصحيفة بهذه الإفادات وكي لا يتعرضوا للأذى قمنا باستبدال أسمائهم برموز فقط.

قصة البداية

في هذا اللقاء يسرد “أحد المسلحين” الذي تعطيه “الأولى” رمز “م”? قصة البداية في تجنيد المسلحين واستقطابهم إلى جبهات القتال? ومن خلال شخصيات قيادية في أحد الأحزاب السياسية? وتحتفظ “الأولى” بأسمائهم أيضا?ٍ? كما ننوه إلى أن الحروف المرمزة أدناه هي البدايات الحقيقية لهذه الأسماء.

يقول الشاب (م): وقعت محرقة ساحة الحرية في 29/5/2011? والتحقت أنا في صفوف المسلحين بعدها? وبالتحديد في يوم من أيام شهر 7? وتم اختياري عن طريق اتصال بالهاتف من أحد القياديين في التجمع اليمني للإصلاح (ن.د)? وكان هذا الاختيار على أساس أنني كنت الأكثر حماسا?ٍ? وبعد رصد معلومات عني من أقارب وناس قياديين من البلاد منتمين إلى حزب الإصلاح.

كيف تم التواصل المباشر:

اتصل لي “ن.د” بعد صلاة العشاء في يوم خميس? وقال لي: لديك عندنا سلاح آلي وعليك أن تأتي لتستلمه من حارة المسبح. وقال لي أيضا?ٍ: ستجد زقاقا?ٍ وفيه سيارة كامري. وعندما وصلت إلى الزقاق المحدد رآني صاحب السيارة? فيما لم أره أنا في البداية من شدة الظلام الموجود? ومن بعيد أشر لي بأضواء السيارة التي كانت واقفة في ظلام الزقاق? وعندما وصلت إلى السيارة لاستلام السلاح? فتح باب الكامري وفتحت أضواء سقف السيارة بشكل أوتوماتيكي? وعرفته من كان? كان الشخص الذي ناولني السلاح هو “أ.ع.ف”? وتفاجأت أيضا?ٍ أن السلاح الذي أعطاني إياه (سلاح روسي دبشك) بدون ذخيرة? وبدون خزانة الرصاص التي تأتي عادة لاصقة في السلاح.

بعد أن استلمت (الآلي) اتصلت بـ”ن.د”? وقال لي إنه سيحضر لي الرصاص? وفي اليوم التالي تم تحويلي إلى شخص آخر يسمى “ع.ع.ف”? الذي أعطاني خزانتي رصاص كذخيرة لسلاحي.

المهمة:

أعطوا لي مهام بنفس يوم استلام الذخيرة? وكان من نصيبي الجلوس في جبل “الجهوري”? وعندما وصلت الجبل تم ضمي إلى مجموعة بها 10 مسلحين? وظللنا في الجبل حتى أحداث مكتب التربية. وللحق لم تعط?ِ لنا أية مهام أخرى خلال فترة وجودنا في الجبل? واكتفى قادتنا بتوجيهنا بحراسة الجبل فقط? ومنع أي تسلل أو صعود إليه من أي شخص? حتى ولو كان من المواطنين.

مخلاف شرعب? كمكان للتدريب:

كما كنا أثناء فترة انتهاء الدوام والمقررة بـ8 ساعات? تخرج نهارا?ٍ مجموعة مكونة من حوالي 20 مسلحا?ٍ? إلى منطقة الرحبة في مخلاف شرعب? حيث يتم تدريبنا على كيفية ضرب الأهداف عن طريق الـ”آر بي جي” والرشاش. وكان الشخص الذي يتولى مهمة أخذ المسلحين إلى المخلاف? يدعي “ف”? وعرفت أنه من المتطوعين بحرب 94? وتدرب على استخدام الأسلحة خلال تلك الفترة.

أحداث مكتب التربية:

في هذا اللقاء يسرد لـ”الأولى” أحد المسلحين? ونعطيه الرمز “ج”? القصة الكاملة حول أحداث مكتب التربية? وكيف تمت? والأطراف التي تقف وراءها”

يقول (ج) عندما وقعت أحداث مكتب التربية? كنت أنا وما يقارب 10 مسلحين? في إحدى الجبهات? وتم استدعاؤنا فجأة قبل أذان الفجر بلحظات? بعد معلومات عن أن شحنة أسلحة تم إدخالها إلى مكتب ا