الأزمةُ الأخيرة
بقلم/ مرتضى الحسني
العالَـمُ كُــلُّهُ مستنفِرٌ حولَ الحربِ الروسيةِ الأُوكرانيةِ ومنقسمٌ ما بين مؤيدٍ ومعارضٍ ومحايد، وما بين مُركّزٍ ومشتت، وما بين مستفقدٍ وخاسر، كُـلُّ أنظارِهم متجهةٌ نحو تلك الأحداثِ وما يسبحُ في فلكِها، ما عدا الشعبُ اليمني فلا وقتِ لديه لذلك.. فطوابيرُ البترولِ والغازِ ما بينَ مغازلةٍ له أَو حاضنة، فتراكمُ الأزماتِ التي تفتعلُها دولُ العدوانِ وعلى رأسها السعوديّةِ والإمارات لم تتركْ له مجالاً ليوزِّعَ أبصارَهُ تجاهَ الغربِ أَو يفتحَ أسماعَهُ لدخولِ تلك الأحداثِ ودوائرِها.
سفنُ مشتقاتِ النفط الخارجيةِ قِيدتْ إلى موانئِ جيزانَ تعسُّفاً مع حملِها لتراخيصِ العبورِ من الأمم المتحدةِ، والمصادرُ الداخليةِ الواقعةِ تحت قدمِ الاحتلال قَيدتها ذاتُ القراراتِ التعسفيةِ من تحالفِ العدوانِ؛ إشباعاً لرغبةٍ طائشةٍ حقيرةٍ تحاولُ اجتراحَ نصرٍ لم تحرزْهُ الملياراتُ المُنفَقةِ على هذهِ الحربِ الظالمةِ وساعيةٍ لخنقِ الشعبِ اليمني، وزيادةِ معاناتِه، وهذا ما حدثَ ويحدثُ فعلاً.
السعوديّةُ ومن معها ومَن خلفَهم جميعاً أسرفوا في هذا التعسفِ، ولم يدركوا بأنّ الوبالَ سيرتدُّ عليهم أضعافاً ووقائعُ بقيق وخريص وحقلِ الشيبةِ وغيرِها تبرهنُ ذلك، بل البرهانُ الأكبر هو صوتُ عويلِهم الذي سمعَهُ القاصي والداني، وكثرةُ شكاويهم التي لم تتسعها أوراقٌ ولا محاضِرُ سواءً في مجلسِ الأمنِ وَالأممِ المتحدةِ أَو الاتّحاد الأُورُوبي وغيرهم كثير.
الشعبُ المظلومُ أزاحَ عن صمتِه في مناطقَ وساحاتٍ متعددةٍ وبشكلٍ كبيرٍ، وغالبيةُ مَن خرجَ أتى سعياً على الأقدامِ لانعدام المشتقاتِ النفطيةِ ونُدرةِ وسائلِ المواصلاتِ، ورسائلُهُ جليةٌ مفادُها كُفّوا حصارَكم الجائرَ وإلا فـ (الوجه من الوجه أبيض).
أيضاً السعوديّةُ الآن أصبحت وِجهةً للعالمِ اللاهثِ حولَ الطاقةِ الأُحفوريةِ، خُصُوصاً مع عزوفِ أُورُوبا -أكثر مستهلك للطاقة- عن روسيا جراءَ ما يحدثُ في أُوكرانيا، بمعنى أنّ عليها تدارُكَ الموقفِ والتخفيفَ من حدتِها قبل أن تطالَها أيادِي المظلومين في اليمنِ وتغرقُها في الندمِ الذي لن ينفعَها بعدَ ذلك؛ لأَنَّ الصبرَ لن يدومَ طويلاً.