علي محسن .. الرجل الأول في النظام
في حواره مع صحيفة الجمهورية يوم أمس? تمخض (جنرال الساحة) فولد فأرا?ٍ? حين
اعترف أخيرا?ٍ بأنه (كان الرجل الأول في النظام)!??
حوار مفضوح… أراد فيه أن يبحث عن خلفية ثورية تشفع لسجله السلطوي فوقع في الفخ!!
أراد أن يمنح نفسه مجدا لا يستحقه? ويصبغ ذاته بروح التمرد على الظلم
فتمرد على نفسه!!
وظن أنه بهذا الاعتراف يصنع (بطولة) فكانت (فضيحة) مدوية!!!
يتحدث (جنرال الساحة) عن قضية (التغيير) وانحيازه لمطالب الشعب كما لو
كان أحد رواد التنوير? كالزبيري أو النعمان ورموز48? ليقدم نفسه
ثائرا?ٍ!?? متجاهلا أن أولئك كانوا منارات علم وثقافة وتاريخ وتنظير
وفصاحة وفقه وأدب? وأهم من ذلك أنهم حين ثاروا كانوا بعيدين تماما?ٍ عن
القوة والثروة والهيلمان? ولم يستحقوا أن يكونوا (ثوارا?ٍ) إلا لأنهم لم
يعرفوا سلطة ولا كانوا جزءا?ٍ من نظام? لم يتحدثوا عن تغيير وثورة ضد
حاكمهم إلا لأنهم تجرعوا مرارة الحرمان والقمع والسجون والتسلط والعزلة
والموت? ثم حين انتصرت ثورتهم كانوا زاهدين في السلطة والسلطان دون ان
يطلبوا ثمن تضحياتهم ودورهم…. بينما (جنرال الساحة) كان رأس السلطة
وعقل السلطان? بل كان الذراع الطولى للنظام حين خرج للثورة ضد نظامه?
وحين وصلت (ثورته) لهدفها تشبث بالسلطة والسطوة? وتاجر بدوره ليستلم
الثمن مقدما!!
يتحدث أن إزاحة (الرئيس صالح) كانت هاجسا يراوده قبل (ثورة الشباب)
بسنوات طويلة كضرورة لابد منها لتخليص الشعب من عبثه وأخطائه.. يصر على
تقمص دور جيفارا- الثائر المخل?ص- أو أحرار سبتمبر واكتوبر? متجاهلا أن
أولئك ثاروا لأنهم من عامة المطحونين والبسطاء? لم يعرفوا من الأئمة
والانجليز غير السيف والجلاد? والسجن والسجان? والجوع والمرض? والجبايات
والنهب? بينما جنرال الساحة كان من علية القوم? على رأس السلطة والثروة
والهيلمان? وفي قائمة النهب والبطش والفساد- قبل أن يتحول ثائرا في لحظة!
في هذا الحوار… يحاول أن يتنصل من كل مسئولية و”يطهر” نفسه من أدران
السلطة وأخطاء النظام? يرسم لنفسه دور الجندي الصبور على حاكمه (الجائر)?
والمستشار الصامت كالشيطان الأخرس لاحول له ولا قوة…. لكنه في لحظة
تجلي وشعور بنشوة الانتصار وكبرياء المنتصر سرعان ما ناقض نفسه لينكشف
حبل الكذب? وخيط خديعة أوهن من بيت العنكبوت.. حين اعترف بأنه كان الرجل
الأول في النظام- وليس الثاني!!????
ربما إحساسه بعقدة التفوق جعله يرفض تصغير شأنه في الحوار وتقليل مكانته
في هرم النظام? من قال انه كان أقل شأنا?ٍ من صالح? من العيب اتهامه بأنه
كان الرجل?ُ الثاني بعد (الرئيس)? بل كان قبله? كان أعلى من صالح!?
اعتراف صادم- بكل تأكيد- لكل الساحات التي برأته من تهمة السلطة… كشفه
بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا ونقمة على جبروت صالح? فطيلة عامين من صخب
التظاهر وخديعة الربيع الواهم ظل يعبئ الساحات ضد رفيق دربه ويكيل
الاتهامات بأن علي عبدالله صالح هو سبب كل المصايب في البلد لأنه رأس
النظام? ولأن الرئيس هو واجهة السلطة والرجل الأول في الحكم? ولايتحمل
المسئولية الكاملة إلا من كان رأسها!??
أما الآن وقد اعترف الجنرال بأنه كان الرجل الأول في النظام فقد كشف
الحقيقة وقدم دليل إدانته الدامغ عن الشخص الذي كان رأس المصائب والمتهم
الأول فيما وصلت اليه البلد.
ذات مرة قالها بعض المقربين: (صالح لم يحكم بعد- ويريد أن يتفرغ للسلطة
ولو لمرة واحدة) يبدو أنها لم تكن مزحة? لكن لم يكن يفهمها أحد غير
الجنرال.. ففي الوقت الذي كان علي عبدالله صالح يدير البلد بسياسة
التوازن والاحتواء ويضي?ع عمره وسنوات حكمه في مراضاة هذا واستيعاب ذاك?
يطفئ فتنة هنا وحربا?ٍ هناك? كان الجنرال يحيك له المصائب ويشغله بملفات
شائكة ويزج به في تحالفات تقليدية ويحرجه بالوساطات والتدخلات? كي ينشغل
عنه ويحكم بأريحية من وراء الستار!!
واضح أن الرجل الثاني- صالح- لم يكن ليضع حدا?ٍ لهذا المتعالي على رئاسته?
بقدر ما ظل يتقي شره طيلة سنوات حكمه? حتى لا يدخل معه في مواجهة طاحنة
يعرف خسائرها سلفا?ٍ على الشعب والبلد والدولة التي لا تحتمل المزيد…
فالجنرال- بجانب القوة والسلاح- يمتلك المال والسلطة? والعلاقات الواسعة
مع مثلث التيارات الضارية: الاخوانية والجهادية والقبلية? وهي علاقات
معروفة للجميع بدأت منذ زمن الجهاد الأفغاني الذي كان الجنرال ضلعا?ٍ
أساسيا فيه? كان هو محور تجنيد الجهاديين بداية الثمانينات وباعثهم إلى
كابول والشيشان? والداعم الرئيسي للقاعدة فيما بعد? لم يفتح لهم جبال
ابين فقط ليتخذوها مراكز تدريب لإسقاط السلطة الاشتراكية الشيوعية في
عدن? بل هو من كان يوصلهم قصور الرئاسة ويعقد التحالفات معهم ليسمح
للعناصر الأجنبية بالتسلل الى البلد وتسهيل تحركاتهم في كل مكان واختراق
الجيش والأمن والالتحاق بجامعة الايمان بعد أن أنشأها داخل منطقته? ويعقد
الصفقات مع وسطائهم لتجنيد عناصرهم في حرب الانفصال المؤسفة عام94? ثم