“هيومن رايتس ووتش” تطالب بالإفراج عن المعارض البحريني أحمد جعفر محمد
شهارة نت – وكالات
طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، اليوم الثلاثاء، البحرين، بالإفراج عن المعارض أحمد جعفر محمد أو إعادة محاكمته أمام محكمة تحترم المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وأحمد جعفر محمد هو المعارض الذي سلمته صربيا قبل أيام إلى البحرين وتم نقله إلى المنامة عبر طائرة خاصة يملكها الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان، أحد أفراد الأسرة الحاكمة في أبو ظبي.
وقالت المنظمة إنّ صربيا سلمت معارضاً سياسياً بحرينياً إلى البحرين في الساعات الأولى من 24 كانون الثاني/يناير 2022، رغم أمر أصدرته “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان” بحظر تسليمه على وجه التحديد بانتظار مزيدٍ من المعلومات.
وأوضح نائب مدير الشرق الأوسط في المنظمة، جو ستورك، أنّ “الإنتربول والسلطات الصربية يعرضون رجلاً فر من التعذيب والحياة في سجن بحريني ولجأ إلى أوروبا لخطر جسيم”.
وأضاف ستورك: “إنه لأمر مرعب ولا يغتفر أن تتعاون صربيا والإنتربول لإعادة معارض ليواجه السَّجن المؤبد رغم أمر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقف تسليمه”.
كما أكّد أنّ “تسَرُّع صربيا في تسليم أحمد محمد في ضوء الأمر الصادر عن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية ينافي الضمير”، لافتاً إلى أنّ “هذا التسليم المشين يؤكد حاجة الإنتربول إلى إصلاح جدي لنظام النشرة الحمراء، الذي يُساء استخدامه”.
السلطات الصربية تعتقل محمد بعد “نشرة حمراء” من الإنتربول
اعتقلت السلطات الصربية محمد في 3 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بناءً على “نشرة حمراء” من الإنتربول – تنبيه يطلب القبض على شخص مطلوب وتسليمه – صادر بناء على طلب البحرين في العام 2015.
ومن غير الواضح متى وصل محمد إلى صربيا، ولكن وفقاً لمحاميه، ماركو شتامبوك، وهو محامٍ يتعاون مع “مركز بلغراد لحقوق الإنسان” في قضايا اللجوء، كان محمد ينوي طلب اللجوء في مكان ما في أوروبا.
وأكّد شتامبوك لـ “هيومن رايتس ووتش” أن محمد كتب 4 مرات أثناء احتجازه في سجن صربي إلى “المحكمة العليا في بلغراد”، معلناً نيته طلب اللجوء في صربيا.
وأضاف: “لكن في 7 كانون الأول/ديسمبر، قبلت “المحكمة العليا” قرار التسليم. ثم رفضت محكمة الاستئناف استئناف محمد لهذا القرار في 18 كانون الثاني/يناير.
وأُرسل القرار بعد ذلك إلى وزيرة العدل الصربية مايا بوبوفيتش، التي وافقت على القرار، ممهدةً الطريق لصربيا لإعادته قسراً إلى البحرين خلال أيام”.
وقال شتامبوك إنه أبلغ مكتب اللجوء بوزارة الداخلية ومديرية حرس الحدود في 20 كانون الثاني/يناير بنيّة محمد طلب اللجوء، وإن هذه السلطات استجابت في اليوم التالي، 21 يناير/كانون الثاني، قائلةً إنه سيُسمَح له بذلك.
في اليوم نفسه، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إجراءً مؤقتاً يدعو صربيا إلى وقف تسليم محمد بانتظار مزيد من المعلومات، منها “المخاطر المحتملة للتعذيب و/أو سوء المعاملة التي قد يواجهها مقدم الطلب إذا تم تسليمه إلى البحرين”.
وسألت المحكمة أيضاً عمّا إذا كان يحق له “إعادة النظر في حكمه المؤبد في البحرين” وأصدرت تعليمات لصربيا بطلب المعلومات من البحرين بحلول 11 شباط/فبراير. كما أكّدت المحكمة أن على صربيا عدم تسليم محمد قبل 25 شباط/فبراير 2022.
ورغم إعلامها بقرار المحكمة، نفذّت السلطات الصربية طلب التسليم في الساعات الأولى من 24 كانون الثاني/يناير، بحسب مركز بلغراد لحقوق الإنسان، ونقلت محمد إلى عهدة المسؤولين البحرينيين في مطار بلغراد الدولي.
