الذكرى الخمسين للثورة اليمنية آلام بلا آمال
يصادف أن يحتفل اليمنيون بالذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) لثورتهم الأم السبتمبرية والتي توافق 26-سبتمبر وهم يعيشون في حاله من الفوضى والشتات والفرقة والفتن والمحن تحت منظور ثورة أخرى ولكن شتان بين الأولى وهذه ,,, فهذه الثورة التي قامت في 2011م إن هي إلا أسماء سموها هم وآباؤهم وما أنزل الله بها من سلطان وإن يتبعون إلا الظن وإنهم إلا يخرصون ,,, فالتنازع على السلطة لا ي?ْطلق عليها ثورة على الإطلاق ,,, وتسليم اليمن إلى محتل أجنبي ووضعها تحت الوصاية الخارجية لا يمكن أن ندرج أسباب هذا التسليم والوصاية “ثورة على الإطلاق” ,,, وتواجد رموزها في أوروبا وأمريكا وقطر وتركيا يتقلبون في نعيم الحياة الرغيدة التي وصلوا إليها بعد أن سلموا أوطانهم للغرب لا يمكن أن نطلق عليها ثورة وعليهم ثائرون ,,, وتسهيل دخول قوات المارينز الأمريكية لليمن وهم فاتحي أفواههم متشرأبي أعناقهم ب?ْلداء خ?ْرصاء لا يمكن أن يقال عليهم ثوار ,,,نعم ,,, تأتي الذكرى الخمسين للثورة اليمنية السبتمبرية ونحن تحت احتلال أجنبي والأكثر مأساة أننا سنحتفل بذكراها ,,, وأي ذكرى !!!
– كنا خلال الأعوام الخمسين الماضية نحتفل بذكرى الثورة اليمنية ونحن نحمل على إعتاقنا آمال عديدة ,, آمال تحررية ,,, آمال تنموية ,,, آمال نهضة وبناء وتعمير ,,, وكنا نعيش تحت إداراتنا الذاتية وقراراتنا الداخلية وإمكانياتنا المحدودة ولكننا كنا راضين عن كل هذا ومستقرين فرحين مستبشرين هانئين ننظر إلى التلفاز فنشاهد جيش اليمن وأمنه كل يوم في تطور ورقي ومن قوة إلى قوة ,,, وننظر إلى التغيرات التنموية التي تحصل على الأرض – رغم محدوديتها – ولكننا كنا فرحين بها بقلوب مطمئنة يغمرها الرضا والبحث عن الأفضل والمزيد والأكثر قائلين عسى يأتي العام القادم ونحتفل بذكرى الثورة ونحن في حال أفضل ,,, كانت شعلة الثورة اليمنية تضيء جميع مناطق اليمن من المهرة مرورا بحضرموت ثم شبوة وأبين وعدن ولحج والضالع وتعز وإب والبيضاء والحديدة وريمه وذمار وصنعاء وحجة وعمران وصعده والجوف ومأرب وكل جزء في أرض اليمن الحبيب والكل وبلا استثناء – حتى من قامت الثورة ضدهم – يهنئ الشعب اليمني قاطبة على هذه الاحتفالية وهذه المنجزات ,,, كنا وكنا وكنا ويا ليت “كنا” واحدة مما كنا تعود علينا ولن تعود أبدا تحت ظلال عملاء الغرب .
– آلام نعيشها في هذه الذكرى الخمسين والتي جاءت متزامنة مع دخول جنود أمريكيين أرض اليمن وعبر منافذها المدنية والعسكرية وفي وضح النهار وتحت حماية الحاكم والحكومة اليمنية مستبشرين ومفتخرين بهذه الأحداث والأعمال ,,, تأتي هذه الذكرى والأرض اليمنية مدنسة بأقدام وأجساد هؤلاء الذين جاءوا لليمن غازيين وحاكمين ولم يأتوها سائحين أو زائرين أو عاملين ,,, آلام نعيشها واليمن على شفا انفجار تشطيري من أقصاه إلى أقصاه ,,, آلام نعيشها واليمن في عجلة تدور بعكس عقارب الساعة وللخلف بوتيرة أسرع من حركتها للأمام وربما سنعود الخمسين العام في غضون أقل من عام واحد ,,, آلام نعيشها في ذكرى اليمن الخمسين ونحن في خضم معارك سلطوية مذهبية مناطقية حزبية لو تستمر على هذا المنوال فلن تبقي ولن تذر ,,, آلام نعيشها وسنحتفل بذكراها وقد أصبح مسمى “ثائر” بضاعة بخسة قد يتقمصها أي فرد حتى لو كان عميل للغرب أو مرتزق أو لص أو قاتل أو رجل أعمال كبير أو كان تاريخه العملي فاسد من العيار الثقيل والمتوسط وأحيانا الخفيف ,,, ولعل أهم خطوة قام بها رئيس اليمن الجديد عبدربه منصور أنه ترك اليمن في خضم احتفالات اليمن لأنه يدرك تماما أن الاحتفال والفرح بهذه المناسبة في هذه الظروف ماهي إلا كرقص الطير مذبوحا من الألم ,,, فهذه آلام من فوقها آلام ومن فوهن جميعا آلام إذا خرجنا من آلام تتلقفنا آلام وآلام دون أن يكون هناك في الأفق ولو شعاع بسيط للآمال أو لأمل واحد ,,, والله المستعان.