رؤيةُ صنعاء تُسَلَّمُ للروس.. لماذا! وهل لأوكرانيا علاقة؟
بقلم/أحمد عبدالله
رئيسُ وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام أعلن بأنه سلّم الروسَ عبر سفير موسكو لدى اليمن رؤية صنعاء للحل الإنساني وذلك؛ مِن أجلِ هدف تخفيف معاناة الشعب اليمني وتهيئة الأجواء لوقف الحرب والدخول إلى عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة حسبما صرح محمد عبدالسلام.
ليس من قبيل الصدفة أن يتسلم السفير الروسي رؤية صنعاء للحل في هذا التوقيت الحساس والمرحلة الحرجة التي تمر بها روسيا في ظل الوضع المتأزم مع أوكرانيا فهناك العديد من الرسائل أرادت روسيا إبعاثها من خلال هذه الخطوة للنظام السعوديّ ومن خلفه الأمريكي.
من خلال تطورات الأزمة في أوكرانيا ومواقف السعوديّة والإمارات التي وقفت إلى الصف الأمريكي ضد روسيا لصالح أوكرانيا، يبدو أن روسيا أدركت ولو متأخراً أن لا بد من مراجعة علاقاتها في المنطقة وبنائها على أُسُسٍ قوية ومتينة لا تزعزعها التهديدات الأمريكية وأنه لا يمكن الوثوق بالسعوديّ والإماراتي خَاصَّة عندما يكون الأمريكي طرفاً في الصراع.
ولأَنَّ الروس لهم باعٌ طويلٌ في التعامل مع هكذا مواقف، فقد وضعوا أيديهم على الجرح الحساس الذي يؤلم النظامين السعوديّ والإماراتي والأمريكي في آنٍ واحدٍ (مِلَفّ اليمن) فأرسلت روسيا سفيرَها للقاء وفد صنعاء في رسالة مبطنة مفادها أن على السعوديّة أن لا تنخرطَ في الأزمة الأوكرانية، وإلا فالسعوديّة هي الخاصرة الأضعف؛ كونها تواجهُ أشرسَ القوم وأكثرهم عنفونا وقوة وإرادَة في مواجهة خصومهم وقد فشل النظام السعوديّ في مواجهة اليمنيين طيلة سبع سنوات رغم بدائية ما يمتلكونه من أسلحة وعتاد، فكيف سيكون حالهم لو زودهم الروس بالأسلحة الحديثة أَو بأنظمة إسقاط الطائرات، وهذه الخطوة لو أقدمت عليها روسيا لانهارت قوات التحالف في غضون أَيَّـام كونها تعتمد بشكل رئيسي على الغارات الجوية المكثّـفة.
قد يقول قائل بأننا نبالغ في التحليل والتنبؤ، ولكن من ينظر إلى المسألة من منظور واقعي سيجد بأن المسألة خطيرة جِـدًّا، فروسيا تعتمد في الدرجة الأولى على الغاز والبترول، وأمريكا تسعى بكل السبل لتجفيف هذه الموارد، ولكن قبل اتِّخاذ مثل هكذا خطوات ينبغي عليها تأمين البدائل، فسارعت أمريكيا لتأمين الغاز عبر استمالة قطر، بداية باستضافة أمير قطر ولقائه الرئيس الأمريكي واعتزام بايدن تصنيف قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة.
وكما يبدو فَـإنَّ أمريكا تسعى للتقرب أكثر من النظام السعوديّ لتأمين النفط، خَاصَّة بعد الاتصال الذي أجراه الرئيس الأمريكي مع الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل أَيَّـام وفي خضم الأزمة مع أوكرانيا، ما يؤكّـد أن أمريكا تسعى من خلال الخطوة إلى أن يكون النفط السعوديّ بديلاً عن النفط الروسي لتأمين احتياجات الدول الأُورُوبية.
فهل سارعت روسيا لوأد المشروع قبل الإعلان عنه، خَاصَّةً وأن الدورَ الروسي في اليمن ظل محدوداً جِـدًّا طيلة سبع سنوات؟!، وما هو المبرّرُ للانقلاب المفاجئ في الموقف الروسي من الملف اليمني؟!.
وبالتالي أتمنى أن تكونَ روسيا قد أدركت أن اليمنَ بحاجة ماسَّة للأسلحة الروسية لرفع الظلم عن كاهله فالظروف مواتية والأجواء مهيأة لاتِّخاذ مثل هكذا خطوة.. وَإذَا لم تستغل روسيا كُـلّ الأوراق المتاحة ضد خصمها اللدود” أمريكا” فلن تتمكّن من الانتصار عليها، فالحاذقُ والفطنُ هو من يستغل الفرص، وترك الفرصة غُصة كما يقول المثل، ولننتظر قادمَ الأيّام وسيثبت ما سيحصلُ من مفاجأة.