المرأة الموظفة والعيد!!
أسعدتني عبارة وضعها أحد الأصدقاء المفسبكين الرجال على صفحتي تحمل شكرا للمرأة على دورها كربة بيت: (شكرا لكل أم لكل أخت لكل زوجة لكل بنت أكرمتنا بأكلة لذيذة في رمضان.. شكرا لكل النساء على خدماتهن لنا في مطابخ البيوت) ? وعلى عكس ذلك حزنت لرؤية ذراع طفلة يتيمة الأم والأب لم تتجاوز ال_13 سنة محروقة في يوم العيد ? وعندما سألتها: عرفت أنها أحرقت ذراعها أثناء إعداد الكعك لأخوتها في العيد? وأنها بكت من عدم تقدير أخوتها لإنجازها أكثر من بكائها من ألم الحرق ? وقالت ببراءتها الطفولية (لم يعجبهم الكعك وهزأوني? ولا واحد قال لي شكرا..)
دور المرأة في بيتها لا يقدر بثمن? ولا يشعر به كثير من الرجال للأسف? بل بعضهم يتعمد السخرية بجهودها في البيت ? ويتعمد إرهاق المرأة –ربة البيت- عن طريق العبث المقصود وغير المقصود بكل محتويات البيت? فكلما رتبت المرأة مكانا لا يغادره الرجل إلا مبعثرا? وكأنه كائن عبثي? حتى أشياءه الخاصة تطاردها المرأة في كل مكان? فلا يضع شيئا في مكانه حتى وإن حلف على المصحف بأن يكف عن العبث ? فلن يفعل? وحينما تصرخ المرأة من التعب والأم يقول لها:هذا شغلك ..ماذا عملت? حتى ترفعي صوتك?!!(بطلي الزنط!!)
ذلك يحدث في الأيام العادية? أما في العيد فللمرأة متاعب إضافية لا يشعر بها كثير من الرجال? حيث إن عليها أن تخوض معركة حامية الوطيس استعدادا للعيد? فإضافة إلى مهامها اليومية تبدأ بالتنظيف الشامل للبيت? وغسل أغطية الفراش? وإعادة ترتيب البيت? وعمل الكعك والكيك والحلويات والخروج للتسوق لاختيار ملابس العيد للأطفال? ثم تجهز كل شيء لاستقبال الضيوف في العيد..
ويأتي العيد? فتقضي المرأة اليمنية أيام العيد في المطبخ لتلبية طلبات الزوار والمعايدين بالمشروبات والحلويات والأكل والبخور? ثم تنظيف مخلفاتهم? ومع هذا التعب تبتسم للجميع? وتشعر بسعادة العيد من خلال فرحتها بأطفالها وبزيارة أقاربها الذين يكرمونها بعسب العيد? وهو مبلغ مالي يعطيه الرجال للنساء عند زيارتهن في العيد كل حسب إمكانياته? ويظل حديث النساء ربات البيوت أيام العيد عن آلام الظهر والأيدي من شدة الإرهاق? ثم يقفزن من الحديث عن الألم إلى الحديث المشوب بالفرحة حول كم جمعت من عسب العيد!! كما يفعل الأطفال!!
ذلك هو حال المرأة ربة البيت في العيد? أما المرأة الموظفة فحكايتها مع العيد أكثر إرهاقا? فهي تقوم بكل المهام السابقة التي تقوم بها ربة البيت? ولكن ليس من حقها أن تعيش العيد كما تعيشه ربة البيت العادية? فعليها ألا تنتظر عسب العيد مثل النساء ولا كسوة العيد من زوجها أو ولي أمرها لأنها موظفة? وإضافة إلى ذلك تتحمل متاعب أخرى? إذ تقوم بدور الرجل في العيد? فعليها أن تدفع العيادة أو عسب العيد لجميع أطفال الأسرة (ذكورا وإناثا)? بل عليها أن تقوم بتوفير احتياجات العيد جميعها? وبخاصة إذا كان ولي الأمر فقيرا? فهي رجل البيت وربة البيت في وقت واحد قبل العيد وأيام العيد وبعده ? وإذا لم تستطع القيام بالدورين معا? فهي في نظر الأسرة (زناطة لأنها موظفة) ? وستجد من يلومها ويعاتبها ويوبخها? ومن يتهمها بالبخل وبالأنانية وبكثير من الصفات التي تزيدها ألما? فتشعر بالظلم لأنها لم ت?ْعام?ِل كما ينبغي? ولم ت?ْقدر بما يناسب ما تقوم به من أدوار? فلا يتم التعامل معها كامرأة فيرحمونها ويدللونها? ولا يعاملونها كرجل فيقدرون دعمها المادي للأسرة? ويساعدونها في أعمال البيت? فتحس بالتعب والقهر وتكتم تعبها وألمها في نفسها احتراما لنفسها ولأسرتها? ويتحول القهر والألم إلى ضغط عصبي قد يسيطر عليها ثم مرض جسدي أو نفسي قد يودي بها إلى أن تؤذي نفسها أو تؤذي من حولها دون أن تعي هي أو من حولها الأسباب الحقيقية لتدهور صحتها ? ولا تجد في أسرتها من يعي حجم الضغوط التي تعاني منها? وتتدهور علاقتها بنفسها وبمن حولها? وقد تكون النتيجة الاكتئاب أو إعلان التمرد على أسرتها وعلى المجتمع وحتى على نفسها…
فأي عيد تعيشه ربة البيت الموظفة بعد الأشغال الشاقة التي تتحملها وحدها استعدادا للعيد? !! وأي عيد تعيشه الموظفة إذا كانت تعيش ما تعيشه ربة البيت العا\دية من معاناة قبل العيد? وفي العيد تتحمل مسئوليات الرجل? ويتعمد الجميع أن يفقدها هويتها? فلا هي -في نظرهم – أنثى لها الحق أن تتدلل? ولا هي رجل يكتفي بتناول الحلوى وتبادل الضحكات والجلوس إلى مائدة طعام العيد ثم ينطلق مع رفاقه للاحتفال بيوم العيد بعيدا عن دوشة الأطفال ومتاعب المطبخ ?!! لماذا تتم صناعة الفرح في الأعياد اليمنية إلا على حساب تعاسة بعض أفراد الأسرة?!! ألا نستطيع أن نصنع عيدا يغمر كل النفوس في البيت الواحد?!!
نعم نستطيع? حينما نتقاسم المتاعب والآلام ? ونعمم الفرح على جميع أفراد الأسرة وسيحدث ذلك إذا جلست كل أسرة جلسة مكاشفة هادئة ? وتم إحصاء كل ما يتطلبه العيد ? وتم توزيع المهام بعدالة? وأن ي?ْكرم كل فرد بقدر ما يبذله من جهد في سبيل إسعاد الكل? وألا يقبل أي فرد