مقبرة الغزاة و«النفايات»
بقلم/ خالد العراسي
في الوقت الذي يولي قائد الثورة “سلام الله عليه” اهتماماً كبيراً بملف الاكتفاء الذاتي زراعياً، نجد وتيرة تهريب المبيدات المغشوشة والفاسدة ومنتهية الصلاحية قد زادت بدرجة عالية.
طبعاً الموضوع ليس تجارة وأطماعاً، وإنما تنفيذ برنامج صهيوني يهدف إلى قتل الأشجار وتدمير الأرض اليمنية الخصبة، بحيث تنتهي الزراعة مستقبلاً في كل الأماكن التي تمكنوا من استهدافها بتلك المبيدات القاتلة، وهذا ما حدث إبان النظام السابق عند إدخال مبيدات صهيونية قضت آنذاك على آلاف الأشجار من شجرة “الفرسك”.
يعني الموضوع ليس مجرد تهريب وتجارة غير مشروعة، بل يأتي ضمن الحرب الاقتصادية وسياسة التجويع.
خطر إدخال المبيدات الزراعية وتحديداً عبر التهريب كبير جداً، ليس لأن التهريب يدمر الاقتصاد فقط، وإنما لأن المواد المهربة عموماً، لا تخضع للفحص وفق المواصفات والمقاييس، وغالباً ما تكون ضمن المواد غير المرخصة، ولهذا نجدها مواداً سامة وقاتلة، وبخاصة المبيدات المصنفة بالأكثر خطراً، حيث تتحول منتهية الصلاحية منها إلى نفايات كيميائية..
وهنا تبحث الدول المصنعة عن طريقة للتخلص منها وتدفع مبالغ كبيرة لمن يساعدها في ذلك، بمعنى أن الشخص الذي يدخل مبيدات منتهية أو فاسدة هو في حقيقة الأمر لم يشترها، بل إنه قبض مبالغ كبيرة جدا نظير قيامه بإخراجها من بلد المنشأ، أما مسألة إدخالها إلى اليمن فهذا له أجور جانبية أيضاً باعتبارنا بلداً مستهدفاً ومعتدى عليه كونياً في ظل صمت وتواطؤ دولي، ومن هذا المنطلق علينا عدم الاكتفاء بمصادرة الشحنة، وكأن حكومتنا أنجزت ما لم ينجزه السابقون بهذا الإجراء السخيف، فالموضوع لا يجب أن ينتهي عند مصادرة شحنة لا تعرف حكومتنا في الغالب كيف تتخلص منها ولا قدرة لديها على إرجاعها إلى بلدان المنشأ، وهذا ما حدث فعلاً قبل ثلاثة أعوام عندما تم التحرز على شحنة مكونة من 6 حاويات من المبيدات منتهية الصلاحية ولا تزال حكومتنا حتى هذه اللحظة عاجزة عن إعادتها أو إتلافها.
الواجب يقضي بسجن ومحاكمة صاحب الشحنة، علماً أن الأسماء الظاهرة في عمليات تهريب المبيدات المنتهية مجرد واجهة وتغطية للأسماء الحقيقية التي تدير الجريمة وتتبناها، وهذا لا يمكن أن يكون عملاً فردياً، ومما لا شك فيه أن كل ذلك يتم خدمة للعدوان، ومن ينفذ هذه الجرائم هم أذرع العدوان في الداخل، إلا أن المؤلم والمحزن في الأمر هو أننا لم نسمع عن محاكمة أحد بهذا الجرم؛ سواء كان المجرم الحقيقي أو حتى الأشخاص الذين تم استخدامهم كواجهة وغطاء له.
لم نسمع عن محاكمة أحد مهربي المبيدات المنتهية وإعدامه وتعزيره رغم خطورة الموضوع.. فهل تلتفت حكومتنا لهذا الخطر بجدية؟!