وأفاد “معهد البحرين للحقوق والديمقراطية”، الذي وجد تفاصيل الرحلة غير المجدولة على الإنترنت، أنه تم تسفير محمد إلى البحرين على متن طائرة مملوكة لشركة “رويال جت” الإماراتية، وهي شركة طيران خاصة يرأسها الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان، أحد أفراد الأسرة الحاكمة في أبو ظبي.
يشار إلى أنّ ترحيل محمد من قبل صربيا ينتهك مبدأ القانون الدولي بشأن عدم الإعادة القسرية، والذي يُلزم الدول بعدم إعادة أي شخص إلى أماكن قد يواجه فيها خطراً حقيقياً بالتعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما ينتهك التزامات صربيا بموجب “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب” و”العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، إذ إنّها طرف في كلاهما.
الأحكام الغيابية الصادرة بحق المعارض أحمد جعفر محمد
فرّ محمد من البلاد عام 2013، وحكمت المحاكم البحرينية عليه غيابياً لاحقاً بالسَّجن المؤبد مرتين على الأقل بعد محاكمات جائرة على ما يبدو. وفي 2015، جرّدته السلطات البحرينية من جنسيته، وتركته بلا جنسية.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2013، بعد فرار محمد من البحرين، حكمت عليه محكمة بحرينية مع 8 متهمين آخرين بالسجن مدى الحياة بتهم تتعلق بالإرهاب. حُكم على محمد وأربعة آخرين غيابياً.
ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية في ذلك الوقت، فإنّ المتهمين الأربعة الذين مَثَلوا للمحاكمة قالوا للمحكمة إن اعترافاتهم انتُزعت تحت التعذيب لكن المحكمة تجاهلت رواياتهم.
في شباط/ فبراير 2015، حُكم على محمد مرة أخرى بالسجن المؤبد وجُرّد من جنسيته البحرينية بتهمة التورط عن بعد بتنفيذ تفجير في 2014، أسفر عن مقتل شرطيَّين بحرينيَّين وشرطي إماراتي.
وفي إثر ذلك، حُكم على 6 متهمين آخرين في القضية بالسجن المؤبد، وحُكم على 3 بالإعدام رغم مزاعم التعذيب، ثم أُعدموا لاحقاً في 13 كانون الثاني/يناير 2017. حينها، قال “مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” إنهّ “رُوِّع” جراء هذه الإعدامات.
أمّا في إعلانها عن إعادة محمد قسراً إلى البحرين في 24 يناير/كانون الثاني، أشارت وزارة الداخلية البحرينية إلى إدانتين أخريين غيابيّتَين ضد محمد بين 2012 و2015 – حكمٌ آخر بالسَّجن المؤبد وحكم بعشر سنوات لجرائم متعلقة بالإرهاب.
هذا ووثّقت “هيومن رايتس ووتش” تعذيب محمد من قبل السلطات البحرينية أثناء استجوابه بعد اعتقاله مع متظاهرين آخرين عام 2007 بعد مشاركته في سلسلة مظاهرات رداً على انتهاكات مزعومة لقوات الأمن. وحُكم عليه لاحقاً بالسجن لجرائم منها التجمع غير القانوني وحيازة أسلحة بشكل غير قانوني، ثمّ أُطلق سراحه مع سجناء سياسيين آخرين عام 2009 بموجب عفو ملكي.
ويضم تقريرٌ لـ “هيومن رايتس ووتش” في 2010 مقابلةً مع محمد حول استخدام التعذيب في البحرين.
وقال محمد خلال التقرير إنّ المحققين “علّقوه لفترات طويلة، ربما بأنبوب، من يديه المقيدتين وتعرض للضرب والركل”، مضيفاً أنه عُلّق لاحقاً بنفس الطريقة مرة ثانية بعد أن نفى حيازة بندقية.
ووثّقت المنظمة أيضاً تفشي انتهاكات المحاكمات العادلة في المحاكم البحرينية التي تتعامل مع قضايا المعارضين والمنتقدين، وتقاعس السلطات البحرينية عن التحقيق في شكاوى التعذيب ومحاسبة المسؤولين، مشيرةً إلى أنّه منذ 2011، جرّدت البحرين مئات البحرينيين من جنسيتهم، وتركتهم في حالات عدة بلا جنسية.