مأرب.. نصرٌ حافل وعدوانٌ آفل
بقلم/ منير الشامي
محافظة مأرب من أهم المحافظات اليمنية في السلم وَالحرب، فموقعها المتوسط جعل منها بوابةَ الولوج والخروج للمحافظات الشمالية وللمحافظات الجنوبية على حَــدٍّ سواء، وهي نقطة الوصل بينهما وقلعة للانطلاق إليهما ومصدر الإمدَاد لهما بالمحروقات والغاز والطاقة الكهربائية وهذه الأهميّة هي ما تفسر سبب تركيز قوى العدوان عليها دون غيرها من قبل شن العدوان بسنوات من خلال قيامها بدفع الإخوان إليها، من جهة أُخرى فاهتمام تحالف العدوان بمحافظة مأرب وتركيز معظم قواته فيها خلال سنوات العدوان، واستخدامه كُـلّ الطرق لمحاولة وقف تطهيرها خلال العامين الماضيين يعكس أهميتها الكبيرة له؛ لأَنَّها فعلاً تمثل نقطة قوة لعدوانه وخسارته لها تعني خسارته لأهم نقاط قوته داخل اليمن شمالاً وجنوباً وهو أي تحالف العدوان يدرك جيِّدًا أن تطهيرها من دنسه ومن دنس مرتزِقته يعني سقوطَه السريع وأن بعدها ستتهاوى معاقلُه وتتساقط كأوراق الخريف في مختلف المحافظات.
وهذا ما يبدو واضحًا عليه وما تعكسها تحَرّكات قواته في المناطق المحتلّة وتحَرّكات سياسيه هذه الأيّام في تصريحاته، ورعب أطرافه المتصاعد من تقدمات قواتنا المسلحة بعد أن أوشكت بفضل الله سبحانه وتعالى وتأييده من استكمال تطهير هذه المحافظة الغالية، خَاصَّة وقد باتت على تخوم مدينة مأرب ومديرية الوادي، وهما ما تبقى بيد العدوان من المحافظة، وأصبحتا في حُكم المحرَّرة.
ولذلك فحقيقة ما سبق يجعلنا نؤكّـد حقيقة أُخرى وهي أن تطهير مأرب هي الخطوة الأولى لتوقف العدوان الإجباري ولا استبعد من وجهة نظري الشخصية أن قوى العدوان قد تحَرّكت فعلاً في رسم خارطة جديدة لما بعد مأرب ترتكز على استراتيجية بقاءها في المحافظات الجنوبية لأطول فترة ممكنة وستحاول بلورتها على الواقع بكل قوتها وتستخدم كُـلّ الخيارات الممكنة لديها عبر المسار التفاوضي والسياسي والدبلوماسي وعبر المساومة بالاستحقاقات الإنسانية وعبر المسار الأممي كوقف العمليات العسكرية لمدة معينة بإشراف أممي إلى غير ذلك.
ومما لا شك فيه أنه سيفشل أمام حكمة قيادتنا بكل محاولاته، وهذا ليس من باب التخمين والمجاملة أبداً ولكن من باب موقف قيادتنا السابق والمعلن بشروطها الثلاثة لوقف عملياتها العسكرية والمتمثلة بانسحاب شامل لجميع القوات الأجنبية من الأراضي اليمنية، ووقف العدوان لجميع عملياته العسكرية، ورفع الحصار بمختلف أشكاله بما في ذلك رفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي دون قيد أَو شرط ومن المؤكّـد أن قيادتنا لن تتنازل عن حرف واحد من الشروط الثلاثة السابقة ولن تقبل الدخول في مفاوضات جديدة إلا إن كانت مفاوضات جدية فعلاً، سبقها تنفيذ تلك الشروط.
وبهذا الموقف الثابت لم يتبقَّ أمام تحالف العدوان إلا خيار واحد من اثنين:
الأول: تنفيذ الشروط الثلاثة والدخول في مفاوضات جدية.
الثاني: مواصلة قواتنا المسلحة في المضي بخيار المواجهة والتصدي لقوى العدوان حتى تطهير آخر شبر من التراب الوطني، والاختيار متروك لتحالف العدوان وهو من سيختار ويقرّر ملامح مرحلة ما بعد مأرب فماذا سيختار؟