إكراماً لدماء الشهداء
بقلم/ محمد صالح حاتم
لأجل اليمن ضحوا بأرواحِهم ورووا تربتها بدمائهم، جادوا بأغلى ما يملكون، لم يفكروا في منصبٍ أو جاهٍ أَو مال!!..
هؤلاء هم عظماء اليمن، الذين نحتفل بالذكرى السنوية لهم.
شهداءُ اليمن الكرام، العظماء، الذين مهما كتبنا عنهم، ونظمنا القصائد فيهم، وألّفنا الكُتُبَ، وتحدثنا عن بطولاتهم وتضحياتهم لن نفيَهم ولا واحداً بالمئة مما قدموه لأجل الوطن والعزة والكرامة.
بدمائهم تُبنى الأوطان، نعالُهم أشرفُ من تيجان الملك، وكراسي الحكم، تنحني الجباهُ لهم؛ تشريفاً وإعزازاً وإكباراً.
سبعة أعوام من الحرب والعدوان والحصار واليمن تقدم كُـلَّ يوم قوافلَ من الشهداء، وانهاراً من الدماء، في معركة الكرامة والعزة والسيادة والاستقلال، أطفالٌ يُتموا، وثكالى رُملت، آباءٌ وأُمهات ضحوا بفلذات أكبادهم، أسرٌ فقدت عائلها الوحيد، قصصُ عطاء وحكايات سترويها وتتناقلها الأجيال، وتدرس في كتب السير والأخبار.
يصنعون المجد بدمائهم، ويخطُّون مستقبلَ شعب، ويبنون اقتصاد أجيال قادمة.
هؤلاء ماذا قدمنا لهم ولأسرهم؟
لا يكفي أن نحتفلَ بذكراهم كُـلَّ عام، ونعلِّقَ صورهم في الشوارع والساحات والميادين وعرض الجدران، ونقيمَ الاحتفالات والفعاليات في الوزارات والمؤسّسات والدوائر الحكومية، ليس هذا ما كان يتمناه الشهداء، ولا ما كان يحلمون به!
لا يكفي أن نصرفَ راتباً لأسرهم عند ذكرى استشهادهم فقط أَو في المناسبات الدينية!.
بل يجب أن تصرفَ مرتباتٍ لأسر الشهداء كُـلَّ شهر وباستمرار دون انقطاع، وأن يكونَ لهم تأمينٌ صحي شامل، ومجانية التعليم لأبنائهم وإخوانهم في المدارس والجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية، وأن تكون لهم مقاعدُ في الكليات العسكرية والأمنية، وأن تقومَ الحكومة بوضع خطة استراتيجية لإنشاء مدن سكنية لأسر وأبناء الشهداء في جميع محافظات الجمهورية.
ووفاءً لدماء الشهداء يجب تحقيقُ مشروع الشهيد الصماد (يدٌ تحمي ويدٌ تبني) على أرض الواقع وأن لا يظل مشروعاً نتغنى به، ونذكره في محافلنا وخطاباتنا ومناسباتنا الوطنية والدينية، فيجب محاربةُ الفساد، واجتثاثُه من جذوره، والتوجُّـهُ الجاد لبناء دولة مؤسّسات حقيقية، بعيدًا عن المحسوبية والمناطقية والحزبية، “دولة للشعب لا شعب للدولة”، وأن نواصلَ دربَ هؤلاء الأبطال، ونسير على خُطَاهم في الدفاع عن الدين والوطن والعِرض والشرف والكرامة، وطرد المحتلّ والغازي من كُـلّ شبر من تراب الوطن الغالي، وأن نحافظ على وحدة وَسيادة واستقلال بلدنا!.
فهذا أقل ما يمكن تقديمه وفاءً وعرفانًا لدماء الشهداء.
ما لم فستصيبُنا لعنةُ التاريخ والأجيال القادمة.
فدماءُ هؤلاء الشهداء ستكون طوفاناً تجرفُ كُـلَّ محتلٍّ وغازٍ وخائن وعميل ومنافق.