في مؤسسات الدولة? تغيرت بعض الوجوه لكن الحال واقف!!
النكتة الموسمية بعد العيد هي تقارير الخدمة المدنية بأن الانضباط الوظيفي 88% في معظم المؤسسات الحكومية? ولا أظن أن من يكتب التقارير جاهلا لما يحدث? فهو يعلم أن نسبة 99.9% ممن يحضرون للمؤسسات في سبلة العيد لا يحضرون لممارسة العمل? وإنما يحضرون لسلام العيد على الكراسي الكبيرة? وتقديم المجاملات الرمادية ? وأكل ما تطاله أيديهم من جعالة العيد..وعلى فكرة تختلف درجات جعالة العيد من مكتب إلى آخر بحسب الكراسي? ويظهر الاختلاف واضحا في الزبيب واللوز..
في الأيام الأولى بعد إجازة العيد? تكتظ المكاتب الحكومية بالمعايدين? يتوافدون أفرادا وجماعات على مكاتب المسئولين للمعايدة وسلام العيد ?وسلام العيد في المؤسسات الحكومية هو سلام للكرسي وليس للشخص الذي على الكرسي بدليل أنه إذا غادر هذا الشخص كرسي القرار فلن يعايد عليه غير أولاده وأقاربه إن أحسن معاملتهم أثناء توليه المسئولية…
ولا شك أن من أهم أسباب معايدة الكراسي وليس الأشخاص هو ما يشعر به الناس من تذمر وغيظ من ضعف المسئول أوعجزه أو عدم رغبته في إحداث التغيير الذي ينتظره الناس? ويزيد من تذمر الناس من المسئولين ما يلاحظونه من انفلات في المؤسسة? وبطء في تصحيح الوضع? ومن سرعة في تدهور أوضاع مؤسساتهم…
قد ينضبط الموظفون في مكاتبهم بعد سلام العيد? لكن ما الفائدة من انضباطهم إذا كان الوضع باق على حاله?!! لا أزيح الفاسدون? ولا تم تمكين الشرفاء? ولا فتحت ملفات فساد في أي مؤسسة ? ولا تم حتى تقليص دور الفاسدين في أي مؤسسة!!..
لا زلنا نعيش حالة تخدير عام في انتظار المستقبل الواعد? ونخاف أن يطول الانتظار وتنشأ جلود جديدة للفاسدين تمكنهم من تجديد أساليبهم في النصب والاحتيال والبقاء أطول وتتحول الثورة إلى بورة? ويصبح كل الشباب مشاريعا انتحارية…
لا شك أن هذا الوضع يقلق الناس جميعا حتى الذين يقعون على رأس المؤسسات قلقون? لكنهم مستسلمون لخصائص المرحلة التي فقدت هويتها في ظل التخبط? فلا هي انتقالية ولا هي تثبيتية? حتى عدها الناس (فترة انتقامية) على كل المستويات..
وعلى الرغم من ميل بعض المسئولين إلى التخفيف من حدة الوضع وكسب رضا الناس بإحداث تغييرات في داخل المؤسسات عن طريق تدوير الأشخاص القدماء في مكاتب المؤسسات من مكان لآخر? إلا أن هذا التدوير غير مقبول لأنه تدوير شكلي? ولأنه لم يغير الحال إلى الأفضل? بل تغير الحال إلى الأسوأ? وصارت معظم المؤسسات تعيش حالة إرباك بسبب التغييرات السريعة لموظفيها ? فما إن يتعرف الموظف على المهمة التي ك?ْلف بها إلا ويتم نقله إلى مكان آخر? ويا ليتهم يبقوا كل موظف مكانه ويحاسبوه على أدائه? ربما يكون الحال أفضل!!!..
للأسف لا يزال التغيير المنشود بعيدا عن الواقع? فالتدوير الذي يحدث يتم بناء على قاعدة( إقلاق الموظف حتى لا يتمكن من الفساد)? ولا أظن أن الفساد سينتهي بهذه الطريقة? بل ظهر فساد جديد ? فقد صار ملاحظا في المؤسسات الحكومية أن الحال واقف تماما? وفلم يعد الموظف قادرا على حل مشكلة مع أي مواطن? ولم يعد المسئول المباشر عليه قادرا على اتخاذ قرار بتصحيح وضع أو ضبط موظف أو إحالة فاسد إلى التحقيق? ويظن المسئولون الكبار وراء الكواليس أن وقوف حال المؤسسات هو مؤشر حقيقي لتقلص الفساد? بينما العكس هو الذي يحدث? فحينما تتوقف الخدمات العلنية في المؤسسات? ويشعر الموظف أنه مكتوف اليدين رسميا? تنشأ أسواق سوداء لبيع الخدمة لمن يدفع أكثر? وتظل الخطبة هي الخطبة والجمعة هي الجمعة إلى أجل غير مسمى…
لقد بدأت بعض الإرهاصات بأن الأمور لا تسير نحو الأفضل في المؤسسات الحكومية حتى وإن تغير بعض المسئولين الكبار? لأن كثيرا ممن يتولون المؤسسات لا تزال تحكمهم قيم الخوف من اتخاذ القرارات الصحيحة? أو أن لديهم حسابات أخرى للتغيير ليس من بينها اقتلاع الفاسدين وبناء المؤسسة التي يتولونها? مما جعل الكثير منهم يحجم عن اتخاذ القرارات الصحيحة خوفا من رموز الفساد? أو حرصا على البقاء في الكرسي فيتخبط في قراراته إن اتخذ القرار… ولذلك صار كثير من المسئولين الكبار مصدرا للقلق وإضعاف المؤسسة أكثر مما كانت عليه..
وهناك قصص عديدة للتخبط وعدم إخلاص النية في المؤسسات الحكومية? فمثلا في إحدى الجامعات اليمنية أراد رئيسها تحت ضغط الجمهور أن يمنع الفساد في أحد المراكز المدعومة بمنح مالية من الخارج ? وبدلا من إقالة المتسببين في الفساد ومحاسبتهم على ما مضى اتخذ قرارا بمنع صرف أي مبلغ فوق الـ1000 $ إلا بتوقيع رئيس الجامعة? ونسي أن صرف أقل من 1000$ في غير موضعه يعد فسادا?!! وماذا لو تم تسريب أموال المركز يوميا على مبالغ أقل من السقف المحدد!! ?
وفي إحدى الجامعات أيضا تم التحقيق في قضية فساد من قبل وزارة التعليم العالي? وبعد مخاض التحقيق الذي استمر ما يقارب من العام الكامل صيغ التقرير النهائي وقدمت صورة منه لرئيس الجامعة دون أن تتخذ وزارة التعليم العالي أي إج