خمسينية سبتمبر بداية التغيير
بكل تأكيد لو اختار سبتمبر أن ي?ْحتفل بعيده الخمسين- كواحد من الأشهر الخالدة التي حقق فيها اليمنيون انجازا?ٍ كبيرا?ٍ تمثل في قيام الثورة صبيحة 26 من سبتمبر 1962م- لما اختار أن يكون في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها امتنا? فلو جاء في غير هذا الموعد لكان لنا جميعا?ٍ معه شأن آخر? ولعلت الأفراح في كل زاوية من وطننا الحبيب.
الظروف -الصعبة- المحيطة بخمسينية سبتمبر ينبغي ألا تنسينا أهمية الاحتفال به كباكورة افتتح بها شعبنا نضالات استمرت على مدار الخمسين عاما?ٍ المنصرمة? فبعد تحقيق ثورة 14 من اكتوبر 1963م? ثم الاستقلال عن المحتل البريطاني الغاصب في 30 نوفمبر 1967م? ومن ثم? قيام الوحدة المباركة في 22 من مايو 1990م… بعد كل تلك السنوات وما حفل بها من تغيرات مهمة? لا زلنا نعيش في نهج تلك التغيرات. فالأزمة التي عصفت بالبلاد منذ فبراير 2011م? لم تكن نتيجة لحظتها? ولكنها كانت إفرازات لقصور في التغيير الحقيقي طيلة الخمسين سنة المنصرمة.
أثبت العيد الخمسون من عمر ثورتنا المجيدة أن التغيير الكامل والشامل لم يحدث رغم هذا العمر الطويل? والعيب ليس في أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر والوحدة الخالدة? ولكن في العقليات التي تعاملت مع ما نتج عن تلك التحولات التاريخية التي لم تستوعب كل التكوينات السياسية والاجتماعية والثقافية? ولهذا فقد كان التغيير جزئيا?ٍ إن لم يكن شكليا?ٍ في بعض الأحيان? ومن هنا جاءت الحاجة لصنع تغيير شامل بمشاركة كل الأطراف بعيدا?ٍ عن الإلغاء والإقصاء والتهميش.
ونحن نحتفل باليوبيل الذهبي لثورتنا السبتمبرية ندرك تماما?ٍ أننا لا نعيش عصرنا الذهبي? فما نمر به يشير إلى أننا يمكن أن ندرك ذهب سبتمبر في السنوات القادمة? شريطة أن لا نعيد انتاج التاريخ السابق الذي أعقب سبتمبر 1962م? فخلال السنوات الماضية اجتهد كل طرف على ضرورة اثبات وجودة? لا إثبات وجود سبتمبر? ولو كان ذلك على حساب الأهداف النبيلة التي دعت إليه الثورتين السبتمبرية والاكتوبرية? فالبحث عن المغان والاستحواذ كان السمة البارزة التي طغت على ما بعدهما وما بعد تحقيق الوحدة المباركة? وبطبيعة الحال فالباحث عن الغنيمة لا يهمه إن ساد العدل أو طغى الجور أو شبع الناس أو جاعوا? المهم لدية أنه حقق مبتغاه الشخصي فقط.
ولهذا فإن التاريخ سيعيد نفسه إذا لم نستفد من التغيير السلمي الذي قاده الشباب? ونفذه الرئيس السابق على عبد الله صالح ومعه شركاء العمل السياسي من جميع الأحزاب? ويسير على تحقيقه الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية الى جوار حكومة الوفاق الوطني… فلن يكتب لهذا التغيير النجاح التام إذا تعاملنا مع نتائجه بنفس تعاملنا مع ثورتي سبتمبر واكتوبر والوحدة المباركة? ولكي نسر نحو التغيير علينا أولا?ٍ نسيان الماضي مع إصلاح الأخطاء التي حدثت فيه? وثانيا?ٍ التعامل مع المستقبل من وجهة أن التغيير هو لليمن لا من أجل الأفراد.
ليس عيبا?ٍ أن نقر ونحن نحتفل بالعيد الذهبي لثورة سبتمبر أن أهدافها لم تتحقق كما رسم لها مفجروها? لا كما أراد لها من استلموا السلطة بعدها? ولكن العيب ألا نتعلم بعد خمسين سنة? والعيب الأكبر أن نحتاج الى مثلها من السنوات كي ندرك حقيقة التغيير.
ورغم كل المعوقات التي رافقت سنوات بتمبر الخمسون الماضية في جوانب شتى? إلا أن انكار وجود بعض بوادر التغيير فيه إجحاف كبير.. فخلال الخمسة العقود الماضية استطعنا ان نتجاوز روايب التأخر التي كانت تحيط باليمن? وإن كنا لم نستطع أن نلحق بركب التغيير العالمي? إلا اننا وضعنا أقدامنا على بداياته? فالثورة اليمنية حققت الكثير? وإن لم تبلغ ما يتمناه اليمنيون منها? إلا أن التعددية السياسية وحرية التعبير وتوسع التعليم وانتشار شبكة الطرق والتقدم في العلاقات السياسية مع العالم الخارجي? جميعها ركائز إيجابية جعلتنا ندرك أننا ما زلنا لحاجة الى تغيير شامل على كافة الأصعدة.
كما أن اليوبيل الذهبي لا يمكن تكراره? فإن تكرار الماضي يصعب استيعابه? فالناس فهمت اليوم المعنى الحقيقي للتغيير? ولهذا فإنهم لن ينخدعوا بالداعمين المزيفين له? والذين يرمون من خلاله تكرار نفس الغنائم التي حصدوها عقب كل تغيير سابق? ومن هنا فإن ذهبية سبتمبر هي الانطلاقة الحقيقية لعجلة التغيير التي بدأت يوم 21 من فبراير 2012م? وبإذن الله سيكون الاحتفال باليوبيل الذهبي للتغيير مغايرا?ٍ تماما?ٍ لما نعيشه اليوم? ومن أرز مظاهر التغيير أن يلتئم شمل الجميع تحت قبة الحوار الوطني من غير تمييز أو استثناء.
إن أرواحا?ٍ غالية وهبت نفسها لكي تقوم ثورة 26 من سبتمبر? لفتح اليمنيون عهدا?ٍ جديدا?ٍ فرحمة الله تعالى على شهداء الأمة اليمنية? الذين ضحوا بأرواحهم الغالية من أجل خير هذا الشعب ورفعته? والخلود والبقاء للأهداف النبيلة التي قامت عليها الثورة والمستمدة من مبادئ ديننا الحنيف الداعي الى العدل? ونشر العلم? وتشجيع الإبداع وحب الوطن? والاعتصام بحبل الله تحت راية التوحد والتوحيد.. عاشت اليمن حرة موحدة? و