رســــــالة بدون مظــــــروف إلى بلـــــــد بلا عنـــــــوان:
كم واحدا من هؤلاء كان بين الشهداء الـ13 مجهولي الهوية الذين استشهدوا قبل أكثر من عام في ظروف غامضة ومجهولة تماما ولم يتم الكشف عن مقتلهم إلا قبل يومين? كم اثنين? كم ثلاثة من هؤلاء استشهدوا ولم يعرف بمقتلهم أحد منذ عام ودفنوا منذ يومين دون أن يعرف أحد أنهم بين من دفنوا? كم اربعة منهم? كم عشرة? وكم 13 ما يزالون ينتظرون في المستقبل كشهداء مجهولي الهوية?
كم وجها?ٍ ام?ِ?ح?ِـى? كم قبضة مشدودة ارتخت وهمدت الى الأبد بعد أن سلبها القاتل آخر نبضة حياة تدب في عروقها? كم صوتا صرخ ثم اختنق وتحشرج حتى تلاشى? كم حلما?ٍ تبدد مع صاحبه في ظلام الناس وصقيعهم وصمتهم المطبق?
لا ت?ِـم?ِ?ـح?ـي وجوه الثورات والشعوب والبلدان دفعة واحدة فجأة? بل تمحي شيئا فشيئا بالتقسيط وبإعتيادية تامة. هذا ما حدث ويحدث مع وجه الثورة اليمنية ووجه اليمن بلدا وشعبا منذ عام ونصف ومنذ عقود عديدة قبل ذلك:
وجهنا الثوري العام كان يم?ِ?ـح?ِــي شيئا فشيئا كلما ام?ِ?ـح?ِــى وجه خاص بثائر لأن وجه كل ثائر شكل ويشكل جزءا لا يتجزأ من وجه ثورته الوطنية.
كذلك وجهنا الوطني العام يم??ِـح?ـي شيئا فشيئا كلما ام??ِـح?ِـى وجه يمني واحد لأن وجه كل يمني يشكل جزءا لا يتجزأ من الوجه الوطني الكامل لليمن? اليمن بلدا وشعبا وهوية. وليسأل كل منا نفسه: كم وجها امحى بصمت وليتخيل كم وجها يمحي الآن?
بالمثل? لا يتبدد حلم الثورة وحلم اليمن بلدا وشعبا دفعة واحدة وبشكل مفاجئ? بل يتبدد شيئا فشيئا في صورة أحلام فردية تتلاشى مع أصحابها في ظلام القطيع الدامس وصقيعه القارس وصمته المطبق. وليسأل كل منا نفسه: كم أحلاما دخلت مع أصحابها إلى الساحات حيث لم يمر وقت طويل قبل أن تبدأ في التبدد والتلاشي من جوارنا مع أصحابها تماما كما يخطف الذئب الشاة من أطراف القطيع وقلبه?
وهكذا الحال مع قبضات البلدان وأصواتها: قبضات ترتخي وتهمد وينسرق نبض الحياة الحار من شرايينها وأوردتها خيطا خيطا بالتجزئة الفردية دون ضجة أو حراك? وأصوات تخفت وتتحشرج وتتلاشى قبل أن يتم تغييبها شيئا فشيئا وبالتجزئة الفردية في غياهب الظلام والنسيان والمجهول.
اكتشاف المجهولين الـ13 ليس حدثا اكتشفته رياح الصدفة فكشفته قدرما يبدو رسالة من كل الشهداء والضحايا اليمنيين الذين حصـــدتهم يــــــد اللارحمــــة واللاشــــفقة واللاإنســـانية وفـــــأس اللاثـــــورة واللاوطـــــن.
المجهولون الـ13? المجهولون الـ13? إنهم رسالة بلا عنوان من قاتل بلا عنوان إلى ثورة بلا عنوان في بلد أصبح هو الآخر بلا عنوان.