عندما تغضب
عندما تغضب تريد الحياة أن تختصر ذاتها
ولكن هل تكفي صلواتي يا وطن..
اغضب.. اغضب وسأتحمل غضبك ندما?ٍ على خيانتي أنا وجيلي من الشباب الصامت.. اغضب وسأبكي معك خجلا?ٍ من دمعك المنهمر دما?ٍ يحرقنا مرارة?ٍ وأسى?ٍ لحالنا المتشتت يوما بعد يوم..
ابك? يا أيها الحبيب على فوضى أبناء شعبك..
ابك? على أخطاء الماضي وخيبات الحاضر وعثرات المستقبل .. ابك? على حرية مقيدة وكرامة عجفاء وفكر عاقر وأحلام منهكة.. ابك? على عقل قاحل وروح فارغة ووعي ضال.. ابك? على كبوات متلاحقة وفرص ضائعة.. ابك? على ربيع ثورتنا التي تميزت بسلميتها وخرج الشباب يواجهون النار بصدورهم العارية ولم ينتقموا او يقاوموا احد.. ابك على ربيع صنعاء الذي تغنى له الجميع وصار معلما?ٍ تاريخيا?ٍ يحتذى به العالم والذي صار خريفا?ٍ عقيما?ٍ اغتال “الثورة الشعبية السلمية” وأصبحت ازمة لا يمكن الخروج منها مكنت الوصاية الأجنبية من بسط نفوذها وحولتك إلى ساحة سياسية للصراع ألأجنبي بأفواه محلية ..
ابك? على طموحات ق?ْتلت أثناء مخاض حمل كاذب.. وعلى ثورة مشوهة في رحم نازف.. ابك? على زملاء انصرفوا عنك بخدمة الأحزاب .. وتفرغوا لاعتناق عقائد مذهبية وطائفية مزيفة منتهية الصلاحية وتركوا الثورة والوطن? لم ولن تناسبك قط..
ابك على شعب ع?ْرف منذ القدم بالشجاعة والوفاء والكرم وأصبح شعب اعتنق التعصب دينا?ٍ والحقد مذهبا?ٍ والفساد معتقدا?ٍ.. ابك? على شباب اتخذوا من “أصحاب الأموال” قدوة?ٍ ومن عملاء الوطن مصلحة ومن مقارعة طواحين الهواء مبتغى..
ابك? على مثقفين تبنوا النفاق مصدرا?ٍ للتقرب من الوجاهة وكسب المال لا القلم سلاحا?ٍ كما يجب ولا الكلام صادقا?ٍ للحق .. وعلى فنانين اعتمدوا التملق تمجيدا?ٍ وتعضيما?ٍ لشخصيات وأحزاب لا الإبداع أداة?ٍ ولا الرقي رسالة.. ابك? على عقول هاجرت أسرابا?ٍ وعلقت ما بين السماء والأرض بحثا?ٍ عن أشباه وطن في غربة لا ولن ترحم! ابك? على أحرار تحولوا أرقاما?ٍ على مدى عقود مضت خلف قضبان “المشبوهات” لحل معادلة حريتي وحريتك وكرامتنا جميعا?ٍ..
ابك? على شهدائك? مدنيين كانوا أم عسكريين? لأنهم يا وطني “لا يدرون لماذا ي?ْقات?لون ولماذا ي?ْقت?ِلون”!!
ابك? أيها الحبيب لأن في قاموس السياسة اليوم كلمة جديدة هي “المبادرة”.. نعم لا تستغرب “مبادرة خليجية”. برعاية غربية وإشراف أممي ممول!!
اغضب.. وسنبكي على غفلتنا لأن?نا نتجاهل آلام جراحك النازفة وندوبك المتقرحة.. لأننا? أنا وهو? كل ما قمنا به إلى الآن تقاذف اتهامات الخيانة فيما بيننا.. ابك? بحرقة لأننا أمام حقيقة شوهت كذبتنا اللذيذة التي لم تكن بيضاء على الإطلاق.. حقيقة أننا الأخوة لسنا واحدا?ٍ كما تحدث بذلك ديننا وتاريخنا, وكما ضنت طموحاتنا وأحلامنا وهدفت ثورتنا? وإنما منقسمين على كليتنا بين “مع” و”ضد”.. أنا “مندس” وهو “بلطجي”? هؤلاء “أنصار ” وأولئك “ثوار”? هم “معارضون” وهؤلاء “موالاة”? نحن “خونة” وهم “وطنيون” وووو….
ابك? لأننا نتحدث الآن بمنطق المذهبية والمناطقية والقبلية بعد أن كنا نرسم إشارة الوطن والإنسان الواحد في كل مكان وزمان .. لأننا غدونا مصنفين بين سني وشيعي إخواني وحوثي واشتراكي وقومي وسلفي وزيدي وإصلاحي ومؤتمري وأنصار الله – وأنصار الحق – وأنصار الشرعية – وأنصار الشريعة وقبيلي وغير قبلي بعد أن كنا نختبئ جميعا?ٍ من المطر تحت مظلة يمنية واحدة..
ابك? لأن بعض أبنائك من هنا وهناك آثروا تقديمك قربانا?ٍ للإطماع الخارجية.. لأن مرتزقتك جعلوا جسدك مباحا?ٍ يمن?ْة?ٍ ويسرة غير مدركين أن عذريتك أبدية لا يمسها دنس.. ابك? أيها الغالي لأن من يسمون أنفسهم “ح?ْماة?ٍ” لا يعون تماما?ٍ قدسية صون الوطن.. لأن من يدعون أنفسهم “ثوارا?ٍ” لا يدركون جميعا?ٍ ح?ْرمة الحرية التي تجرح حناجرهم ولا الكرامة التي سقط لأجلها آلاف الشهداء.!
ابك? وسأبكي طويلا?ٍ على كتفك المثقل بأوزارنا جميعا?ٍ.. سأبكي لأن الدرب طويلة والمخاض عسير.. لأنك لابد من أن تتحمل تقلبات الزمن.. لمدة قد تطول وقد تقصر!! ولكنني لا أزال أعو?ل على تاريخك المحصن بالدم ليكشف خيانتهم كلهم ولو بعد حين.. نعم أستطيع أن أسمع لسان حالك يقول بأن ذلك لا يجدي نفعا?ٍ!!
أعلم ذلك.. لكن ماذا عساي أفعل? ماذا عساي أقول?!
إنني أموت!! أموت خوفا?ٍ من “نهاية وطن?ُ شجاع”.. وهو يموت رعبا?ِ من “مئة عام?ُ من الضياع والعزلة”.. هؤلاء يستميتون في سبيل الخيانة والانتقام ? أما أولئك فيستميتون في سبيل كرامة عرجاء وحرية صماء!
إنني أموت هلعا?ٍ من انتشار ظاهرة “الطائفية” التي ستحولنا الى فرق متناحرة في ساحات للصراع الديني المذهبي بأجندات خارجية غير مدركين ما ستؤول إليه حالنا.. هؤلاء يستميتون حفاظا?ٍ على مجد زائف غير آبهين بأن “ما ب?ْني على باطل فهو باطل”.. أما أولئك فيستميتون بحثا?ٍ عن فردوس ضائع مغمس بدم ذاك “الصد?يق”!
أموووت ألما?ٍ من رؤيتك جسدا?ٍ منهكا?ٍ مهشما?ٍ وأنا أقف لا حول لي ولا قو