قائدُ الثورة وعمليةُ بناء المجتمع اليمني
بقلم/ منير الشامي
إن أولَ عمل قام به رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- بعد هجرته إلى المدينة المنورة هو بناءُ مجتمع قرآني متماسك وقوي، قادر على حمل مسؤوليته العظيمة وقادر على أدائها من خلال خطوتين عمليتين، أولهما: بناءُ المسجد كدار عبادة ومركز تعليم وتأهيل وتطوير ومقر قيادة وحكم. وثانيهما: المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين وإذابة الفواصل بين الفئتين ودمجهما في فئة واحدة هي فئة المؤمنين الذي يتساوى فيها كُـلُّ أتباع هذه الرسالة في الحقوق والواجبات وفي حمل المسؤولية، وَبهذه الخطوة وحّدهم في أُمَّـة ذات لُحمة واحدة ونسيج اجتماعي واحد، وبذلك قطع الطريقَ على كُـلّ مخطّطات أعدائهم من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين التي كانوا من خلالها يستطيعون شق صفهم وزرع العداوة والبغضاء بين المهاجرين والأنصار.
كذلك تجلّت الحكمةُ النبويةُ العظيمةُ في قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي منذ الوهلة الأولى من خلال اهتمامِه المحوري بإصلاح نفوس اليمنيين وتطهير قلوبهم من العداوة والبغضاء والثأر وتوحيدِ صفوفهم ومسار توجُّـههم وتوجيه عدائهم نحو عدوِّهم الحقيقي الذي اجتهد طوالَ عقود لتفريقِهم وتحويلهم إلى شِيَعٍ متعددة متنافرة تنشغل بتدمير ذاتها ليتفرغَ عدوُّهم لتحقيق أطماعه بنهب ثروات وطنهم وخيراته.
من خلال توجيهاته بحل الخلافات ومعالجة قضايا الثأر المتوارثة على مستوى الأفراد والأسر والعشائر والقبائل وعلى مستوى المناطق والداعي القبلي، وانعكست تلك التوجيهات الحكيمة لقائد الثورة على الواقع بحل مئات القضايا ومئات الخلافات المعمرة في شتى المناطق الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى تم فيها العفوُ عن مئات الرقاب وتحقّق فيها الصلح بين المئات من الأسر والعشائر والقبائل، والتقت الأطرافُ بقلوب صافية وتحاضن خلالها الخصوم بعد عداوة لدودة وانطفأت نيران فتن أزهقت فيها أرواح العشرات من كُـلّ طرف، وعم الإخاء وسادت المودة بين الجميع، ما زاد من قوة الجبهة الداخلية وعزز من صمود الشعب وقوّى من صبره وأفشل أقوى وأخطر مؤامرات العدوان.
بتوجيه حكيم من قائد الثورة تمت مؤخّراً عمليتان نوعيتان من عمليات المؤاخاة بين اليمنيين الذين فرّقهم العدوان خلال سبع سنوات، الأولى قبل عشرة أَيَّـام تم فيها استقبالُ أبناء مديرية العبدية من قبل أبناء قبيلة سنحان بحفاوة كبيرة وفي احتفال يليق بعودة الشرفاء الأحرار إلى صف وطنهم وهُــوِيَّتهم، والثانية قبل يومين تم فيها استقبالُ أبناء مديرية جبل مراد من قبل أبناء بني مطر، وتمت العمليتان في موقف عظيم يمثل كُـلّ أبناء اليمن الشرفاء ويفتخر به كُـلّ يمني اصيل.
ولقائد الثورة يحفظه الله ويرعاه من هاتين العمليتين حكمة بالغة الأهميّة تنعكس في أمرين:-
الأول: كُـلّ عملية منهما تمثل عمليةَ ردع أقوى من عمليات الردع العسكري ضربات قوية.
الثاني: توجيه رسالة قوية ومن موقف عملي قوي لتحالف العدوان مفادُها يستحيل أن تنالوا من الشعب اليمني وَأن تجردوه من أصالته، مهما اجتهدتم ومهما أنفقتم، وكل مؤامراتكم ستفشل تحت أقدامِهم، وهذا ما يؤكّـدُه لكم أبناءُ المناطق الذين كانوا حتى الأمس تحت مؤامراتكم وكنتم تظنون أنكم قد نجحتم فيهم وجردتموهم من هُــوِيَّتهم اليمانية والإيمانية.