عن مواقف الرئيس هادي ?
بقليل من التدقيق والرؤية لأحداث الربيع اليمني بتفاصيله الكثيرة والمعقدة وتلك المقدمات الضرورية والممهدة له والمرتبطة بخصوصيات الواقع اليمني التي اسفرت جميعها عن النتائج المزدوجة والحتمية والتي أضحت معروفة لدينا جميعا , مما تشكل بمجملها تفاصيل الواقع الراهن والمشهد السياسي اليمني القائم وتتحكم به , الذي يستدعي بدوره مزيدا من التعقيدات المعيقة لاستكمال بناء المشهد في لوحته الجديدة التي تحدد ملامح العهد المنشود مما يفرض أيضا أعباء اضافية في سلم مهام واولويات رواد العهد الجديد كما يفرض تحديات صعبة ومعقدة ومتداخلة تواجه قيادته المحنكة والمجربة .
وهنا أنبرى كثير من قواعد وبعض قيادات العهد الجديد من المندفعين بعواطفهم والمتحمسين بثوريتهم لاستعجال تحقيق الأهداف المطلوبة لاستكمال رسم تفاصيل المشهد القائم بصورته المثلى المطلوبة ووضع خاتمة عاجلة له , وشاب ذلك شيئا من السلوك الغوغائي وبعض الأفعال المدمرة ,على طريقة استعجال المراحل وحرقها , ولذلك كان على الرئيس هادي الذي قبل بالأمانة الكبرى والمسؤولية الوطنية العظمى التي فرضت عليه في ظل هذه الظروف والمحن المصيرية أن يعمل في جبهتين متناقضتين وأن يسيطر على أفعال مزدوجة , الاولى في التصدي لمهام التغيير الصعبة والمتمثلة في استكمال اجراءات الانتقال السلمي والسلس للسلطة بحسب بنود المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة وكذا احتواء الأفعال المغامرة من بعض رواد المشهد والعهد الجديد .
ذلك المشهد القاتم فرض النهج الضروري والمطلوب من هادي لاستيفاء انجاز المهام الملحة والوفاء للمسؤولية الصعبة الملقاة على عاتقه مما أستدعى منه استحضار المزيد من الحكمة والصبر والامتثال للنهج العقلاني الرصين فوجد نفسه في مواجهة مع الطرفين المتحاربين (في معركة الخاسر الوحيد فيها هو الوطن والشعب اليمني ) أحدهما خصم اليمن المتربص والأخر فصيل متهور من صناع الغد المنشود , هذه المعركة الفائضة عن الحاجة والتي كان يمكن تجاوزها بشيء من حسن التدبير والاعداد المتقن في الوقت السابق للتوقيع على المبادرة الخليجية ولاحقا بالاصطفاف خلف قائد واحد سبق ان اخترناه بأنفسنا في 21فبراير 2012م وهو قبطان ماهر يدير الدفة بكل حنكة واتقان ان كنتم تعلمون .
نعم بمقدار عزيمة او وهن الرئيس هادي ترتسم ملامح انتصار او هزيمة وطن , اما بدخوله اعتاب مرحلة جدية واعدة بالخير والازدهار او انزلاقه في غياهب المجهول وهو نفق طويل مظلم من الضياع والتشرذم والاقتتال والدمار , فماذا نحن فاعلون وعلى أي محطة قادمون ?.
حدثني زميل وهو من مواطني احدى المحافظات الشمالية (الذي يجهل حينها كل شيء عن قائده العسكري هادي ) وهو ايضا من القيادات العسكرية التي رافقت هادي في قيادته لمحور البيضاء في الحرب سيئة الصيت العام 1994م , قال لي مستحضرا المواقف والعبر, نحن ظلمنا (هادي ) مرتين , الاولى كقائد عسكري كفؤ ومحنك في حرب العام 1994م حيث كنا نحن قادة الكتائب في جبهة البيضاء نضع التصورات لكلفة المعركة القادمة من افراد وعتاد في مهاجمة الطرف المقابل واقتحام مواقعه الحصينة ونتهيأ نفسيا ومعنويا للقادم من مهامنا القتالية ونتسأل في قرارة نفوسنا عن كفاءة قائدنا الجديد وقراره العسكري المرتقب , هذا القائد الذي نجهل عنه اشياء كثيرة بل كل شيء , ليفاجئنا بخطط عسكرية محكمة ومتميزة وغير متوقعة منا مطلقا, خطط تحرص على أقل الخسائر في القوات والعتاد في الطرفين , حجم المفاجأة حينها أن القائد هادي لم يكن يضع في اولوياته الحرص على أرواح ودماء جنوده فقط , بل والحرص على الطرف الاخر أيضا , اليس هم يمنيون ايضا ? ومجبرين على حمل السلاح بالأمر العسكري واجب النفاذ عليهم ?, يستطرد قائلا يومها واصلنا المعركة تحت قيادته بروح معنوية وقتالية عالية حتى وصلنا مشارف عدن وكلنا ثقة وايمان مطلق بقدرة وكفاءة قائدنا العسكري هادي الذي لم نحضي بقائد مثله من سابق ومازلنا .
أما المرة الثانية فكانت في الحاضر , في اساتنا لتقدير كفاءته وقدراته القيادية في الجانب السياسي والعسكري ايضا,عندما حشرنا أنوفنا في مواضيع عمل اللجنة العسكرية المنبثقة عن المبادرة الخليجية واصرارنا على نقد عملها واتهامها بالتأخير والتقصير في انجاز مهامها الخاصة بإعادة هيكلة الجيش و متجاهلين اتها تحت رئاسته وتعمل بتوجيهات منه وهو أكثرنا خبرة وقدرة وكفاءة في هذا الجانب ولكنه القلق المشروع احيانا والمبالغ به احيانا أخرى من بعضنا .
ولكل ما سبق وجدت أنه من المناسب والمفيد أن اسوق في مقالي هذا بعض من الحقائق الثابتة والمتمثلة في مقتطفات من تصريحات الرئيس هادي المسؤولة وشيئا من مواقفه المشرفة التي تعبر عن فهم عميق لطبيعة المرحلة المعقدة ومهامها الكبيرة وتجسد حرص كبير منه على أمن وسلامة واستقرار الوطن والمواطن اليمني , بل ان الأمر في حرصه يتجاوز الوطن اليمني ليصل إلى الاقليم والوطن العربي ويشمل الانسانية جمعاء . وهاكم الأمثلة البينة الدالة على حقي