لا تصدقوا أيها المواطنون .. مجلس النواب عاجز على أن يحسم قضية الديزل
ليس هناك أية قضايا رئيسية على جدول أعمال مجلس النواب. كما أن النواب لا يمتلكون القدرة لحسم قضية الديزل. هذه القضية التي باتت مادة يومية للتغطية الإعلامية والاستهلاك ? امس والأيام التي سبقته? لم تمسك قاعة البرلمان بموضوع محدد. كل شيء مشتت ومبعثر داخل المجلس? الأوراق ترمى على المقاعد بدون اكتراث? النواب مبعثرون هنا وهناك? والمواضيع التي يناقشونها أيضا. وحتى الصحفيون امتدت إليهم هذه الفوضى? لم يعد الدخول الى شرفة الإعلام ممكنا? ولا الوقوف في ساحة المجلس للصحفيين مسموحا.
كل شيء مفكك? ووحدها الكتب تبدو مصانة ومرتبة بشكل لائق في رفوف وزوايا مكتبة مجلس النواب? المهجورة.
لم يعد سلطان البركاني يحدث أية جلبة كما كان? ولا أحد يستطيع أن يتدخل في الشؤون المالية والإدارية للمجلس? إذ إن كل شيء بيد الراعي وحده. وحتى اللجان الدائمة للمجلس لم تعد فاعلة? فالجلسات العصرية تضاءلت بشكل مهول. ووحدهما النائبان الإصلاحي محمد الحزمي والمستقيل من المؤتمر عبدالكريم جدبان? يتسابقان على المنبر لتوجيه الأسئلة.
الوضع العام لمجلس النواب بالغ السوء. وقال يحيى الراعي? قبل أسبوع? لعبدالعزيز جباري: “أنا رئيس وعلى عينك”. والحقيقة تقتضي الإنصاف? فالراعي يدير مجلسا مبعثرا? وبكل هذه الأعباء بمفرده. وخاطبه جباري لحظتها معقبا عليه: “صحيح أنت رئيس مجلس نواب? ولكن يجب أن تدير البرلمان كمؤسسة”.
لا أحد يساعده من أعضاء هيئة الرئاسة. فالشيخ حمير الأحمر? الذي كان منتظما في الحضور قبل الثورة الشبابية? لم يحضر بعدها إلا جلسة القسم الرئاسي التي حضرها المشير عبد ربه منصور هادي? رئيس الجمهورية. وكان حضور حمير الأحمر معززا بالحراسة المشددة من رجال حاشد الأقوياء. وأكرم عطية الذي صعدته كتلة الحديدة الضخمة الى هيئة رئاسة المجلس قبل 5 سنوات? صار اليوم محافظا للحديدة? ولا بديل عنه. أما النائب ذو القامة الطويلة? الذي يمثل زنجبار في المجلس? محمد علي الشدادي? فهو يضطلع بمهام إنسانية على الأرض لإغاثة اللاجئين في محافظة أبين.
كانت قضايا ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في السابق? تطرأ على البرلمان كالمدفع? وكان النواب ذوو الحناجر الغليظة يتصدون بقوة لتلك القرارات? وسواء نجحوا أم أخفقوا? إلا أنهم اليوم باتوا ينامون مع الجرع السعرية في حضن واحد. ولم ينبس صالح السنباني ببنت شفة هذه المرة. لا أحد ينكر أن هذه إجراءات ضرورية لإنقاذ الاقتصاد الوطني? لكن لماذا كان الدكتور عبدالرحمن بافضل وصخر الوجيه وصالح السنباني وسلطان العتواني وعيدروس النقيب? يعتبرونها جرعا قاتلة للشعب! ما الذي تغير?!
فقدت حكومة الإرياني سمعتها بسبب برنامج الإصلاحات السعرية الجريء الذي هندست له حكومة الائتلاف الثنائي (الإصلاح والمؤتمر)? منتصف التسعينيات? ونفذته حكومة المؤتمر برئاسة الإرياني? منفردة. وجاء باجمال بحزمة إصلاحات سعرية جديدة الى البرلمان? وكادوا يطردونه من قاعة المجلس? وكان البركاني مدججا بالأغلبية الصامتة? ينسف “تخرصات” المعارضة نسفا? كان يعتبرها تخرصات. وصمد رئيس كتلة المؤتمر الشعبي العام في مقعد متأخر من القاعة? يدافع عن برامج الإصلاحات الاقتصادية والسعرية? قرابة ربع قرن? البرنامج هو نفسه? التي كانت تقدمه كل حكومات المؤتمر الـ3: الإرياني وباجمال ومجور.
وجاءت حكومة باسندوة الى البرلمان نفسه? وإلى الأشخاص والرئيس والكتل والمكان أنفسهم? والحجج نفسها? ولكن وقد تبدلت المواقع? أو بالأصح? تبدلت ضمائر النواب. أين ذهب الدكتور عبدالرحمن بافضل?! لم يعد هذا النائب الشهير يحضر البتة? فهو مقيم خارج البلد? والثابت أن السبب الرئيسي في إصابة بافضل بداء السكري? هي: الجرع? فهذا النائب الحضرمي الشهير? الذي يشارف على الـ80? كان لا يكل ولا يمل وهو يكافح الحكومات? ويطعن في جدوى برامجها.
ارتفع سعر الديزل? وارتفع صوت سلطان البركاني معارضا بقوة? وأخذ بعض نواب المعارضة يستعيرون الحجج نفسها? التي كانت تجري على لسان رئيس كتلة المؤتمر? مدافعين عن قرار الحكومة? وجاء باسندوة ليقول? تماما كما كان باجمال يناشد القاعة: “أرجوكم لا تدفعوا باقتصاد الوطن الى الهاوية”? إلا أن رئيس الحكومة الأسبق لم يكن يبكي.
كانت جلسات البرلمان “السعرية” لا تبث عادة بشكل كامل على التلفزيون? وكانت أصوات نواب المشترك عالية? قفزت بعدد منهم الى مصاف النجوم في المجتمع? وكان صخر الوجيه وهو حينذاك مؤتمري? ينصح الحكومة بالبدائل الناجحة? وكان البركاني يحتج? ويطلب التعقيب على الوجيه? النائب المتمرد على رئيس الكتلة? ويقول: “فليذهب المشترك وصخر الى الجحيم? وكتلة المؤتمر قادرة أن تصوت على هذا البرنامج لوحدها دون أن ينقص من حسناتهم شيء”.
اليوم? سلطان البركاني يحارب? ولكن من على الضفة الثانية? والتلفزيون بات ينقل الجلسات أولا بأول. و”لا خيار أمام الحكومة إلا أن تتخذ هذه الخطوة”? كما قال صخر الوجيه? الذي بات وزيرا في حكومة الوفاق. وقال وزير الإعلام? والنائب السابق ف