العربانُ وحميرُ طروادة
بقلم/ د. شعفل علي عمير
من يجعل من نفسه مطيةً ليركبَ عليها أعداءُ شعبه لاحتلال أرضه هو فعلاً حمار طروادة الذي يُضرَبُ به المَثَلُ في نقل جيوش الإغريق المحتلّين إلى طروادة، ابتدع الإماراتيون حيلةً توحي بأنهم قد تركوا اليمن وغادروا أرضه بينما الحقيقة أنها دخلت اليمن بحمار يشبه إلى حَــدٍّ كبير حصان طروادة إلَّا أن هذا الحصان اليوم بشكل آدمي كان سبباً في بقاء المحتلّ السعوديّ والإماراتي، فتحوا أبوابَ بلدهم كما فعل الطرواديون ليعملَ العدوُّ نفسَ عمل الإغريق، فنهبوا ثرواتِهم وقتلوا شبابَهم واستباحوا أرضهم فأصبحوا عبيداً للمحتلّ كما أصبح سُكانُ طروادة عبيداً للإغريق فكُلّ محتلّ لا يمكنه البقاء إذَا لم يكن هناك حمير تشبه حصانَ طروادة تكون أدَاة ينفذ بها المحتلُّ أهدافَه ويضمَنُ الاستمراريةَ لوجوده، فأي كائن يرتضي لنفسه أن يكون مطيةً وبهذا الرخص لا يستحقُّ أن ينتميَ إلى وطن ولا يمكن أن يُطلِقَ عليه صفةَ الانتماء الحقيقي لوطن، فالأرض لا تقبل من يبيعُها لمحتلّ ويبقى يتنفَّسُ هواءَها ويفترشُ أرضَها ويلتحفُ سماءَها، هذه سُنةٌ إلهية، فالأرض لمن يحميها لا لمن يدنسها ويبيعها.
سيأتي اليوم الذي يُطرَدُ المحتلّون من كُـلّ شبر من الأرض اليمنية نادمين صاغرين، ويبقى مصيرُ المرتزِق الذي أدخلهم أرضَه مجهولاً ويصبحُ عِبئاً على الغازي، فلم يعد لبقائه فائدةٌ بعد أن أوصل المحتلّ على ظهره وانتهت مهمته.
حصان طروادة بعد أن أوصل الإغريق إلى طروادة لم يعد له ضرورة للبقاء وكذلك هم حمير المحتلّ فقد أدوا دورَهم وانتهت مهمتُهم بوصولِ المحتلِّ إلى أرضهم، فكيفَ سيكونُ حالُهم عندما يخرُجُ المحتلّ الذي أصبح خروجُه من كُـلّ شبر من الأراضي ضرورةً لليمنيين كضرورةِ الهواء للحياة؟!
ألم يتساءل مرتزِقة العدوان كيف سيصبح مصيرهم وكيف سيكون مآلهم بعد دحر المحتلّ؟، متى يسألون أنفسهم متى يخاطبون ذواتهم؟!
عادةً ما يبقى في الإنسان ذرةُ خير مهما بلغ من ضلال وانحراف عن الحق، وما عليه إلا أن يرويَ هذه البِذرةَ بفَيضِ الإيمان ونورِ الحقيقة لتنموَ وتكبُرَ هذه البذرة ومن ثَمَّ تتغلب على نفسه الأمّارة بالسوء، وإلَّا فَـإنَّ هذه البذرة تضمرُ ومن ثَم تموت ويحدث ما يسمى موت الضمير، فلا يتأثر بعدها هذا الإنسان بأي مؤثر، لم يُزَكِّ نفسَه فأصبحت رجساً، يبقى في هَمٍّ دائم وقلقٍ متواصلٍ حتى وإن تظاهر بعكس هذا الحال، فعلى من لا يزالون تحتَ تأثير المال المدنَّس أن يرحموا ذواتهم التي يعيشون معها في صراع داخلي متواصل.
عليهم أن يُنَمُّوا في أنفسهم بذورَ الخير قبل أن يفوتَ الأوانُ فتموت ضمائرُهم فيصبحون كالأنعام التي يمتطي عليها أعداؤهم لتوصلهم إلى أهدافهم.