الدور الغائب لمجمع اللغة العربية؟
بقلم/ هايل علي المذابي
مع ظهور عصر التليفون المحمول ظهرت مصطلحات لغوية جديدة إلى القاموس اللغوي و الطبي تصف أمراض عصرية جديدة ومن ذلك مثلا مصطلح Nomophopia والذي يصف حالة مرض نفسية هي الخوف من ضياع الهاتف مثله مثل مصطلحات سابقة مثل فوبيا الخوف من فقدان من تحبه Thantophopia وفوبيا الخوف من الماء Hydrophopia وفوبيا الخوف من المرتفعات Akrophopia وفوبيا الخوف من السيارات Amaxophopia وفوبيا الخوف من الدم Hemophopia وكذلك فوبيا الخوف من الطائرات Airophopia وأيضا هناك فوبيا الخوف من العناكب و من الثقوب ومن الاشباح وغيرها..
وبالطبع فمع كل ظاهرة عالمية جديدة تظهر مصطلحات لغوية جديدة تضاف إلى القاموس اللغوي العالمي الذي يتم تحديثه باستمرار ومن ذلك مثلا، ما فرضته جائحة كورونا على البشرية من تغييرات واسعة فيما يخص نمط التفكير وأسلوب الحياة، فبدلا من ذلك الفضاء الواسع الذي كان يعيش الإنسان فيه بكامل حريته وكما يحلو له تحول إلى العيش في النطاق الخاص به فقط وهو نمط جديد يتطلب العيش فيه الكثير من الإلتزام والانضباط حفاظا على سلامته وحفاظا على السلامة العامة للناس.
وهذه التغييرات اوجدت كلمات جديدة تصفها وتصف المخالفين لتعاليم السلامة ومنها مصطلح covidiot و قد انتشر بسرعة في العالم ويوصف به الشخص الذي يتصرّف بحماقة و عدم مسؤولية خلال جائحة كورونا، أو يتجاهل التحذيرات المتعلقة بالصحة و السلامة العامة، أو الذي يكدّس البضائع و يحرم الآخرين منها.
وهذا المصطلح كما ورد في تحديثات العديد من قواميس اللغة مكون من كلمة covid وهي اختصار ل coronavirus disease أي مرض فايروس كورونا وكلمة Idiot أي أحمق أو أبله، والمصطلح العربي هو أبله أو أحمق كورونا.
السؤال: ما هو دور مجمع اللغة العربية العربي إزاء هذه التحديثات وهذه الإضافات اللغوية للقواميس اللغوية العالمية؟
إن ما يفترض على مؤسسات لغتنا العربية هو أن تستحدث مصطلحات عربية تقابل المصطلحات الغربية المستحدثة بدلا من بتقديم معنى المصطلح الغربي وتعريفه أو الاكتفاء بنقله كما هو، وهذا هو ما رميت اليه في المقال، وبالإضافة إلى ذلك يجب تحديث قواميس ومعاجم العربية كما يتم تحديث قواميس ومعاجم اللغات الأخرى مضاف إليها التحديثات الجديدة والمستحدثة وإذا تسائلنا لماذا اللغات الأخرى مثل الصينية والروسية والبنغالية والتركية الخ الخ تأخذ المصطلحات الغربية المستحدثة في الإنجليزية كما هي فلماذا على العربية أن تخالف السلوك اللغوي لنظرائها من اللغات الاخرى غير الغربية؟
والجواب هو لان للعربية مجمع لغوي يمثل المؤسسة المختصة بالاجتهادات وتحديث اللغة ومواكبة التغييرات والظواهر في العالم، ولأن لغتنا إذا لم تفعل ذلك فسوف تنقرض لان العالم في حالة تغير دائم.
إن الذهن الذي فقد القدرة على تحديث نفسه وإعادة صياغة عالمه وإعادة تصميم وهندسة ذاته سيصاب بالشلل أولا ثم سيقوم غيره بتصميمه وهندسته لذلك إذا أكتفينا بنقل المصطلحات الإنجليزية إلى قواميسنا ستحل اللغة الانجليزية محل لغتنا تدريجيا ومع كل تغييرات واستحداثات وظواهر جديدة في عالم اهم سماته التحول المستمر.
وهناك علماء ومفكرين عرب اجتهدوا في تقديم مصطلحات لغوية جديدة تقابل المصطلحات الغربية بدون اعتساف مثلا انظري مثلا مصطلح “جوييم” الذي يعني في العبرية القطيع البشري الذي يقع خارج دائرة القداسة اليهودية، هذا المصطلح ظل ينقل كما هو في عملية الترجمات، حتى استحدث الدكتور عبدالوهاب المسيري في أحد مؤلفاته مصطلح يقابله وهو مصطلح “الأغيار” كما استحدث كلمات ومصطلحات أخرى مثل الحوسلة واستخدمها في سياق الحديث عن الجماعات الوظيفية وأدواتها مثل تحويل الجسد إلى وسيلة اي حوسلة الجسد وتسليعه.. وهناك غيره من المفكرين والباحثين العرب الذين لهم اجتهادات لغوية مهمة جدا مثل كتاب “فيزيائية الحرف العربي” ورغم تهميش هذا الكتاب كثيرا إلا أنه يظل تعبيرا عن واحد من أهم الاجتهادات اللغوية المعاصرة وغير ذلك من الشواهد الكثير.
للأسف ومن خلال عملية البحث الدائمة والقراءة المستمرة لا أجد أي دور حقيقي ملموس لمجمع اللغة العربية ويمكن القول ان هذا الدور لمجمع اللغة العربية فيما يخص تحديث اللغة العربية وتقديم الاجتهادات هو دور غائب تماماً.
Strings1983@gmail.com