نصح قائد الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، تحالف العدوان باغتنام فرصة الهدنة للخروج من مأزقه، وإنهاء العدوان، ورفع الحصار بشكل كامل، والكف عن مؤامراته العدائية تجاه الشعب اليمني.. مجدداً التأكيد على موقف اليمن الثابت والمبدئي تجاه القضية الفلسطينية.
ودعا قائد الثورة، في كلمته اليوم بذكرى عاشوراء، الشعب اليمني إلى أن يكون على استعداد دائم وجهوزية كاملة للتصدي للأعداء في أي محاولات غادرة للهدنة المؤقتة، والسعي المستمر للوصول إلى الهدف المنشود في دحر العدوان وإنهاء الحصار كأولوية وهدف مقدّس، والحذر من محاولات الأعداء عبر الطابور الخامس والمنافقين والمرجفين والمثبطين الذين يعملون على شق الصف الداخلي، وإزاحة الاهتمام عن التصدي للعدوان.
وأشار إلى أن واقعة كربلاء وحادثة عاشوراء لم تكن مجرد حدث تاريخي يختص بما يتعلق به من ظروف وملابسات وأسباب وحيثيات لمرحلته وزمنه ووقته فقط، بل كان حدثاً كبيراً ومهماً ومأساوياً وأهميته كبيرة تتعلق بالأمّة بشكل كبير، وتتعلق بدينها وماضيها وحاضرها ومستقبلها.
وأكد أهمية هذه الواقعة، التي سبق وأن تحدث عنها الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- قبل وقوعها بزمن وكان حديثه عنها حديثاً مهماً لم يكن مجرد إخبار عن حدث من الأحداث بشكل عادي، بل تحدث عنها كحادثة مؤلمة وكبيرة وخطيرة ذات علاقة بالرسول والرسالة والإسلام، ورمزاً عظيماً من رموز الإسلام ولها دلالاتها الكبيرة، وتأثيراتها الممتدة في واقعة الأمة.
ولفت إلى أن لهذه الواقعة بُعدا يعود إلى أصل الصراع بين الإسلام والكفر، ولها علاقتها بالأمة من حيث ما يمثله الحسين من أهمية في موقعه لهداية الأمة.
وأشار السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي إلى أن الإمام الحسين يمثل امتداداً للإسلام الأصيل، ولرسول الله، والعمل على القيام بالأمة وإنقاذها من أعدائها، وثورته جاءت لتتصدى للانقلاب الأموي على الدين.. لافتا إلى أن حكم يزيد كان يشكل تهديداً على الأمة، فهو استباح حرمة المدينة المنورة، ومكة المكرمة، وأحرق الكعبة، ولم يقدّر حرمة أي من مقدّسات المسلمين.
وذكر أن هذه الذكرى تحمل الدروس والعِبر منها ما يتصل بتقييم الواقع وأسباب الانحراف والتأثيرات السلبية له في واقع الأمة.. مبيناً أن عوامل السقوط الأخلاقي والإنساني وعوامل الانحراف تمثل دروساً للناس في كل زمن.
وقال: “نحن أمة مستهدفة كما كانت مستهدفة في عصر الإمام الحسين، وفي ذات المستوى الكبير الذي يشكل خطراً عليها في دينها ودنياها وحريتها واستقلالها وقيمها ومبادئها، والأمة في هذا العصر مستهدفة بنفس نوع ومستوى الاستهداف، وهناك من الوسائل والإمكانات لقوى الطاغوت والنفاق والشر أكثر بكثير من الإمكانات التي كان يمتلكها يزيد في عصره”.
وأشار السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي إلى أن أمريكا و”إسرائيل” هما الامتداد لنهج يزيد، ومن يقف في صفهم ويؤيدهم ويعمل لصالحهم من داخل الأمة يقف مثل ابن زياد والشمر.
وأضاف: “نحن في هذا العصر نواجه نفس التحدي كأمة مسلمة، تحدياً يستهدف هويتنا الدينية والثقافية، والانحراف بنا عن المبادئ الإسلامية الأصيلة، والأعداء يسعون لإذلالنا وقهرنا والسيطرة علينا والتحكم بنا، ولديهم نفس العقد من المبادئ الأصيلة للإسلام”.
وذكر أن الأعداء يحاولون إفساد المفاهيم الدينية لهذه الأمة حتى لا تقف عائقاً أمام سيطرتهم عليها، ويعلمون من خلال علماء السوء ودعاة الضلال إلى شرعنة كل أشكال الانحراف باسم الدين، وهي عملية إفساد للدين في فهم الناس له، وتبرير المولاة لأمريكا وإسرائيل، وما يسمى التطبيع.. مبيناً أن عنوان الإبراهيمية وما يتصل بذلك يأتي في سياق تحريف الآيات القرآنية خدمة لأعداء الأمة.
