يوم الصمود
بقلم/ أحمد يحيى الديلمي
هاهي السنة الثامنة على الأبواب ولقد تصرمت الأيام بسرعة ومضت مضي الريح لكن المجاهدين الأبطال رجال الرجال لم يتغيروا ولم توهن قواهم، ولا يزالون كما بدأوا بنفس العزيمة والإرادة والقوة يتحدون الصعاب ويتسلقون الجبال الشاهقة بأقدام حافية وكلهم يقين بأنهم في مرابط الكرامة والعزة يدافعون عن هذا الوطن وعن حياضه الشريفة وبعد أن تأكد للجميع أننا أمام عدو يتسم بالصلافة والحقد والكراهية للآخر، ها هو وفي هذه المناسبة – مناسبة يوم الصمود – يعلن عبر مجلس التعاون الخليجي عن مبادرة تدعو الأطراف اليمنية للحوار في الرياض، وليته ما أقدم على هذه الخطوة البشعة، لقد قال أحدهم إن ابن سعود تقمص هيئة ثعلب ماكر يريد أن يسوق الضحية إلى وكره لكي يتفرد بها، وهذا هو أسلوب هؤلاء الناس منذ قامت هذه الدولة النكرة في نجد والحجاز على أنقاض إمارات كان لها دور عظيم في حماية الإسلام والدفاع عن حياضه، الأمر غاية في الغرابة والاستفزاز لمشاعر اليمنيين الذين في الأساس ينشدون السلام ويبحثون عنه ويتطلعون إليه، كما قال قائد المسيرة السيد العلم عبد الملك بدر الدين الحوثي، (نحن دعاة سلام وننشد السلام لكن سلام الأقوياء لا سلام الأذلاء الخانعين).
هذا الكلام جاء على لسانه بداية العدوان ولا يزال صداه يتردد في أرجاء اليمن وأحيانا يسمع هذا صدى في العالم .. فلماذا لم يقرأه الأمير الغر محمد بن سلمان أم أنه أراد بهذه الخطوة التي أوكلها إلى مجلس التعاون الخليجي، أقول أوكلها لأننا نعرف أن كلا من مجلس التعاون والجامعة العربية أصبحا مجرد صدى أو أدوات يحركها محمد بن سلمان كما يشاء ، وهذه هي الكارثة التي حذر منها الزعيم جمال عبد الناصر قبل ستة عقود من الزمن، عندما سمع أن السعودية طلبت الانضمام إلى الجامعة، فقال لعبد الخالق حسونه – أول أمين للجامعة العربية – (الله يجنب هذه الجامعة نزوات هؤلاء البدو لأننا فعلا نريد أن نبني بيتا للعرب لا وكراً للمؤامرات وإذا سيطر هؤلاء البدو على الجامعة فإنها ستتحول إلى وكر للمؤامرات)، وهذا ما يحدث فعلا اليوم، فالجامعة تحولت إلى وكر لكل ما يدبره نظام آل سعود من مؤامرات ضد الآخرين بالذات منذُ أن تأسس مجلس التعاون الخليجي ، هذا المجلس الذي اقترح قيامه الكيان الصهيوني، كما أشار إلى ذلك الملك فيصل في لقاء عابر مع إذاعة البي بي سي، فقد قال (نحن أخذنا الحيطة والحذر مما قاله الصهاينة الذين حذروا من أن قوة الدول العربية الأخرى قد تدفعها إلى التهام دول الخليج وتحويلها إلى مجرد أدوات)، انظروا هذا أساس المجلس وهذا هو منبع الفكرة لذلك لا نستغرب أن نسمع اليوم عن تهافت دول الخليج على التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب المحتل لأقدس المقدسات العربية .
نعود إلى سياق الموضوع كما قلنا، ها هي الأيام قد تصرمت وتحولت السبعة الأيام التي أعلن عنها المخلوع العسيري إلى سبع سنوات بما اشتملت عليه من الأحداث البشعة والأعمال القذرة التي طالت كل شيء ( الإنسان والحيوان والحجر والشجر ) فالسعودية التي تملأ العالم صراخاً اليوم – لأن بعض الصواريخ الميمونة طالت منشآت نفطية في نجد والحجاز – لم تستثن شيئاً، فقد دمرت كل شيء بكل وقاحة وصلافة وغرور وهي اليوم تريد ذر الرماد على العيون من خلال هذه الدعوات البائسة، التي كما قلنا أوكلت أمرها إلى مجلس التعاون الخليجي .
الخطوة تدل على تدهور العلاقات بينها وبين مصدر القرار ( أمريكا ) التي بدأت تضيق ذرعا بالسعودية وتعتبر أن نشوة الحكم والتفرد به قد بدأت تعتري رأس الأمير الغر محمد بن سلمان، لذلك تحاول إعادته إلى بيت الطاعة كي تظل الأمور كما تريدها هي لا كما يحيكه ابن سلمان ، والحقيقة التي يعرفها كل يمني حتى سائق التكسي في الشارع أننا نواجه عدواناً أمريكياً بريطانياً صهيونياً والمنفذين ليسوا سوى أدوات وحينما تقتنع أمريكا أنها قد حققت ما تصبو إليه في ذلك اليوم ستوجه الأدوات بإيقاف كل شيء وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي وقد تبادر إلى تبني قيام مؤتمر عام يتولى النظر في إعادة إعمار ما تهدم في اليمن، فهذا هو أسلوب العم سام يهدم كل شيء ثم يدعو إلى إعادة بنائه.
كم هي مفارقات عجيبة أن نشاهد نظاماً يدعي أنه دولي وحاكم للعالم يفكر بهذه العقلية الساذجة المحاطة بروح الخداع والمصلحة الذاتية والبعيدة كل البعد عن أي معانٍ إنسانية أو مراعاة لحقوق الآخرين بما في ذلك الأصدقاء أو من هم في عداد الأصدقاء، وهذا ما يحدث الآن بين نظام آل سعود وأمريكا .
في الختام نرفع آيات الإجلال والتقدير والاحترام إلى كل مجاهد في ساحات المواجهة سواء في القوة الصاروخية والطيران المسير أو الأبطال المجاهدين في الميدان الذين يذودون عن حياض الوطن نزوات الأعداء، وإن شاء الله موعد النصر قريب وليس ذلك على الله ببعيد .. والله من وراء القصد .