الأعياد الإسلامية بين المفهوم والحقيقة
يفهم البعض أن الأعياد هي ملابس فاخرة يتكلف في شرائها ما لا يطيق.. أو يتفنن في عرضها بما لا يليق.. وفي صحيح البخاري يقول رسول صلى الله عليه وآله وسلم محذرا لهذا الصنف «من جر ثوبه خيلاء? لم ينظر الله إليه يوم القيامة»..
ويفهم البعض الآخر أنها تنعم بأصناف لمأكول والمشروب.. والمأكول والمشروب من نعم الله التي ينبغي أن يستعان بها على الطاعة لا على المعصية ..وكفران النعمة أن تستعين بها على معصية الله تعالى وعاقبة هذا الفعل وخيمة قال تعالى: {و?ِإ?ذ? ت?ِأ?ِذ??ِن?ِ ر?ِب??ْك?ْم? ل?ِئ?ن? ش?ِك?ِر?ت?ْم? ل?ِأ?ِز?يد?ِن??ِك?ْم? و?ِل?ِئ?ن? ك?ِف?ِر?ت?ْم? إ?ن??ِ ع?ِذ?ِاب?ي ل?ِش?ِد?يد?َ} والشكر لله تعالى يتمثل في طاعته وعبادته ومراقبته في أمره ونهيه.. وفي صحيح مسلم «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها».
والمتأمل في حقيقة العيد الإسلامي يجده مرتبطا على الدوام بالفرح بطاعة الله.. أو الفرح بإتمام عبادة له كما أمر وأحب.. فيوم الجمعة وعيد الفطر والأضحى ويوم عرفة وغيرها من المناسبات الشرعية الإسلامية كلها يعود مصدر الفرح فيها إلى حقيقة واحدة هي الفرح بالله وبطاعته ونصرته ورحمته وفضله.. والأصل في هذا الفهم الجلي قول المولى تعالى:{ق?ْل? ب?ف?ِض?ل? الل??ِه? و?ِب?ر?ِح?م?ِت?ه? ف?ِب?ذ?ِل?ك?ِ ف?ِل?ي?ِف?ر?ِح?ْوا ه?ْو?ِ خ?ِي?ر?َ م?م??ِا ي?ِج?م?ِع?ْون?ِ}.
فمن تلبس في أيام العيد بفعل المحرمات من سماع الأغاني الماجنة المهيجة للشهوة ..و الصور المثيرة للرعونات والمخازي.. أو المصر على الاختلاط بالأجنبيات من غير المحارم ومصافحتهن والكلام غير اللائق معهن.. والمتلبس بأصناف المعاصي.. ليس له من حقيقة الأعياد شيء.. فتنبه أخي المسلم في عيدك من كل خطيئة تخرجك عن حقيقة الأعياد التي تسعد بها في دنياك وآخراك? قال بعضهم: (ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله? فالغافل يفرح بلهوه وهواه? والعاقل يفرح بطاعة مولاه).
ولا يفهم مما ذكرناه أن لا نظهر الفرحة بلبس اللباس الحلال المشروع.. أو بالتوسعة على العيال في النفقة.. ولكن ليكن جميع ذلك محاطا بضوابط الإسلام.
ويشرع لنا في الأعياد التزاور والتهنئة والتحسس من حاجة المحتاج وكل هذا يسهم في قوة الترابط بين المجتمعات المسلمة فيزيدها تماسكا وشرفا قال تعالى: {إ?ن??ِم?ِا ال?م?ْؤ?م?ن?ْون?ِ إ?خ?و?ِة?َ } ..
إذن فلنعش أعيادنا بالمفهوم الراقي الذي ارتضاه لنا خالقنا ..وليكن عيدنا عيد التتبع لمحاب الله.. والابتعاد عن مساخطه حينها نعيش حقيقة العيد{و?ِب?ِش??ر? ال??ِذ?ين?ِ آم?ِن?ْوا و?ِع?ِم?ل?ْوا الص??ِال?ح?ِات? أ?ِن??ِ ل?ِه?ْم? ج?ِن??ِات?ُ ت?ِج?ر?ي م?ن? ت?ِح?ت?ه?ِا ال?أ?ِن?ه?ِار?ْ ك?ْل??ِم?ِا ر?ْز?ق?ْوا م?ن?ه?ِا م?ن? ث?ِم?ِر?ِة?ُ ر?ز?ق?ٍا ق?ِال?ْوا ه?ِذ?ِا ال??ِذ?ي ر?ْز?ق?ن?ِا م?ن? ق?ِب?ل?ْ و?ِأ?ْت?ْوا ب?ه? م?ْت?ِش?ِاب?ه?ٍا و?ِل?ِه?ْم? ف?يه?ِا أ?ِز?و?ِاج?َ م?ْط?ِه??ِر?ِة?َ و?ِه?ْم? ف?يه?ِا خ?ِال?د?ْون?ِ} هذا وبالله التوفيق..
قال ع?ِل?ي??ْ ب?ن?ْ أ?ِب?ي ط?ِال?ب?ُ ر?ِض?ي?ِ الل??ِه?ْ ع?ِن?ه?ْ لكميل يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم حاكم والمال محكوم عليه والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق
قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: بلغنا إن الله عز وجل قال عبدي اذكرني بعد الصبح ساعة وبعد العصر ساعة أكفك ما بينهما.
قال بعض العلماء إن الله عز وجل يقول أيما عبد اطلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسك بذكرى توليت سياسته وكنت جليسه ومحادثه وأنيسه.
قال لقمان الحكيم رضي الله عنه: لابنه يا بني استغن بالكسب الحلال عن الفقر فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال رقة في دينه وضعف في عقله وذهاب مروءته وأعظم من هذه الثلاث استخفاف الناس به.
و?ِق?ِال?ِ عمر ر?ِض?ي?ِ الل??ِه?ْ ع?ِن?ه?ْ ل?ِا ي?ِق?ع?ْد?ْ أحدكم عن طلب الرزق يقول الل??ِه?ْم??ِ ار?ز?ْق?ن?ي ف?ِق?ِد? ع?ِل?م?ت?ْم? أ?ِن??ِ الس??ِم?ِاء?ِ ل?ِا تمطر ذهبا?ٍ ولا فضة.
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى:والله ما أصبح رجل يطيع امرأته فيما تهوى إلا كبه الله في النار.
ق?ِال?ِ الحسن بن علي ر?ِض?ي?ِ الل??ِه?ْ ع?ِن?ه?ْم?ِا: من أدمن الاختلاف إلى المسجد رزقه الله إحدى سبع خصال أخا?ٍ مستفادا?ٍ في الله أو رحمة مستنزلة أو علما?ٍ مستظرفا?ٍ أو كلمة تدل على هدى أو تصرفه عن ردى أو يترك الذنوب خشية أو حياء.
قال أبو يحيى الوراق رحمه الله تعالى: من أرضى الجوارح بالشهوات فقد غرس في قلبه شجر الندامات.
وقال سيدنا علي رضي الله عنه: من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات في الدنيا.
قال جعفر بن محمد رضي الله عنه: ال?غ?ِض?ِب?ْ م?ف?ت?ِاح?ْ ك?ْل?? ش?ِر??ُ.
قال يحي بن معاذ رحمه الله تعالى: مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.
ق?ِال?ِ م?ْح?ِم??ِد بن ع?ِلي? الباقر رضي الله عنه: ك?ِم?ِال ال?م?ْر?ْوء?ِة: ال?ع?ف??ِة ف?ي الد??ين?? و?ِالص??ِب?ر?ْ ع?ِل