وقال: “عندما يتمكنون من الانحراف بالأمة عن الاستقلال الحقيقي الذي يخلصها من التبعية عندها سيتمكنون من السيطرة على الأمة”.. لافتاً إلى أن أعداء الأمة يسيرون بمنهجية إزاحة الحق كعقيدة ومنهج وسلوك، والإتيان بالباطل بدلا عنه”.
ولفت قائد الثورة إلى أن التوجّه الأمريكي الإسرائيلي هو توجّه شيطاني يستهدف المجتمع البشري، وفي مقدمته المجتمع الإسلامي، بالإفساد.. موضحاً أن الأمريكيين والصهاينة يتآمرون على الأمة وينشرون الفتن وكل هذه التوصيفات تمثل استهدافا للأمة في دينها وحياتها.
وأكد أن القبول بسيطرة الأعداء يعني خسارة بكل ما تعنيه الكلمة، خسارة في الدين والعزة والاستقلال والحرية، خسارة في كل شيء، خسارة الدنيا والآخرة.. مبيناً أن الأمريكي والإسرائيلي يريدان أن ينحرفا بالأمة عن الحق على مستوى كل شؤون الحياة.
وقال: “نفس التوجّهات والعناوين والتوصيفات والسياسات التي حملها يزيد، وظهر بها بني أمية في انقلابهم، هي نفسها التي يتحرك بها أعداء الأمة في عصرنا وزمننا”.
وأضاف: “يتحتّم علينا بانتمائنا الديني والإسلامي أن نقف الموقف الذي وقفه الإمام الحسين -عليه السلام- وهو موقف في موقع القدوة والأسوة، ويتضح لنا في واقعة عاشوراء وما فيها من دروس وعِبر أن نقف الموقف الحق الصحيح، وفي إطار التصدي لهذا الاستبداد وحجمه المعاصر بما يمتلكه من إمكانات متنوّعة على كل المستويات”.
ولفت إلى أن “الأمريكي والإسرائيلي، ومن يواليهما ويقف في صفهما، لديهم إمكانيات ضخمة على مستوى القدرات العسكرية والإمكانات والوسائل، وفي مقابل حجم هذا الاستهداف وما يشكّله من خطورة ينبغي أن نستوعبها في التصدي لها، والتحرك والأخذ بكل عوامل القوة وأسباب النصر ومتطلبات الموقف”.. وقال: “إننا في مقابل ما يمتلكه الأعداء من قدرات وإمكانات هائلة لدينا عناصر للقوة وأسباب وعوامل القوة، أولها معية الله سبحانه وتعالى”.
وأشار قائد الثورة إلى أنه “كلما ازدادت الأمة وعياً وبصيرة واعتماداً على الله وتحركت بشكل جاد ستتجلى النتائج العظيمة التي تعزز حالة المنعة تجاه مؤامرات الأعداء”.. مبيناًَ أن “قسما كبيرا من مؤامرات الأعداء يستهدف اختراق الأمة من الداخل، فالمنعة الأخلاقية والدينية تشكل تحصيناً كبيراً لها”.
وأكد أن “المساعي الرئيسية للأعداء هي ما يتحركون به تحت عنوان التطبيع لجعله توجهاً رسمياً، ويسعون إلى تحويله إلى توجه عام لاختراق الشعوب، وعلى مستوى المناهج والإعلام والتثقيف الديني الى غير ذلك”.
وذكر أن “الأعداء يريدون أن تقبل الأمة قيادة الصهاينة لها كوكيل لأمريكا”.. مشيرا إلى أن “اختيار رمز من رموز التطبيع وموالاة اليهود خطيبا في ركن عرفة، والسماح لليهود بالوصول إلى مكة والمدينة، انتهاكات خطيرة جداً لمقدسات الإسلام”.
وبيّن أن انتهاك الكعبة خطوة من خطوات التطبيع، وكل هذه الخطوات فيها انتهاك للمحرمات في الإسلام وإساءة للأمة.. وقال: “عندما قبل بعض أبناء الأمة بالتفريط بالمسجد الأقصى أصبحوا يقبلون التفريط بالكعبة والمدينة المنورة”.
وأوضح قائد الثورة أن الأعداء يسيرون في خطة تشمل الجوانب الثقافية والإعلامية والسياسية، وتحوّلت إلى برنامج عمل شامل لاستهداف الأمة، ومع خطوات التطبيع تبرز خطوات عدائية تجاه الداخل الإسلامي وأحرار الأمة.
