حرب اليمن ستبقى عبثية حتى لو استقال قرداحي
بقلم/ سمير البرغوثي
قد يكون الحظ السيء لوزير الاعلام الرزين جورج قرداحي انه لبناني ليلقى هذا الغضب الكبير والحملة الواسعة ضده فقد سبقه العشرات من القادة السياسين والخبراء ومنهم حلفاء للسعودية الذين اعتبروا هذه الحرب عبثية ولا جدوى لها.
المصادر الاستخبارية والدبلوماسية الغربية اشارت في حينه ان ولي العهد المخلوع محمد بن نايف الذي لا يساور احد الشك في حجم الخدمات التي قدمها لامن الخليج والسعودية والحلفاء الغربيين في المنطقة على مدار عقود قد عارض هذه الحرب من بدايتها واعتبرها بلا جدوى وحديثا اكد هذا الموقف المستشار الامني الكبير المنشق في كندا سعد الجبري ذلك.
ادارة بايدن وفي اثناء الحملة الانتخابية وبعدها اعلنت علنا ان الحرب تحولت الى عبثية وتعهدت بالعمل على ايقافها وانهائها وتشير المصادر الاعلامية الامريكية ان الخلاف بشأن استمرار الحرب في اليمن احد الاسباب وراء سحب وسائل الدفاع الجوي الامريكية من الاراضي السعودية, حتى ادارة ترامب السابقة المهوسة بالحروب وصفقات السلاح اجرت عدة محاولات لاحياء المفاوضات لانهاء الحرب لقناعتها ان المردود العسكري من اشعالها ضئيل لدرجة لا يصمد امام صور الماساة الانسانية التي تتناقلها وسائل الاعلام العالمية ومؤسسات الامم المتحدة وحقوق الانسان.
دول خليجية هي جزء من امن الخليج الذي تتزعمه السعودية مثل الكويت وعمان وقطر لم يشاركوا بها فعليا ولو شعروا بجدوى منها لكانت مشاركتهم عكس ذلك.وحتى دولة الامارات التي شاركت بزخم وحرضت ومولت وسيرت الجيوش اكتشفت عبثيتها فانسحبت وركزت جهودها ومواردها على اقتطاع اجزاء استراتيجية من جنوب اليمن وجزره في باب المندب وبحر العرب لتثبيت نقاط ارتكاز لناتو الشرق الاوسط قيد التشكل بعضوية اسرائيل ان لم يكن بقيادتها.
في وقت سابق قدر خبراء المال خاصة ذوي الخبرة في قضايا التسلح والانفاق العسكري بان الحرب تكلف الخزينة السعودية 200 مليون دولار مع شروق شمس كل يوم كما جاء في تقرير مفصل لمجلة النايمز اللندنية عام 2018 ولو صح هذا الرقم (نعتقد انه اكبر من ذلك مع الاخذ بعين الاعتبار النفقات غير المباشرة) فتكون السعودية قد انفقت مع نهاية السنة السابعة للحرب في اذار القادم اكثر من نصف تريليون دولار (511 مليار) بمعدل 73 مليار سنويا أو اكثر من 10% من ناتجها المحلي الاجمالي السنوي.ولو تدحرجنا بالحسابات واضفنا انفاق دولة الامارات والنفقات الغير مباشرة المرتبطة بها كالمساعدات ودعم حكومه هادي والانفاق على الخبراء والاعلام وحملات الضغط قد نصل الى تريليون دولار والله اعلم. كل هذا واخر محافظة “محررة” من نفوذ الحوثيين في شمال اليمن مأرب تترنح وقد تسقط في غضون اسابيع !
والشعب اليمني الذي شنت هذه الحرب باسمه وللدفاع عنه يعاني من اكبر مأساة انسانية يشهدها التاريخ المعاصر وفقا لتقارير المؤسسات الاممية حيث 20 مليون من اصل 30 مليون باتوا بحاجة الى مساعدات اغاثة ليستمروا على قيد الحياة, ملايين شردوا من منازلهم ومدنهم, الامراض تفتك بعشرات الوف الاطفال والنساء وكبار السن ناهيك عمن قتل. اليمن تفتت وفقد وحدته الجغرافية بين الشمال والجنوب وبين الاخير وجزره واطرافه,البنية التحتية باتت كليا مدمرة ويقدر الخبراء ان اليمن فقد منجزات عشرون عاما من جهود التنمية لما قبل الحرب.
بعد كل ذلك هل يلام من يعتبر هذه الحرب عبثية ؟ حقا انها عبثية وستبقى كذلك حتى لو استقال قرداحي
نقلاً عن رأي اليوم