انقلاب مرسي الناعم جدا
في غمضة عين? وبعد سلسلة مراسيم جمهورية مزلزلة? اتسمت بالشجاعة والجرأة? انقلبت كل الأمور في مصر? وتحو?ل الدكتور محمد مرسي من رئيس ضعيف تتطاول عليه بعض الاقلام في الصحافة ومحطات التلفزة المملوكة لمافيا رجال اعمال حكم مبارك? الى الرجل القوي الذي ‘ينظف’ المؤسسة العسكرية من كل رموز العهد الماضي? ويستعيد كل صلاحياته كرئيس للدولة? بما في ذلك قرار اعلان الحرب الذي سلبه منه المجلس العسكري? باصدار اعلان دستوري مكمل يشكل ‘بدعة’ الهدف منها اجهاض الثورة المصرية والتأسيس لدولة عسكرية.
نبوءة اللواء عمر سليمان بانقلاب عسكري في حال وصول الاسلاميين الى السلطة لم تصدق? بل جرى عكسها? فمن قام بالانقلاب على حكم العسكر هو رئيس مدني منتخب? يملك سلطة ناعمة? سلطة صناديق الاقتراع? والدعم الشعبي الراسخ.
صناديق الاقتراع التي تمثل ارادة الشعب? واختياراته الحرة النزيهة اقوى من المؤسسة العسكرية? كما انها اقوى من المحكمة الدستورية العليا? والاعلام الذي يعيش في الماضي? ويرفض الاعتراف بعملية التغيير الجارفة التي بدأت تجرف كل من يحاول عرقلة مسيرتها.
كثيرون داخل مصر وخارجها? اعتقدوا ان الرئيس مرسي لن يجرؤ على تحدي المجلس العسكري الاعلى الحاكم? وسيظل يعيش في ظل المشير حسين طنطاوي لأعوام قادمة? وكم كانوا مخطئين? وكم كانت قراراتهم مغلوطة? وتقويماتهم في غير محلها? مثلما شاهدنا بالامس.
قالوا ان مصر دولة برأسين? رأس قوي بأكتاف تزينها النياشين والرتب العسكرية? ورأس صغير يطل على استحياء? ويتحسس طريقه طلبا للرضاء والستر? لنصحو ونجد? وفي لحظة? ان الرأس الصغير قطع الكبير من جذوره? واتخذ قرارات حاسمة وحازمة? بإنهاء هيمنة العسكر على الحكم واعادتهم الى ثكناتهم ودورهم الطبيعي المنوط بهم? وهو الدفاع عن الدولة وحدودها.
‘ ‘ ‘
من كان يتصور ان ‘ابو هول’ المؤسسة العسكرية المصرية سيهبط من عليائه بجرة قلم? ويتحول الى مستشار تحت مظلة رئيس مصري ?كان حتى ثلاثة اشهر شخصا مغمورا? وموضع نكات بعض السذج? وتندر بعض الكتاب الذين لم يلتزموا بحدود الأدب الدنيا? ولم يتورعوا عن السخرية من اهل بيته والمحصنات من نسائه? وتلفيق الروايات الكاذبة عن زوجته السيدة الفاضلة وابنائه? بطريقة لا تليق بمصر وإرثها الحضاري الاسلامي العريق.
الرئيس مرسي اعاد للمؤسسة العسكرية المصرية شخصيتها وهيبتها واحترامها? وطه?رها ممن ارادوا ان يجعلوا منها حارسا لنظام الفساد? وامتدادا له? في زمن انقرضت فيه الديكتاتوريات العسكرية لمصلحة الدولة المدنية الديمقراطية? واختفت جمهوريات الموز من الخريطة السياسية? العربية والعالمية.
المشير طنطاوي ومجلسه العسكري ارتكبوا اخطاء كارثية لا تليق بهيبة الجيش المصري وتاريخه? عندما وضعوا انفسهم في مواجهة الارادة الشعبية? ومارسوا دورا يتعارض كليا مع العملية الانتخابية? التي يعود الفضل اليهم في انطلاقتها ومن ثم نزاهتها? عندما انحازوا الى السيد احمد شفيق احد ابرز رموز العهد السابق? وبحثوا عن ذرائع غير دستورية من محكمة دستورية عين قضاتها الرئيس المخلوع? لحل البرلمان والسيطرة على السلطة التشريعية.
فاجأنا الدكتور مرسي بشجاعته وجرأته? مثلما فاجأنا بمواصفاته كرجل دولة لا يعرف التردد? ولا ترهبه رتبة عسكرية? كبيرة كانت او صغيرة? ولا يخاف من تحمل المسؤولية مهما بلغ حجم ثقلها? لعلها قوة الايمان.. لعلها الثقة بالنفس.. لعله الانتماء الى ملح الارض المصرية الطاهرة.. ولعلها اخلاق القرية الحقيقية وليس المزو?رة.
الفضل كل الفضل يعود الى تلك الكارثة التي تجسدت في استشهاد 16 جنديا مصريا قرب معبر رفح الحدودي? ويمكن التأريخ لها بأنها نقطة تحول رئيسية في تاريخ مصر? وربما المنطقة العربية بأسرها.
هذه الجريمة البشعة كشفت هشاشة الاجهزة الامنية المصرية? وتخلي المؤسسة العسكرية عن ابسط واجباتها في حماية ارض الوطن? وصمتها على تآكل السيادة المصرية لمصلحة عدو متغطرس يتعمد إهانة مصر العظيمة وشعبها العريق? من خلال اتفاقات مذل?ة ومكب?لة لكرامة هذا العملاق.
الدكتور مرسي انطلق من نقطة الضعف هذه ليحولها الى ورقة قوة لصالح مصر?عندما دفع بالدبابات والطائرات المروحية الى سيناء وبأعداد كبيرة دون الحصول على إذن اسرائيل? وحتى لو جاء هذا الإذن فإنه كان حتميا? لأن طلب مصر الثورة لا يرد?? ولأن القرار باستعادة السيادة المصرية على سيناء لا رجعة فيه.
مسيرة الكرامة بدأت بإقالة اللواء مراد موافي رئيس جهاز المخابرات? الذي كان تلميذا نجيبا لمعلمه عمر سليمان? ويشكل امتدادا لسياساته التي امتدت لعقود في تحويل مصر وجيشها وأجهزتها الامنية الى حارس لاسرائيل وحدودها? وتقديم أمنها وامن سياحها ومستوطنيها على أمن مصر.
بالأمس اقتربت هذه المسيرة من نهايتها بإحالة المشير طنطاوي وقائد اركانه الفريق سامي عنان الى التقاعد? وتعيين وزير دفاع جديد وقادة جدد للجيوش المصرية? بعد ايام معدودة من عزل قائد الحرس الجمهوري وقائد الأمن المركزي.
لا نعرف ما اذا