وقال: “بقدر ما نرى الولاء لأمريكا وإسرائيل يزداد فيزداد الحقد على كل من يتصدى لهم من أبناء الأمة”.. لافتا إلى أن “العداء السعودي – الإماراتي ومن الأنظمة المطبعة للمجاهدين في فلسطين بات أمراً جلياً اليوم، حتى وصل الأمر بالنظام السعودي لسجن من يقوم بنشاط إنساني، ويحاكمهم ويجرّم عملهم”.
وأشار إلى أن النظام السعودي يعتبر أي تحرك ضد “إسرائيل”، وما تقوم به، جريمة يعاقب عليها بالسجن.. وقال: “في السعودية يمكنك أن تجاهر بالولاء لإسرائيل إعلامياً، ولكن لو تجاهر بموقفك المساند للمجاهدين في فلسطين فأنت معرّض للسجن”.
وجدد التأكيد على أن توجّهات أمريكا و”إسرائيل”، ومن معهما من العملاء والخونة، ليست أموراً قابلة للتجاهل، فهي استهداف الأمة، ونتيجة التنصل عن المسؤولية هي تمكين الأعداء من تحقيق أهدافهم.. لافتا إلى أن “فتح أجواء مكة والمدينة أمام الصهاينة واليهود، في الوقت الذي تغلق فيه أجواء اليمن أمام الشعب اليمني، هو حالة تبيّن طبيعة الاصطفافات اليوم”.
وأضاف: “الخونة من أبناء الأمة يحبون الأعداء الذين لا يبادلونهم المحبة، فالإسرائيلي والأمريكي يعتبر كل أولئك المطبعين مجرد أدوات تافهة”.
كما جدد قائد الثورة التأكيد على ثبات موقف اليمن المبدئي والديني تجاه القضية الفلسطينية المقدسات الإسلامية، واعتبار العدو الصهيوني عدواً للإسلام والمسلمين، وتهديداً يشكل خطورة على الأمة كلها.. وقال: “يجب على الأمة اتخاذ الموقف الصحيح في العداء لكيان العدو، والتصدي لمؤامراته، والسعي إلى طرده من فلسطين، ومساندة الشعب الفلسطيني بكل أشكال الدعم والمساندة”.
وأشار إلى أن “ما حصل من تطورات في هذه الأيام نتيجة العدوان الصهيوني الذي اتجه للتصعيد على الشعب الفلسطيني هو حالة مستمرة ودائمة، ولكن التصعيد الأخير الذي تصدّت له ببسالة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وقدمت شهداء من قاداتها الأبطال، يمثل رسالة للأمة لتذكيرها أن هذا العدو مستمر في طغيانه وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وواجبنا مناصرة الشعب الفلسطيني والمجاهدين في فلسطين، وتنبيه على أن يبقى المجاهدون في فلسطين في حالة يقظة مستمرة، والحفاظ على الأخوة”.
وذكر أن كيان العدو حاول أن يستهدف حركة الجهاد الإسلامي دون بقية الفصائل، وهذا أسلوب مخادع وتكتيك يستخدمه العدو لاستهداف كل فصيل بشكل منفرد بغية التفريق بين المجاهدين.
وشدد قائد الثورة على أن “الواجب الإيماني والأخلاقي والإنساني والمصلحة الحقيقية للمجاهدين في فلسطين بكل فصائلهم هو الحفاظ على وحدة موقفهم، وتعاونهم في التصدي للعدوان الصهيوني، في أي تصعيد، وألا يسمحوا للتكتيك الصهيوني في تحقيق النجاح”.
وأشار إلى أهمية أن يبقى المجاهدون في فلسطين على درجة عالية من الوعي واليقظة والحذر، والأخذ بأسباب وعناصر القوة، وفي مقدمتها التلاحم والتعاون والتآخي.. لافتا إلى أن “مسؤولية الأمة هي أن تقف مع الشعب الفلسطيني وتسانده وتدعمه”.
كما أكد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي على مبدأ الأخوة والتعاون بين أبناء الأمة تجاه ما تواجهه من تحديات وأخطار، كتوجه ومبدأ إسلامي، وتوجه صحيح، وحكيم، يجسّد المصلحة الحقيقية للأمة، ويمثل عنصر قوة في غاية الأهمية.
وقال: “نؤكد اعتزازنا بأخوتنا مع أحرار الأمة، وأننا جزء من محور الجهاد والمقاومة، والتصدي لمساعي الأعداء لإخضاع شعوب أمتنا للصهاينة كوكيل لأمريكا”.. مؤكداً الوقوف إلى جانب شعوب الأمة فيما تواجهه من تحديات في العراق وسوريا والبحرين ولبنان وإيران وسائر البلدان التي تتعرض للاستهداف.