العنف في اليمن يعيق رعاية ما قبل الولادة ويؤدي إلى موت النساء
في شهر يونيو الماضي? وبعد قضاء 11 شهرا?ٍ في مخيم مؤقت للنازحين بسبب العنف? عادت دولة مصلح (19 عاما?ٍ) وكانت في ذلك الوقت حاملا?ٍ في شهرها السابع? إلى منزلها في منطقة من اليمن كان من المفترض أن تشهد تحسنا?ٍ في مستوى الأمن والسلامة. وكانت هذه خطوة ندمت عليها عائلتها فيما بعد.
قبل شهرين? أعلنت الحكومة أن جماعة أنصار الشريعة المسلحة قد انهزمت وط?ْردت من محافظة أبين الجنوبية في أعقاب هجوم عسكري واسع النطاق. فعادت مئات الأسر النازحة منذ ذلك الحين إلى ديارهم في مدينتي جعار وزنجبار? وفقا?ٍ لعبد الله الدهيمي? مدير مكتب حكومي يتخذ من مدينة زنجبار مقرا?ٍ له ويرعى شؤون النازحين داخليا?ٍ والعائدين.
ولكن عاد العنف واندلع مجددا?ٍ في محافظة أبين بعد أسبوعين فقط من عودة مصلح من ملجأ في عدن. وشكا محمد? شقيق مصلح في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من استئناف التفجيرات الانتحارية والاشتباكات بين ما تبقى من مقاتلي أنصار الشريعة ورجال القبائل المسلحين من جهة? والعصابات الإجرامية من جهة أخرى.
وفي 4 أغسطس? بدأت مصلح تفقد سائل النخط وانطلقت عائلتها إلى أقرب مستشفى في مدينة جعار. وقالت حبيبة? أخت مصلح الكبرى? في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية: “كنا على بعد كيلومترين أو ثلاثة فقط من مستشفى الرازي في جعار? ولكننا لم نتمكن من الوصول إليه بعد أن سمعنا انفجارا?ٍ ضخما?ٍ في الشارع الرئيسي المؤدي إلى المستشفى تمكن من هز سيارتنا”. لم تتمكن مصلح من الولادة بطريقة طبيعية? أو الوصول إلى مستشفى يمكنه إجراء عملية قيصرية. وفي 7 أغسطس? توفيت في منزلها وولد جنينها ميتا?ٍ.
انعدام الأمن يعيق الرعاية الصحية
رغم إصرار الحكومة على أن الاستقرار قد تحسن منذ استعادتها للأراضي التي استولى عليها المسلحون في العام الماضي? ما زال انعدام الأمن يمثل مشكلة رئيسية في أبين. فقال محمد مصلح: “لا نغادر المنزل معظم الوقت لأننا نخشى التعرض للقتل إذا خرجنا”.
وأفادت نشوة حسن? وهي قابلة محلية تقيم في مدينة جعار? في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية أن انعدام الأمن حال دون حصول العديد من النساء الحوامل? اللاتي ع?ْدن من النزوح خلال الشهرين الماضيين? على رعاية ما قبل الولادة. وأضافت حسن قائلة?ٍ: “على حد علمي? دولة كانت خامس أم تلقى حتفها بسبب اضطرابات المخاض خلال الشهر الماضي. لم يستطعن الذهاب إلى مستشفى الرازي خوفا?ٍ من المفجرين الانتحاريين والألغام الأرضية. كانت جميع هؤلاء الأمهات الخمس بحاجة إلى الخضوع لعملية قيصرية لأن الأشعات المقطعية [التي أجريت لهن أثناء نزوحهن في عدن] بينت أن رأس الطفل لم يكن منخفضا?ٍ بالقدر الكافي لتسهيل الولادة”.
قد?مت الحكومة ووكالات الإغاثة للعديد من النساء الحوامل أثناء نزوحهن خدمات أفضل للرعاية الصحية السابقة للولادة. وانطبق هذا بشكل خاص على أولئك اللاتي لجأن إلى عدن. وكانت خدمات الرعاية الصحية قبل الولادة محدودة وسيئة تاريخيا?ٍ في جنوب اليمن.
وفي محافظة أبين تسعة مستشفيات عامة و128 مركزا?ٍ صحيا?ٍ تخدم ما يقدر بنحو 480,000 شخص. وتفتقر المستشفيات إلى الموظفين المتخصصين والمعدات والتمويل? وتقتصر خدمات المراكز الصحية إلى حد كبير على تقديم الرعاية الصحية الأولية? وفقا?ٍ للخضر محمد السعيدي? رئيس مكتب وزارة الصحة الإقليمي في أبين.
وفي عام 2010? أشارت تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن 22 امرأة يم?ْتن كل يوم في اليمن بسبب مضاعفات ذات صلة بالحمل والولادة? وأن الرعاية في فترة ما قبل الولادة لا تغطي سوى 47 بالمائة من النساء الحوامل? وهذا أدنى معدل في الشرق الأوسط. وقال السعيدي أن الاشتباكات التي دامت عدة أشهر بين الجيش والمسلحين من جماعة أنصار الشريعة زادت الأمر سوءا?ٍ. ورغم أنه لم يستطع تحديد رقم دقيق للوفيات الناتجة عن عدم الحصول على الرعاية الصحية? فقد أخبر شبكة الأنباء الإنسانية أن “الأمهات الحوامل هن الأكثر تضررا?ٍ من هذا الوضع الأمني المفجع”. فأصوات انفجارات الألغام الأرضية والتفجيرات الانتحارية المتكررة جعلت النساء العائدات يصبن بصدمات نفسية. إنهن يخشين الخروج لطلب الاستشارات الطبية” بعد عودتهن? كما أفاد الدهيمي في حواره مع شبكة الأنباء الإنسانية.
العنف القاتل
قال محمد فضل منصر? القائم بأعمال مدير الأمن في أبين أن أكثر من 200 شخص قد قتلوا وأصيب العشرات في المحافظة منذ منتصف شهر يونيو الماضي. وأضاف: “لم يستتب الأمن بعد. يمكن أن ت?ْقتل من جراء تفجير انتحاري أو انفجار لغم أرضي في أي وقت. فقد أصبحت التفجيرات الانتحارية مشهدا?ٍ يوميا?ٍ منذ انتهاء الحملة العسكرية في منتصف يونيو”.
وفي 4 أغسطس? اليوم الذي لم تتمكن فيه دولة من الوصول إلى المستشفى? ق?ْتل ما لا يقل عن 45 شخصا?ٍ وجرح 50 آخرين عندما فجر انتحاري نفسه أثناء تشييع جنازة في جعار. وقالت آن غاريلا? وهي منسقة مشاريع في منظمة أطباء بلا حدود في عدن: “لم تنخفض مستويات العنف