جامعة صنعاء والخميس المشؤوم
نعم لقد كنت من أشد المنتقدين لنهج وسلوك نقابة هيئة تدريس في جامعة صنعاء فيما يتعلق بلجوئها الى طرق غير قانونية في الحصول والاستيلاء على أرض معلومة هي من أملاك الدولة مخصصة للمصلحة العامة وتتبع الحرم الجامعي وتحويلها الى ملكية خاصة تتبع النقابة ثم توزيعها على أعضاء هيئة التدريس بطريقة غريبة لا تراعي في ذلك الانظمة والقوانين والمصلحة العامة ومصلحة الاجيال القادمة , كذلك استنكرت اصرارهم على اجراء انتخابات للقيادات الاكاديمية بالجامعة دون الاستناد الى ارضية قانونية او آلية رسمية معتمدة من الجهات الحكومية المختصة وكذا بالمخالفة للقوانين النافذة بهذا الخصوص بحيث يتم ايجاد سابقة خطيرة يقاس عليها و تبرر لأفعال مشابهة في المستقبل وتؤسس لقانون الغاب .!
وعندما أصر الجميع على الاستمرار في غيهم (مناصرين ورافضين لتلك الانتخابات ) وأعدوا بصورة غير حضارية للذهاب والتواجد في الموعد المقرر في الزمان والمكان المحدد لإجراء تلك الانتخابات (في الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس الموافق 20 /9/2012م في قاعة الشهيد ياسر عرفات بكلية التجارة في الجامعة الجديدة), حذرنا من فتنة قائمة وحوادث محتملة لا يحمد عقباها , ومن عدو معلوم متربص بالجميع هو الوسواس الكامن فينا الذي يحرض على الشر ويؤجج لنار الفتنة ويزرع بذور الخلاف والشقاق .
أما بعد , فأن التفاصيل اللاحقة لما جري وكان في ذلك الخميس المشؤوم والوقائع الأليمة لما بات معروف بالخميس الأسود في جامعة صنعاء , مما حذر منه الجميع وخاصة اساتذة اجلاء في جامعة صنعاء وغيرهم , محذرين من إيقاظ الفتنة واشياء اخرى , فقد كان من المفترض والبديهي وفي صرح علمي جامعي رائد يمثل عقل الامة وضميرها النابض عدم استخدام القوة ضد مشروع الهيئة الادارية للنقابة , كان لابد من تغليب الحكمة لا تغييبها , كان من المفترض من الطرف الممانع الحرص على منع الاعتداء على زملائهم في المهنة وشركائهم في الحرم الجامعي والاكتفاء بالاعتصام ورفع الشعارات وأن يسمحوا للطرف الأخر المخالف لهم بالرأي من دخول القاعة المخصصة لفعاليتهم وأجراء الانتخابات ويتركوا للنقابة ان تتم عملها (وحسنا فعلت النقابة وأعضاء هيئة التدريس بإيثارهم الحكمة وسلامة الطرفين كافة بتأجيلهم لفعاليتهم تلك إلى موعد أخر لاحق ) .
ولنفترض أن النقابة نجحت في استكمال عملها وأجرت الانتخابات بحسب برنامجها المعد والمعلن عنه سابقا , فهوا المولود الناقص (أو الميت ) بدون وجود جهة رسمية تتواجد وتراقب ثم تعتمد وتبارك نتائج تلك الانتخابات وتبث فيها الروح والحياة وتمنحها الهوية والصفة والشرعية وتسمح لها بالاستمرارية والبقاء, اذن أعمال الرفض والمنع واستخدام القوة لم يكن لها من داع منذ البدء وهي مرفوضة في الاول والاخير , وهي معيبة خاصة عندما تأتي من زملاء اعزاء يفترض بهم الوفاء للزمالة وحماية الحقوق والحريات وصونها بل والدفاع عنها لا قمعها ,ثم أنهم شركاء في الحرم الجامعي الواحد والرائد في الوطن . ورغم رفضنا لإجراء الانتخابات بتلك الطريقة فأنه كان الأجدر بالرافضين للانتخابات الاكتفاء بالتجمع والتظاهر بل حتى والاعتصام للتعبير عن وجهة نظرهم ومصالحهم المتضررة من مثل هكذا أجراء وترك الأخريين يعبروا كذلك عن رأيهم ومصالحهم في اجراء تلك انتخابات ثم يتم اللجوء للجهات وللأطر المختصة والمسؤولة في الدولة ومنظمات المجتمع المدني ذات الشأن والعلاقة بحكم القوانين واللوائح المنظمة .
كما يمكننا أن نلجأ للقضاء ان استدعى أو تتطلب الأمر ذلك , كان من المهم أن نمتثل للقانون ووسائله الذي طالما تشدقنا به وطالبنا بالاحتكام اليه وسيادته على الجميع هذا القانون والقضاء الذي يجب أن يكون عادلا ويسود على البلاد والعباد عامة ويحقق لنا المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص . اما الان وقد صار ما صار , فخيار النقابة بالإضراب هو الخيار العادل والحاسم والسليم والمباح قانونا والذي كان من المفترض أن يتم اللجوء اليه ابتداء من النقابة لانتزاع الحقوق والمطالبة بتنفيذ العهود في التصحيح والتغيير ,وعلى الجهات المسؤولة في الدولة وفي طليعتهم دولة الاستاذ محمد سالم باسندوة رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى للجامعات وفخامة الاخ الرئيس عبدربه منصور هادي ان يسارعوا بحسم هذه القضية حرصا على عدم اتساع الفتنة القائمة حاليا والقضاء عليها , والأهم الحرص على مصلحة الاجيال الواعدة وحقهم في العلم واستقرارهم في التحصيل العلمي . ويجب أن يكون مثل هذا الاضراب القائم حاليا مكرس لرفض ما صار من ظلم وعنف واعتداء على اعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء ولا شيء أخر غير ذلك (فتغيير الادارة ليس موضعنا ومطلبنا هنا والأن , فتتداخل الأمور ويضيع الحق ) وللمطالبة بسيادة القانون واجراء التحقيق لمعرفة الحقيقة وكشف المعتدين ومعاقبتهم ليكونوا عبرة لأخرين ممن تسول لهم نفوسهم القيام بذات السلوك المشابه ..ولحماية الحرم الجامعي ومنتسبيه من أي اعتداء أخر مماثل .
ونتضامن مع النقابة و