إيران من الداخل ( 2 ) ” زواج المتعة “
كنت أتصور نفسي أبو العريف فيما يخص ايران معتقدا?ٍ أن عندي معلومات كافية عن هذا البلد الإسلامي, وبمجرد وصولي الى إيران هالتني المفاجئة وهي أن ما أعرفه على كثرة اطلاعي هو صورة نمطية مستوحاة من ما تنقله لنا وسائل الإعلام البعيدة أو القريبة من إيران وهي غالبا?ٍ إما أمور متعلقة بالسياسة أو بالدين وكوني في زيارة خاصة الى ايران هذه الأيام قررت أن أتناول بعض المواضيع التي قد تضيف الى معرفة الشخص العادي معلومات جديدة أو تفند معلومات خاطئة عن ايران الجمهورية الاسلامية .
هذه هي الحلقة الثانية وهي بعنوان ” زواج المتعة ” من سلسلة أتمنى أن استطيع من خلالها أن أغطي الكثير من المواضيع عن إيران خلال زيارتي القصيرة لها .
ما دفعني للكتابة عن ” زواج المتعة ” تحديدا?ٍ هي بعض التعليقات الشاذة من بعض القراء على الحلقة الأولى والتي كانت بعنوان ” الأسرة الإيرانية “.
تلك التعليقات المريضة جعلتي استنتج أن عقول البعض تقع في مناطق اخرى من الجسم غير الجمجمة وغالبا?ٍ تقع ما بين السرة والركبة .
عجز البعض الواضح عن تغطية التقدم الإيراني في مختلف المجالات الصناعية والعلمية التي أوصلتهم الى اطلاق الأقمار الصناعية وإنتاج طائرات التجسس بدون طيار ودخول عصر الصناعات النووية مع الحصار المفروض عليهم, ذلك الإحساس بالنقص تجاه الإنسان الإيراني جعلهم يستجرون الحيوان في نفوسهم تجاه هذا الشعب العظيم .
كثيرا?ٍ ما تروج الأخبار وتحاك القصص عن زواج المتعة في ايران وبشكل متعمد ومنهجي من وسائل اعلام بل وأجهزة مخابرات عربية لتحصر معرفة الناس عن ايران في هذا الموضوع, محاولين اخفاء ايران الحقيقية, ايران الحضارة, ايران الاسلام, إيران المقاومة, ايران المدنية, إيران النووية, إيران بلد التعايش بين مختلف الأديان والقوميات والمذاهب والتي ي?ْم?ِث?ِل?ْون جميعا?ٍ في مجلسها التشريعي وبنص الدستور, تلك الحملة الاعلامية الموجهة والمدعومة بملايين الدولارات نجحت بعض الشيء في رسم صورة نمطية عن ايران في عقول من لا يبحث عن الحقيقة الى درجة أن البعض لا يعرف عنها الا ان زواج المتعة مباح فيها .
للأسف تلك عقلية أغلب العرب, لا يهتمون الا بتلك النوعية من الأخبار, ليس لهم اهتمامات علمية او بحثية أو اجتماعية او تاريخية او بالآثار مثلا?ٍ .
وللأسف أيضا?ٍ فإن اغلب السائحين العرب الذاهبين الى مختلف الدول يكون موضوع الجنس على رأس اهتماماتهم, كل يحمل معوله ويسيح في البلدان, لا يعرف من السياحة الا ذلك النوع, عقول تصفر فيها الريح من الجهل, جيوب تملؤها دولارات النفط أو فساد السلطة, لذلك فمعرفتهم بالعالم تنحصر في تلك الأمور .
وبالعودة الى موضوع ” زواج المتعة ” في ايران تحديدا?ٍ يمكننا الحديث عنه من وجهتي النظر المذهبية والمجتمعية .
أولا?ٍ / النظرة المذهبية : من المعروف للجميع أن الشيعة الاثني عشرية عموما?ٍ يجيزون هذا النوع من الزواج استنادا?ٍ الى بعض الآيات في القرآن الكريم وبعض الأحاديث الموجودة حتى في صحاح أهل السنة, ويؤيدهم أهل السنة في أن زواج المتعة ا?ْحل أيام رسول الله لكنهم يضيفون أنه عاد وحرمه, بينما ينكر الشيعة تحريمه مستندين الى قاعدة فقهية وهي ان الحديث لا ينسخ الآية القرآنية التي ت?ْحل المتعة, لأن القرآن أعلى منزلة من الحديث في ترتيب الأدلة ولا يعقل ان ينسخ الأدنى الأعلى, وعند عجز البعض عن الرد على تلك الحجة يلجؤون الى القول للطرف الآخر : هل تقبل أن تتزوج أختك أو ابنتك متعة ? وكيف تتقبل هذا الوضع ? ويرد عليهم المعتقدين بحليته بالقول كان يفترض أن يوجه هذا السؤال الى رسول الله الذي تعترفون أنه أجازه ولو لمدة محدودة ثم حرمه, فلماذا قبله على نساء المؤمنين ولو لشهر واحد ? يردون بالقول أن الرسول أجازه لمدة محددة ولظروف خاصة – مع أن الآية تفيد العموم – ويرد المؤيدون للمتعة : نعلم انه لظروف خاصة ولا نقول بتعميمه, لكن اذا تكررت نفس الظروف اليوم ما المانع من المتعة, ويختلف الطرفان في تحديد تلك الظروف, ويضيف مؤيدي المتعة قائلين هناك فرق بين ح?ل?ية شيء معين وبين تقبل المجتمع له او رضاه بتطبيقه ضاربين مثلا?ٍ لبعض الأعمال التي قد ينفر منها أغلب الناس ومنها مسح الأحذية مثلا?ٍ أو أعمال المجاري أو جمع القمامة مع ح?ل?ي?ِت?ها الا ان الغالبية ترفضها لأنفسهم و للأقربين لهم, كذلك زواج المتعة حلال لكن الغالبية العظمى في إيران وغيرها من بلاد الشيعة ترفضه نفسيا?ٍ ومجتمعيا?ٍ ولا يطبق الا في ظروف خاصة جدا?ٍ, فليس كل ما هو مكروه أو مرفوض نفسيا?ٍ أو مجتمعيا?ٍ حرام كذلك ليس كل ما هو مرغوب مجتمعيا?ٍ أو نفسيا?ٍ حلال .
كذلك يسأل المؤيدون للمتعة قائلين ان هناك الكثير من الزيجات التي تتم في بلاد أهل السنة ومنها المسيار والفرند وغيرها الكثير و الهدف منها المتعة وان كان لا يحدد العقد بمدة متسائلين ما الفرق بينها وبين المتعة إذا?ٍ ? ويرد الرافضون للمتعة طالما لم يحدد توقيت للزواج فهو جائز ولو كان بنية الطلاق بعد مدة,