رؤية إسرائيلية لنتائج الانتخابات المصرية
يراقب الكيان الصهيوني كله بقلق?ُ وخوف?ُ وتوجس?ُ شديد? داخل فلسطين المحتلة وخارجها? وعلى كل المستويات السياسية والأمنية والعسكرية? ويشاركهم في ذلك مراكز?ْ دراسات?ُ ومؤسسات?ْ استطلاع?ُ وباحثون إستراتيجيون ومفكرون كبار? نتائج?ِ انتخابات الجولة الأولى في مصر? حيث يسود قلق?َ إسرائيلي واضح?َ وكبير من نتائج الانتخابات المصرية? أيهما سيكون رئيس مصر القادم? وكيف سيتعامل معهم? وكيف سيكون موقفه من اتفاقية كامب ديفيد الموقعة معهم? والتي شكلت لهم مظلة من الاستقرار والأمان لسنوات?ُ طويلة? وأراحتهم من خطر?ُ مرعب?ُ كان يتهددهم? ويطوح بأحلامهم ويبدد خيالاتهم.
ومن قبل سيطر القلق والخوف على المستويات الإسرائيلية نتيجة الثورة المصرية التي أطاحت بأهم نظام عربي يدافع عن الكيان الصهيوني ويحمي مصالحهم? ويقاتل ويحارب ويعاقب ويقتل من يقاتلهم ويعرض أمنهم للخطر? وقد بكى لسقوطه سياسيون إسرائيليون? وقادة عسكريون ومسؤولون كبار? وأسفروا عن حزنهم الشديد لفقده? وبينوا يتمهم الحقيقي لغيابه.
الكيان الإسرائيلي حذر?َ ويترقب? يراقب ويتابع ويستقصي ويجمع المعلومات? يستطلع ويرصد ويحلل ويربط? ويلتقي بالحلفاء وينسق معهم? ويرسل الرسائل ويطلق التحذيرات? وينبه الجميع بأن القادم في مصر خطر?َ جدا?ٍ? وأن مصر القائدة عائدة? وأن مصر الرئيس راجعة? وأن مصر المثال والنموذج والأسوة والقدوة باتت على الأبواب? وأن مصالح الغرب والولايات المتحدة قبل المصالح الإسرائيلية سيطالها التغيير? وسيشملها التبديل? فعلى كل الأطراف أن تتعاون? وعلى كل الجهود أن تتضافر وتتناسق? لتتحكم في المارد المصري قبل خروجه من القمقم? أو لتسيطر عليه وتحيطه بقوتها ونفوذها إذا خرج? إذ لخروجه من قمقمه وعودته إلى تاريخه ودوره تداعيات?َ وآثار?َ ونتائج?َ? لذا لا بد من إحاطة التجربة لإحباطها? أو تطويقها لتقييدها.
ينصح الخبراء الإسرائيليون حكومتهم خاصة?ٍ وزير خارجيتهم المنفلت من عقاله? الذي اعتاد على إطلاق تصريحات?ُ مستفزة? واتخاذ مواقف عدائية? من مغبة استفزاز الشعب المصري? والإساءة إلى أحد أطرافه وأحزابه المتنافسة? بما فيها حركة الإخوان المسلمين والقوى والإسلامية الأخرى? خوفا?ٍ من انهيار اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين? التي يصفها بعضهم بأنها تقف على المحك? ولهذا يؤكدون على ضرورة الصمت والتريث إزاء أي مستجدات?ُ مصرية? وفي مواجهة الأحداث اليومية المتسارعة.
ينظر بعض المحللين الإسرائيليين إلى أن فوز مرسي وشفيق يؤكد على نجاح “التنظيم والنظام” على حد سواء? فالاثنان يمثلان القوى الأكثر تنظيما?ٍ في مصر اليوم? وهما الجيش من ناحية? والإخوان المسلمون والقوى الإسلامية من الناحية الثانية? ولهذا فمن الممكن الرهان على الجيش الذي يمثل في عمقه النظام القديم? ويعتبر مرشحه شفيق أحد أهم أقطابه? فهو ينتمي إلى مؤسسة الجيش إذ كان قائدا?ٍ للقوات الجوية? كما ينتمي إلى النظام السابق بصفته وزيرا?ٍ فيه لسنوات? وآخر رئيس حكومة?ُ وثق به مبارك? وكلفه تشكيل حكومة? إنقاذ?ُ لمصر? ولهذا فإن الرهان عليه قد ينقذ إسرائيل وغيرها من حالة الخوف التي قد يسببها فوز مرشح الإخوان المسلمين.
ولكن آخرين يستبعدون فوز شفيق? ويرون أنه حصان?َ خاسر? وأن الرهان عليه مضيعة للوقت? وأن الشارع المصري سيلتف حول مرشح الإخوان لضمان فشل بقايا النظام القديم? وعليه فإن البديل بالنسبة إلى حكومة الكيان الإسرائيلي هو التقارب مع قيادة الجيش المصري? الذي هو الثابت الوحيد في المعادلة المصرية? والذي يستطيع إلى حد?ُ ما ضبط إيقاع وأداء أي فائز?ُ في انتخابات الرئاسة المصرية? كما أنه ما زال يمسك بخطوط صياغة الدستور المصري الجديد? ويملك ورقة تحديد صلاحيات الرئيس? ولعل قيادة الجيش المصري تدرك بما لديها من وثائق?ُ وأسرار أكثر بكثير مما يدركه أي سياسي?ُ هاو?ُ? أو متطلع لأن يساهم في رسم السياسة المصرية? أن مصر لا تستطيع التحليق خارج الفضاءات الدولية والإقليمية? وأنها محكومة لقوانين وأنظمة تجعل تجاوز القيادة المصرية لها? حكم?َ على مصر بالانكماش وتراجع الدور والانشغال في مشاكلها الخاصة? وهموم شعبها اليومية.
ولكنهم يرون أن هذا الخيار الذي يستند إلى الضمانات الدولية? ومنظومة القوى الدولية والأممية? ويرتكز إلى مفاهيم وأنظمة لا يدركها عامة?ْ المواطنين? في الوقت الذي لا يستطع السياسيون تجاوزها أو القفز عليها? لا يمنع إمكانية حدوث مواجهة بين مصر والكيان الإسرائيلي? فحالة العداء المصرية لإسرائيل في تزايد?ُ مستمر? الأمر الذي من شأنه أن يضعف ضوابط الاتفاقيات الأمنية مع مصر? ويزيد من إمكانية تزايد فتيل اللهب أو شعلة النار الشعبية المصرية المتأججة? وخروج الأمر كله عن دائرة السيطرة.
خسر الإسرائيليون مصر منذ اليوم الأول للثورة المصرية? وأدركوا يقينا?ٍ أن مصر ما بعد 25 يناير لن تكون مصر التي عرفوا? ولن يكون النظام فيها كالنظام السابق? صديقا?ٍ رقيقا?ٍ لطيفا?ٍ مخلصا?ٍ ودودا?ٍ حاميا?ٍ و