شعوب?َ للذكرى !!!
يبدو أن قضايانا ومشاكلنا ومآسينا وهمومنا – نحن العرب – يجب ألا ت?ْذكر أو ت?ْطرح إلا في مناسباتها الخاصة ,,, فقضية فلسطين (عشرات القضايا في قضية واحدة) لا نذكرهن إلا في كل عام مره مع اختلاف عدد السنين ,,, وقبل كل ذكرى نجد الشعوب العربية تتفاعل مع الأحداث كأنها وتتكلم فيها وتكتب المقالات وتنتج البرامج وتعمل المظاهرات والمسيرات والفعاليات والاحتفالات ,,, ثم ما يلبث أن تمر الأيام حتى تتلاشى همومنا ونغسل أيدينا وأفكارنا من هذه القضية وكأنها لم تكن أو ربما نظن أننا أوفيناها حقها على أمل أن يأتي العام القادم ونحن مازلنا أحياء لنحيي ذكرى هذه القضية أو تلك ,,,والآن ونحن على مشارف ( الذكرى ) الأولى لحادثة محاولة اغتيال الزعيم اليمني (علي عبدالله صالح) وكبار رجال الدولة في جامع الرئاسة والتي حدثت في أول جمعة من العام الماضي بدأت الجماهير والرأي العام والخاص يبحث عن عدة أجوبة لسؤال واحد (ما مصير التحقيقات في الحادث الجنائي والذي يعتبر جناية على شعب بأكمله ?) ,,, وكأن الأيام السابقة ليس لها معنى في البحث عن أجوبة أو تحقيقات أو إعلان للمسبب والمشارك في هذه الحادثة ,,, وكنا في منتصف شهر مارس نحيي ذكرى مجزرة ساحة جامعة صنعاء والتي ذهب ضحيتها أكثر من خمسين شاب في تلك اللحظة ونتوعد ونكتب ونطالب بالقصاص ثم انتهت تلك اللحظات وكأن شيء لم يحدث على الإطلاق ,,, وكل يوم والشعوب العربية تعيش ذكرى مأساة من مآسيها وتتجدد مأساة من مآسيها لتضاف إلى قائمة المآسي التي موجودة في تاريخها وعلى صفحات أوراقها ليأتي العام القادم وأيامنا مزدحمة بالأحداث والفعاليات المأساوية ,,, وهكذا تستمر حالة السقوط في حفر الذكريات وإحيائها بالشعارات والاحتفالات ,,, ثم نعود إلى مخادعنا لنطلق لعيوننا العنان في الخوض في نوم عميق وقلوبنا مطمئنة منشرحة وكأننا قمنا بما لم يقم به الأوائل !!!
– عندما تشاهد العرب يحيون ذكرى (ما) خاصة ذكرى مأساوية (كذكرى نكبة فلسطين) تجدهم وقبل يوم الذكرى يحشدون الجهود والأفكار والكتابات والبرامج والحفلات والمظاهرات وغير ذلك وكأن الرائي إليهم يظن أن هذه السنة ستكون آخر سنة ي?ْحيا ذكراها وسيكون من السنة القادمة ذكرى انتصارات ورجوع الحق لأهله ورجوع المبعدين لأراضيهم ورجوع المظاليم إلى أماكنها ,,, وبمجرد أن يمضي يومان أو ثلاثة حتى تنتهي هذه النكبة من قلوب المنكوبين ومن قلوبنا جميعا ونسلم أمرنا للواقع تسليما تاما مجردا من أي مقاومة أو فكره للمقاومة ,,, والحال ينطبق على كل مآسينا التي هي كثيرة وكبيرة وثقيلة على قلوبنا وعقولنا وأجسادنا ,,, ولعل الملاحظ أن هذه الفعاليات وهذه الإحياءات لما مضى ما هي إلا جرع تخديرية لنا جميعا تعطى لكي نصل إلى مرحلة التشبع فلا يبقى في صدورنا أو قلوبنا أو قواميس حياتنا مجال للمقاومة أو فكر للمكافحة أو رؤية للجهاد ضد المغتصب أو المعتدي من أجل ذلك نجد جميع الأقطار اللاعربية تؤيد احتفالاتنا ومناسباتنا وتبدي تعاطفها لأن هذا جزء هام من التخدير الشامل للأمة العربية !!!
– عندما نخوض قليلا في ذكرياتنا المأساوية وما يصاحبها من يقظة للحظات قبل أن ندخل في سبات لعام قادم نجد أن هناك – جهة ما – هي من تستفيد من هذه الأحداث وهذه المآسي ,,, جهة تعد العدة لهذه الأحداث لتبدأ في الخوض واللعب على العواطف والمشاعر العربية وتحمسها وتحفزها وتلهبها بالخطب الرنانة والوعود الأخروية وبالجنة ونعيمها قبل أن تتجه أعينهم وأعين سهام خطبهم إلى جيوب هؤلاء ليخرجوا ما في جعبتهم من أموال وذهب ومدخرات إلى (شيلان) و (صناديق) و (حسابات) هذه الجهة والتي توهمهم بأنها ستعمل على مساعدة إخواننا المتضررين من هذه النكبات والأحداث والمآسي ,,, في وقت أننا كنا نمي أنفسنا أن يتم إلهاب هذه العواطف للزحف إلى هذه الأوطان لتحريرها وليس لتحرير ما في جعبتنا وجعبة المغرر بهم من أموال في وقت أن مصير هذه الأموال ظهرت مع أول إطلالة لربيعهم العربي !!!!
– من خلال الطرح يتضح جليا أن المستفيد الأول والأخير من هذه الشعوب والأحداث التي و?ْضعت للذكرى لا يتجاوزون أصحاب النكبة أنفسهم والذين هم أساس نكباتنا من احتلوا أراضينا ودنسوا مقدساتنا ودنسوا أفكارنا ولعبوا بها وتلاعبوا بها من جانب وهناك جانب داخلي أكثر ذكاء?ٍ من غيرهم عرفوا أن التباكي لن يجدي نفعا فاتجهوا لاستثمار هذه النكبات وهذه المناسبات لرفع معدل دخلهم وهكذا دأبهم مستغلين رؤية وفكره الكنيسة في العصور الوسطى عندما كانت تبيع أراضي في الجنة لأتباعها وهؤلاء لا يقلون ذكاء?ٍ عنهم بل أظنهم خرجوا من مشكاة واحدة لأنها تعرف أننا شعوب كسالى نبحث عن الجنة بأي ثمن ولكن لا نتعب لأجلها ,,, فنحن شعوب للذكرى !!!
ALHADREE_YUSEF@HOTMAIL.COM