إنا للعـ?ْصيمات وإنا إليها راجعون?
عميق الرؤية على استعداد لأن ي?ْقدم على أي شيء إلا أن يترك الم?ْدن ال?َمسالمة تسقط بين يدي السلاح? عند ذاك يصبح الدين والشرف والقانون وأملاك الناس وسكينتهم كلها أشياء في خطر وكذلك هي تعز الـ تحولت خلال العام الفائت من ثورة خضراء إلى ثورة حمراء بدت تعز خلالها – خصوصا بعد محرقة ساحى الحرية – أشبه بمعسكر يتأهب للقتال? واستطاع حمران العيون من أمراء السلطة وأمراء الحرب إن يحيلوا ابتهالات أحمد بن علوان إلى موسم دام لقطاف العنف! كيف يمكن استعادة السكينة وبدأ عملية البناء – ليس لتعز فحسب – بل لليمن بأكملها?
لا يمكن الإجابة على هذا السؤال إن ظلت البنادق مصوبة إلى رؤوس بعضنا بعض والأصابع ترتجف على الزناد? كما ولاشيء سيجبر المحافظ شوقي أحمد هائل على أن يعض? الأرض بأسنانه إن لم يلتف جميع أبناء المحافظة بكل أطيافهم حوله الآن? إنها الفرصة الم?ْتاحة لاسترداد تعـز.
ولطالما حلمت هذه المحافظة بمسؤول أول يغض الطرف عن الصغائر ويعرف الحياة. كل الأمور الآن معلقة على خيط واحد.. الأمن بالتأكيد. إذا انقطع هذا الخيط ستسقط أحلام المدنية وتتفتت جهود الثوريين ونجد أنفسنا ثانية نخبط كفا بكف ونردد بألم ” إنا للعصيمات وإنا إليها راجعون “. دأب نظام صالح? كثيرا على اختيار الب?ْغضاء إلى قلوب الناس ووضعهم في أماكن لها علاقة مباشرة بخدمة الناس? البغيض الى نفوس الناس لا يهابهم? بل يهاب سيده الذي جاء به.. تلك هي اختصار فلسفة الرئيس صالح طيلة عهوده الثلاثة الفائتة..بيد أننا الآن أمام فلسفة حكم تبدو مختلفة يقودها الرئيس منصور بمهارة تزيد من شعبيته يوما إثر آخر.
على مستوى تعز – مثلا- راق الناس كثيرا?ٍ قرار تعيين شوقي أحمد هائل محافظا?ٍ? وعلى مستوى المحافظ الجديد نفسه? راق الناس كثيرا?ٍ قراره المهم الخاص بالحملة الأمنية? وخلال أيام من بدء الحملة ظهر العنف ذليلا?ٍ ومتضائلا?ٍ وعلقت البنادق غير المرخص لها في فك المقصلة. هل هذا هو كل شيء ? لا طبعا.. تعز تنام على إرث ثقيل من الأحلام والإهمال. الخميس الفائت كانت الحكومة هنا في عاصمة آل رسول.. وكان ما تبقى من شباب ساحة الحرية قد تجمعوا مرارا حيث مقرات تواجد ضيوف الحكومة وظلوا يرددون مرارا هتافات ضد ” صالح “! ربما أن الناس لم يألفوا – حتى اللحظة- أن يسمعوا صوت ونانات الأطقم المرافقة لأي موكب وزاري إلا وفيه صالح! وفي المقابل أيضا?ٍ ربما لم يألف بعض الوزراء الجدد أن يتحركوا من دون الرجوع إلى بوصلة أعفاط الحصبة!
الخميس الفائت كان بهيجا.. دولة رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم با سندوة بدا كعادته ودودا?ٍ ومتواضعا?ٍ ويشعرك على الدوام بأنه أب. مع العلم بأن كثيرا?ٍ من الآباء – في ظروف معينة – لا يستطيعون فعل شيء لأبنائهم غير الدعاء? لكن الواجب الأخلاقي أن يساعد الأبناء آباءهم عند المحن الكبيرة وما من محنة اثقل من هذه التي يتحمل مشاقها الأب الطيب باسندوة.. إنها مهمة صعبة وما من نبي م?ْبندق بوسعه أن يهتف لشباب الساحات : أيها الأبناء كونوا عضدا لآبائكم الآن. الخميس الفائت? هبطت الحكومة إلى عاصمة آل رسول .. كنت أتلفت بين جميع الوزراء الم?ْرسلين بحثا عن أهم الأذرع الوزارية التي تحتاج تعز أن تكحل ناظريها بهم ولم أجدهم? في البدء عزوت?ْ الأمر إلى أن مطار تعز الكسول – على غير عادة – لا يحتمل مفاجأة حكومية كهذه? فلربما يروح المطار فيها لا سمح الله.
لا بأس? الجمعة يوم جيد لحضور أصحاب المعالي الذين تحتاجهم المحافظة كضرورة أولية وملحة? وهم طبعا?ٍ معالي وزير الداخلية ومعالي وزير المالية ومعالي وزير التخطيط والتعاون الدولي? ولم يحضروا! لعل الوزراء الثلاثة حنبوا في صنعاء? أو ربما أن الطائرة الوزارية هربت عليهم? الأمر غير م?ْستبعد خصوصا?ٍ وأن اللؤم وتخلي الأصدقاء عن أصدقائهم علامة تميز هذه المرحلة على ما يبدو! كان ينبغي على الأخ المحافظ بصراحة أن يفكر جيدا?ٍ ويبعث إلى صنعاء بعدد ثلاثة مناظير جاليليو ستقوم بمهمة تقريب تعز الم?ْنهكة إليهم? ويشوفوا الجمال اللي إحنا فيه.
الأمن? أهم ما تحتاج إليه تعز الآن.. تمويل المشاريع المتعثرة والكبيرة أهم ما سيعيد ثقة الناس بمحافظتهم ورئيسهم الجديد.. وأما وزارة التخطيط والتعاون الدولي فيبدو أنها ركنت – تماما- على مستشفى اليمن الدولي للحضور نيابة عنها! الخميس الفائت كان يوما?ٍ مثيرا للتفاؤل وللريبة معا? ومع هذا فإن أغلب الظن أن حالة الانشغال العام بماراثون تسويات ” إعفاط الحصبة” لم تزل حتى اللحظة تحتل الأولوية وتلف الثورة والبلد في جيبها و.. إنا للحصبة وإنا إليها راجعون.
*صحيفة الأولى