مشاهد من ثقافة الكراهية في عدن
في عدن مشاهد يومية كثيرة وزاحمه لا يتسع المقام هنا لذكر أقل القليل منها ? ولكن لا بأس من استعراض نماذج منها ربما تتكرر كل يوم عشرات المرات بصورة أو بأخرى .. هذه النماذج هي في المحصلة تكفي لترون عدن إلى أين وصل حالها ? وترون (الحراك) أين وصل إن كان هذا هو الحراك .. ولكننا على يقين أن هذا ليس الحراك الذي سندناه وانحزنا إليه ووقفنا معه ولا زلنا نسانده إلى اليوم ..
ومهما حدث لن ننتقص من قضية ذاك الحراك الأصيل المملوء جمالا والنابض بعشق الحرية مهما فعلوا بنا البلاطجة والأوباش وذوي العاهات ..
* شاب منفلت اليد واللسان مملوء بالنزق والصياعة لا يتجاوز عمره عشرين عام يردد شعار “ثورة ثورة يا جنوب” وهو يعتدي على أستاذ جامعي في العقد الخامس من عمره لمجرد أن الأخير خرج في مسيرة تطالب باستعادة ميناء عدن علما أن أستاذنا هذا من أبناء عدن وأحد مؤسسي الحراك ..
ماذا حدث لعدن وماذا حدث للحراك ?!! هل صار البلاطجة يد الحراك ووسائله لإيصال رسائله للناس ??!! ولماذا عدن اليوم صارت عشرون إمارة وإمارة ?!! هل نال منها المرض كل هذا الوجع أم هي صارت على حد وصف صديقي محمد الصلوي ” تعالج صداعها بأسبرين منتهي الصلاحية” .. عدن التي عرفناها تختلف .. عدن التي عرفناها مملوءة بالطيبة والحب والجمال حتى في اشد لحظات انكساراتها ..
* قيادي في الحراك كان إلى عهد غير بعيد ضابط بالأمن القومي يقول لأستاذ جامعي يعمل في جامعة عدن “سوف نصفيكم وندخل بيوتكم ونستبيح أعراضكم” .. ولماذا يعمل هذا ?! يعمل هذا لأن الاسم الثاني والثالث يوحي أنه من الشمال في حين أنه في الحقيقة من مواليد عدن أبا?ٍ عن جد ..
هل صار الأمن القومي يقود الحراك في عدن ?!! هل أنتصر علي عبد الله صالح عليها وورثها مائة سنة قادمة نحتاجها لنتحرر من موروثة وأمراضه .. هل من يدعون أنهم قادة الحراك قد صاروا دون وعي ينفذون سياسات صالح التي عجز عن تحقيقها وهو على رأس السلطة ?!!
حتى الأسماء في عدن صار الناس يدفعون كلفتها .. هل يريدونا أن نعيد تسمية آباءنا وأجدادنا ليرضون عنا ?!! هل يريدوننا أن نحاكم اجدادنا لأنهم لم يكن يعلمون إن زمن تعس مثل هذا سيأتي وأن احفادهم ستسفك دماؤهم وتزهق أرواحهم بسبب أسماؤهم..
* مواطن من أبناء عدن ـ ولمزيد من التعريف جده جاء إلى عدن من الشمال عام 1910 ـ دخل هذا المواطن إلى مكتب رئيس تحرير صحيفة في عدن وفيما كان رئيس التحرير يستقبله ثم يعرف به لشخص آخر موجود في مكتبه أنتفض هذا الأخير لمجرد اقتران الاسم الأول بـ (الحكيمي) ليقول له ودون سابق معرفه: سوف نصفيكم وووو…. فيما كان رئيس التحرير يحاول إقناع هذا الشخص العدواني أن الضيف من مواليد عدن وليس من مواليد الشمال .. يا له من دفاع !!.. هذا رئيس تحرير صحيفة يفترض انه ينشر الوعي ويشارك في صنع توجهات الرأي العام ينبري مدافعا على الجينات أنها من عدن .. طيب وإذا كان من مواليد الشمال هل يحق لهم تصفيته .. هل مكان الميلاد صار في عدن تهمة تستحق لمقترفها القتل .. انكم يا هؤلاء تصنعون مذابح عنصرية قادمة .. يجب أن نسجل على هؤلاء “خطر” ليس على عدن فحسب ولكن على الجنوب وأهله ومستقبله .. وعلى اليمن جنوبه والشمال..
* مواطن آخر أختلف مع شخص كان يجلس جواره بمقيل وفجأة ينفجر في وجهه ويتهمه بأنه محتل .. ثم قهقه القوم في المجلس لأن من أسماه بالمحتل كان عدني ومن أصل حضرمي ..
ما هذا الهوس ? ما هذا الجنون .. ما هذه الثقافة .. هل مثل هذه الثقافة تصنع للحراك مدنية ومستقبل ..
إن من يبث ثقافة الكراهية ويعتبر كل آتي من الشمال إلى الجنوب دحباشي ومحتل غير مؤهل أن يحمل قضية عادلة كالقضية الجنوبية .. ولا يمكن لمن يحمل في ذهنه وذاكرته ألف مرض وعاهة ان يقود نضال شعب أو أن ينظ??ر لمستقبله ..
* مجموعة من (إياهم) أيضا كانت تعتدي على شخص بوحشيه في الهاشمي بالشيخ عثمان ويقولون له قول لنا هل أنت جنوبي أو لا .. قل لنا فقط .. تدخل الناس واستطاعوا إنقاذ حياته .. وذهب الرجل وهو يحمل أوجاعه ووطن مثخن بالجراح وقلب دامي ينزف .. فيما مواطن متحسر من المشهد علق بالقول: لقد نجح علي عبد الله صالح علينا ..
وتسأل مواطن : لماذا يصبون على الرجل هذا القدر من العدوان ?!! وأجاب آخر : لأنه جادلهم وأراد انتزاع حقه في الحضور والتضامن مع الدكتور ياسين سعيد نعمان والدكتور واعد باذيب..
ولكن ما علاقة الجغرافيا بالأمر ?! إنه الجهل المتسيد على العقول وثقافة الكراهية والعنصرية التي لا ترى ولا تميز ولا ترحم ..
إن ما يحدث في عدن والجنوب عموما او في غيرها من مدن ومناطق اليمن يجب على النخب التصدي له لأنه خطر قادم على الجميع .. وإن الصمت على التحريض والسلبية أمام نشر ثقافة الكراهية لن يقود إلا إلى متاريس ودماء بريئة كثيرة ستسفك وخراب ودمار على اليمن شمالا وجنوب ..