فشلُ العدوان وخياراتُ الانسحاب
بقلم/ إكرام المحاقري
تكتيكية التراجع للخلف، هذا ما اتقنته قوى العدوان مؤخّراً في العديد من الجبهات العسكرية والتي سيطروا عليها لوهلة من الزمن المعاصر، وعلى مسار واحد تراجعت تلك القوى المستعمرة لترسم صورة جديدة لما سيحدث في قادم الأيّام خَاصَّة في باب المندب، والتي بدأ العدوّ للاستعداد لها بعد احتدام المعركة في محافظة مأرب شمال اليمن، والتي باتت على قاب قوسين أَو أدنى من التحرير والعودة إلى حضن الوطن.
فمن وإلى، هذا واقع القوى الغازية وواقع السلاح الأمريكي والتنظيمات الإرهابية في آن واحد، فكلهم قد نالهم من العار والخزي والهزيمة ما يجعلهم يراجعون حساباتهم القديمة مجدّدًا، فـالأدوات الأمريكية قد توحدت في معركة السيطرة على الجزيرة العربية نصراً للوجود والسيطرة الصهيونية في المنطقة، لكن الفشل كان حليفهم ليس في اليمن فقط، فماضيهم في حرب تموز في (لبنان) مليء بالهزائم المخزية.. وكذلك في حروب عديدة أُخرى.
فما يحدث هذه الأيّام من هجمات شبه يومية للمسيَّرات والباليستيات اليمنية له دلالاته وأبعاده بالنسبة لقرار الانسحاب الذي ستتخذه دول العدوان قريباً لترتكز في نقطة واحدة، لكن المهم في الأمر حتى وإن كانت تلك النقطة مرتكزة على باب المندب والجزر اليمنية فَـإنَّها بالتأكيد ستكون مخترقة من قبل الاستخبارات اليمنية التابعة لحكومة صنعاء، وستكون التحَرّكات العسكرية هناك مشابهة لاختراق العمق السعوديّ وتجاوز الباتريوت الأمريكية بكل سهولة، وهذا ما سيحدث فعلاً، فـجيوش المرتزِقة مخترقة فعلاً ولم يعد لها طاقة للمواجهة وهذا ما يحدث في مواجهات محافظة مأرب شمال اليمن.
كذلك بالنسبة لواقع إعلام العدوّ الذي أتقن الكذب وتلفيق الانتصارات من مهزلة المطار الصحراوي لمحافظة مأرب، إلى تلك الانتصارات لـفيتوشوب الجيوش الإلكترونية المزيفة، لتمييع الحقائق وخلط الأوراق وتتويه الرأي العالمي، فـكُـلّ ذلك لم يعد يجدي بـالنفع على الإطلاق، فـغلطة الأنظمة الخليجية وشن حرباً سياسية على لبنان بذريعة تصريحات الوزير “جورج قرداحي” بشأن القضية اليمنية وتصنيفه للحرب بأنها حرب عبثية، هي من كشفت الستار للعالم عن حقيقة ما يحدث في اليمن، وهذه معادلة رد الكيد في النحر.
نهاية الصراع، قد يكون قريباً بالنسبة لليمن، وقد يكون حديثاً جديدًا بـالنسبة لدول أُخرى كـلبنان، فـالتحَرّكات الصهيونية في المنطقة ليست بـالأمر السهل، فهناك خطط مدروسة للموساد الصهيوني حال فشل الحرب في اليمن بشكل كلي، وهذا ما سيحدث فعلاً، لكن السؤال هنا هو إلى أين ستنسحب القوات العدوانية حال انسحابها من اليمن بشكل كلي بعد الهزيمة التي ستلحق بهم في باب المندب؟! هل سيكون للبنانيون نصيب في عدوان قادم، أم ستستوطن تلك القوات الأراضي والنفط الخليجي بشكل عام، ليكون ذلك قرابين خليجية لأسيادهم في البيت الأبيض وتل أبيب نتيجة فشلهم في اليمن؟! لن نستبق الأحداث فـالأيّام القادمة حبلى بالمفاجآت، وإن غداً لناظره قريب.