مما لا شك فيه أن النماذج الفرعونية الظالمة، تتكرر وتمارس ذات الدور المستبد، في كل زمان ومكان عبر التاريخ، ولأن الله لا يقبل الظلم لعباده، فإنه ينزل عقوبته الشديدة على الظالمين، فيقطع دابرهم، ويصيبهم بالخزي والهوان، ويجعلهم عبرة لغيرهم، بحيث يرتدع المستكبرون، ويكفون عن ممارسة طغيانهم، بينما يأنس المستضعفون، ويثقون بوعد الله، وسنته في إهلاك أعدائه، وتمكين أوليائه وخاصة عباده.
يذكر لنا القرآن الكريم، الكثير من القصص والمواقف، التي سجلت نهاية الظالمين، وفي مقدمتها، قصة فرعون، الذي نجاه الله ببدنه، ليكون لمن خلفه آية وعبرة، وبذلك يحدد الله تعالى مسار الفوز والفلاح لعباده، وضرورة أن يستجيبوا له، لأن الاستجابة له هي لصالحهم، وفيها عزتهم وكرامتهم، وأنه سينصرهم، مهما كان بطش المتسلطين عليهم، إذ أنه لا مجال للحرية، إلا بالاستجابة لله تعالى، وكما خلد الله تعالى، قصة فرعون في القرآن الكريم، فقد أبقى جسده، عبر الزمان، لكي تترسخ الحقيقة في أذهان الأجيال، وترتبط السنة الإلهية بالوعي الفكري، ويتعمق الإيمان بشاهد تاريخي حي، موجود لا محال لإنكاره.
قدم فرعون نفسه مخلّصا ومنقذا وهاديا ومرشدا لقومه، بقوله (وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، بينما هو يقتل أبنائهم ورجالهم، ويستحيي نسائهم، ويستعبدهم ويستذلهم .
وبنفس الأسلوب الفرعوني، قدم ابن سلمان وابن زايد نفسيهما لأبناء الجنوب والمحافظات المحتلة، والعتب على إخواننا في المحافظات المحتلة، كيف يقبلون بهذه النماذج الفرعونية، وكأنهم لم يسمعوا ولم يعرفوا طبيعة الفراعنة، في أفعالهم وتصرفاتهم وسياساتهم، حتى بعد أن ظهرت حقيقة فرعون بن سلمان وهامان بن زايد، وهم يقتلون الأطفال والرجال والنساء، ويحتلون الأرض ويسرقون الثروات والخيرات، وكانوا هم سبب معاناة أبناء الجنوب اليمني المعيشية، وانهيار العملة والاقتصاد، والكارثة إن البعض مازال يصدق، إنهم يهدونهم سبيل الرشاد، خاصة وقد قدموا (رشاد العليمي).
فأي رشاد أرشدوكم إليه؟
هل إلى حقن دمائكم؟ أم إلى تنمية اقتصادكم؟ أم إلى رفع معاناتكم؟ أم إلى تحريركم من عبادة الطاغوت؟ أم إلى صيانة أعراضكم وحقوقكم؟، إلى متى ستظلون في تصديقكم، بأنهم يهدونكم إلى سبيل الرشاد؟.
بنوا إسرائيل وسحرتهم سجدوا وآمنوا بمجرد أن عرفوا حقيقة واحدة أتاهم بها نبي الله موسى عليه السلام، حينما ألقى عصاه، فإذا هي تلقف ما يأفكون.
ألم يأتكم السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي – يحفظه الله – بحقائق جلية في المناطق المحررة، وكيف سعى لتأمينها واستقرارها، وحد من الصراع والثارات، وحل جميع المشاكل، وزراعة الأرض، واستقرار صرف العملة، والنمو الاقتصادي، والوحدة السياسية، وتحرير الإنسان من فراعنة العصر، ألم توقنوا بعد، أن صرخته – منذ ألقاها – قد لقفت ما يأفكون، وأبطلت ما يخططون له من شر، وما يمكرون.
أليست هذه كلها حقائق ملموسة، وأنتم تعرفونها.
ألم يأن الأوان لتعرفوا من الذي سيهديكم سبيل الرشاد فتتبعونه، حتى لو أوصلكم إلى ساحل البحر، فإن معه ربه سيهديه، وينجيكم، وسيسترجع نفطكم وغازكم وثرواتكم، فإن قلتم إنا لمدركون، سيقول لكم ( كلا إن معي ربي سيهدين .. فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق….. ) فالله تعالى هو من سيهديه، ويقول له اضرب بصواريخك البحر، لتنفلق بوارجهم، وتغرق آمال فرعون بن سلمان وهامان بن زايد.
كما كان البحر نهاية فرعون وهامان وجنودهما، فإن المعركة القادمة هي البحر، ونحن مستعدون لخوضها بعون الله، وقد أعددنا لها عدتها، ليفعل الله بهم كما فعل بفرعون.
{فَٱلۡيَوۡمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنۡ خَلۡفَكَ ءَايَةٗۚ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنۡ ءَايَٰتِنَا لَغَٰفِلُونَ} .