“عيال سعود” في السينما.. عذرًا في الإعلام!
بقلم/ ليلى عماشا
كما في ميادين الحرب العسكرية، وكما في ميدان العمليّات المخابراتية السرّيّة، كذلك في ميدان الإعلام، أثبت “عيال سعود” تفوّقهم المنقطع النظير في صناعة الفشل وتحويله إلى ماركة مسجّلة باسمهم، ولم يبقَ سوى أن يطالبوا بتسجيل إخفاقاتهم كملكية فكرية خشية أن يقوم أحد ما بتقليدها، ولكفالة حقّهم باستثمارها ومنح صبيانهم وكالات حصرية باستخدامها حين تدعو الحاجة.
بالمعيار العسكري، ثمّة إجماع عالمي على أن حربهم على اليمن هي إحدى أكثر الحروب التي لا ينجح فيها المعتدي، ولا لمرّة واحدة، بتحقيق أيّ إنجاز قتاليّ. والأمر مفهوم طبعًا. فالحرب صنعة عدّتها الشجاعة، والشجاعة التي بدورها هي سمة الأحرار، هي عنصر غير متوفر في التركيبة الجينية التي يتميّز بها “عيال سعود”.
أمّا بخصوص الميدان الاستخباري، فلا بدّ من الإشادة بالإنجاز السريّ وبالعملية المعقدة التي رافقت اغتيالهم لمواطنهم الخاشقجي، والتي تميّزت بالسريّة العميقة وبسرعة الانكشاف وهما عنصران لا يجتمعان إلّا في إطار إبداعي بتوقيع سعود. وما أدراكم من سعود!
أما في ميدان الإعلام، فلا تقلّ الإبداعات السعوديّة تميّزًا. من بعد “الفيديو” الذي كشف مشاركة حزب الله في إدارة الحرب في اليمن عبر تصوير سرّي جدًا لناطق نجح للمرة الأولى في دمج أكثر من ٧ لهجات في مقطع تمثيليّ قصير، خرج المالكي علينا بفيديو آخر، قبل أن نستفيق من صدمة الأول، ليكشف بدوره مركزًا لصناعة وتجميع الصواريخ الباليستية في ميناء الحديدة. ولشدّة قوّة هذا المركز، تبيّن بعد دقائق قليلة أنّ فيلمًا أميركيًا يحوي المشاهد ذاتها. هل ظننتم مثلًا أن المالكي ومن معه قاموا بسرقة المشهد ولم ينتبهوا إلى إمكانية انكشاف الأمر؟ بالطبع ظنّكم صحيح، مع تعديل بسيط: لا يعنيهم أن ينكشف الأمر. فهم يراهنون على نقطتين أساسيتين:
– لن يتجرأ غلام أو جارية من الإعلام العامل في سوقهم على أن يظهر بمظهر المطّلع ويكذّبهم.
– ربطًا بالنقطة الأولى، الجمهور الذي يرتاد سوقهم الإعلامية تلك لن يكلّف نفسه عناء المطالبة ولو باحترام شكليّ لعقله.
وبالتالي، يمعن عيال سعود في صناعة الإخفاقات المتتالية دون إعطاء أيّ قيمة لانعكاساتها، لأنّهم أصلًا قاموا بشراء الانعاكاسات التي تناسبهم ويريدونها، واعتمدوا الكذب المكشوف والرخيص لأنّهم يعلمون جيّدًا أنّهم ليسوا بحاجة إلى جهد الإقناع؛ ببساطة، هم يعرفون أنّ الشارع الذي اشتروه سيصفّق لأكاذيبهم ويتبناها مرغمًا لأنّه تحوّل إلى عبد مملوك، ويعرفون أنّ الشارع الحرّ لن يصدقهم ولو بذلوا ألف جهد في صياغة الكذبة. يبقى فقط أنّهم مطالبون باحترام مشاهديهم، ولو على سبيل المجاملة، وبعدم إحراج أبواقهم عبر إجبارهم على الظهور بمظهر الأغبياء.
“عيال سعود”، بلهجة أهل اليمن الكرام، سجّلوا بالأمس انجازًا جديدًا يُضاف إلى إنجازاتهم التي حيّرت أهل العلم وأهل الأخلاق وسائر أهل الأرض؛ لقد فهموا أخيرًا أنّ الإعلام ميدان حربي، وأنّ عليهم دخوله وتسطير العجائب فيه، ويبدو أنهم استفادوا من سجلّ السوابق الذي سطّروا فيه العجائب والبدع، فاستخدموا امكانياتهم المهولة تلك في السلاح الإعلامي.
بانتظار ابداعات جديدة من إخراج “عيال سعود”، تحيّة إلى أهل الحبّ والذكاء والشجاعة في اليمن، المبدعين في تأديب وتقريع سعود وعياله.