من المسؤول عن زلزال الحولة السوري والعربي ?
وأنا بصدد توريط قلمي في موضوع حس?اس وخطير أدلي فيه برأيي وأشعر بثقل مسؤولية الكتابة حوله ? أبدأ قبل كل? شيء بتسجيل نقطتي?ن من الأهمية بمكان. أو?لا : براءة من الله ورسوله والمومنين إلى قاتلي الأطفال وذابحي الأبرياء في سوريا بصفة عامة ? والويل واللعنة والخزي والعار والذل على جزا?ري الحولة بصفة خاصة. ثانيا : حين يكون الواقع?ْ الذي نريد معالجت?ِه معق?دا?ٍ وذا أو?ج?ْه?ُ متعد?دة ? م?ْتداخ?ل?ِ العناصر وم?ْتشاب?ك?ِ العلاقات كما هو حال الوضع الراهن السوري ? فلابد? للباحث المفك?ر فيه م?ن? أخذ كل? هذا بعين الاعتبار وإلا? فلن تكون نتيجة?ْ التحليل مساعدة?ٍ على فهم الحقيقة والوصول إليها.
إذا لم يكن القارىء م?ْت?ف?ق?ٍا معي على هاتي?ن النقطتي?ن فإن?ي أطلب منه بكل? بساطة أن لا يتابع قراءة ورقتي المختصرة هذه.
بعد وقوع مجزرة الحولة الهمجية التي ذهب ضحي?ت?ِها عدد?َ كبير من السوري?ين من بينهم عشرات الأطفال الأبرياء ? كث?ْر?ِت ردود?ْ الأفعال على المستوى الفردي والجماعي ? الشعبي والرسمي ? الشرقي والغربي .. ? وجاءت كل??ْها مند?دة منتقدة ? غاضبة وشاجبة ? لكن?ها كانت حائرة ومترد?دة إذ ظهر أن?ها لم تكن م?ْت?ف?قة حول الجهة المنفذة والمسؤولة عن هذه العملية الوحشية المنحرفة عن الوعي الأخلاقي والحضاري للإنسان. وبينما لم تترد?د الأغلبية?ْ من توجيه أصابع الاتهام إلى النظام السوري وأعوانه ولا سيما عناصر الشبيحة? قام آخرون بتعيين جماعات ( إم?ا جهادية معادية للنظام ? وإم?ا تابعة للجيش السوري الحر? ? وإم?ا مرتزقة يعملون لجهات مشبوه بها وعدو?ة لسوريا كدولة ووطن تتعايش فيه بسلام أقليات?َ وطوائف?َ مختلفة.. ) ? كمسؤولة عن ارتكاب هذه المذبحة. والحالة هذه ? لا ي?ِس?ِع?ْ المرء ? وهو يتابع على شبكة الإنترنت كل? ما ي?ْقال ويدور حول حدث ” زلزال الحولة ” كما سم?اه الشاعر?ْ والمفك?ر السوري أدونيس ? إلا? أن? ي?ْسج?ل حضور?ِ سؤال م?ل?حاح طرح?ِ نفس?ِه بقوة على كل? من ي?ِسكن?ْه هاجس?ْ الحقيقة وت?ْح?ِف?ز?ْ مواقف?ِه معرفة?ْ الوقائع بطريقة محايدة وموضوعية : هل للنظام الحاكم في سوريا من فائدة في ارتكاب مجزرة الحولة وقتل الأطفال ?
بعيدا عن الأسلوب العاطفي والانفعالي الذي طبع مواقف?ِ كل? من الأطراف المنحازة والمتعارضة ? وتحد?يا?ٍ لكابوس الفوضى العربية التي تقض? مضاجع?ِنا وت?ْذ?ع?ر الصغار?ِ والكبار من?ا ? وصمودا?ٍ أمام كل? إرادة غير عربية تحاول المساس بعقولنا وإصابتنا بجنون الانتماء الطائفي وجر?نا إلى التفك?ك والانحلال ومن ث?ِم? الهلاك ? يليق بكل? من يحاول أن يفهم ما يحدث وما ي?ْمكن أن يترتب?ِ عنه من تبعات وتداعيات خطيرة ت?ِو?ِخ?ي التأن?ي وعدم الانصياع وراء اليقيني?ات المسبقة والاعتقادات المطلقة في سياق مليء بالشكوك والريبة والشبهات وتتحكم فيه قوى عديدة ومختلفة تتضارب فيها مصالح?ْها وتسعى كل واحدة منها إلى فرض رؤيتها ووجودها على الآخرين – إم?ا بالعنف والاستبداد والحديد والنار ? وإم?ا بالحيلة والخديعة ? وإم?ا بهاتي?ن الوسيلتي?ن معا?ٍ ? وإم?ا بوسائل أخرى- من أجل تحقيق غاياتها. لهذا لا حرج من الاستماع إلى من يدافعون عن النظام وي?ْب?ع?دون عنه مسؤولية?ِ المجزرة ? وقراءة? دلائلهم والوقوف? على تفسيراتهم ? ثم الانصات? إلى دلائل وتفسيرات من يحم?لون النظام?ِ مسؤولية?ِ ما ي?ْمكن نعت?ْه بجريمة في حق الإنسانية.
يقد?م أصحاب?ْ الموقف القائل بأن النظام لا يمكنه أن يكون وراء مجزرة الحولة لأنه لا وجود لمصلحة له في ارتكابها ? مجموعة?ٍ من العناصر لتبرير ما يذهبون إليه. هاكم بعضا?ٍ منها أو أهم? ما تسمح به مساحة?ْ هذه الورقة :
– كيف يمكن للنظام أن يجر? على نفسه الويلات بارتكاب هذا النوع من المجازر وهو يعرف
أن?ه مراقب من طرف الأسرة الدولية التي تتابع كل? ما يفعله في تعامله مع الأزمة الداخلية ? كيف يقبل على جريمة بهذا الحجم الكبير من الوحشية وف?ر?ِق المراقبين الأممي?ين منتشرة هنا وهناك لتقصي الحقائق ? وجمع الشهادات والعناصر لتوثيق ما يحدث ? إن?ه يعرف أن? الإقبال على مثل هذه المذابح يعني إعطاء ذرائع وعلل لن يستطيع نفي?ِها أو التهر?ب منها لتفادي انتقادات? وهجمات? ودعوات م?ِن يريدون التدخل العسكري في الشأن السوري. ارتكاب مجزرة الحولة هو بمثابة رهان على تدويل عسكري للإشكالية السورية ? لهذا من الواضح أن? المستفيد الوحيد منها هو الذي كان وراءها وقام بتنفيذها ? واستفادته منها تكمن في إرادة إسنادها للنظام الحاكم قصد إثارة ردود فعل محلية وإقليمية ودولية ربما تؤد?ي إلى التدخل الأجنبي ..
– إن? التطورات التي شهدتها المشكلة?ْ السورية مباشرة بعد حدوث المذبحة تصب? في مصلحة
من كان وراءها إذ أدانت أغلبية?ْ دول العالم النظام?ِ السوري وحم?لته مسؤولية?ِ المجزرة ? وط?ْر?د?ِ سفراء?ْ سوريا من عد?ة عواصم غربية ? وأ?ْع?ل?ن عن عقوبات جديدة على سوريا ? وف