مجلة امريكية: الإنفاق الضخم للإمارات على التسلح يثير “أسئلة جوهرية”
شهارة نت – تقرير
تساءلت مجلة “أوراسيا ريفيو” عن تزايد الإنفاق العسكري بشكل كبير جدا من قبل الإمارات، والذي يبدو أنه يأتي كجزء من سياسة خارجية معسكرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي يُنظر إليها من قبل الكثيرين على أنها تساهم في الكوارث الإنسانية المستمرة في المنطقة.
وأكد تقرير تحليلي نشر في موقع المجلة أن الهيمنة السعودية على سوق السلاح تتعرض تدريجيا لتحدي الإمارات، في منطقة الشرق الأوسط المضطربة سياسيا، والتي تعتبر من أكبر أسواق السلاح في العالم.
وأشار التقرير أنه وفقا لأحدث تقرير صادر عن “الخدمة التجارية للولايات المتحدة”، الذراع الترويجية لـ”إدارة التجارة الدولية” بوزارة التجارة الأمريكية، تأتي الإمارات في المرتبة الثانية بعد السعودية في مشتريات الأسلحة من الولايات المتحدة خلال الفترة من أغسطس/آب 2020 إلى يوليو/تموز 2021.
وقد تجاوزت قيمة صفقات السلاح التي حصلت عليها السعودية من الولايات المتحدة خلال تلك الفترة 1.9 مليار دولار، فيما بلغت مشتريات الإمارات 609 ملايين دولار.
ويقول التقرير: “مع تنامي العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والإمارات، فضلا عن عدم الاستقرار المحتمل بالمنطقة، من المتوقع أن تظل الصادرات الدفاعية إلى أبوظبي قوية لعدة سنوات”.
وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في أبريل/نيسان الماضي، توقع متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إتمام بلاده صفقة سلاح ضخمة مع الإمارات بقيمة 23 مليار دولار، تشمل تزويد الأخيرة بمقاتلات من طراز “إف-35″، وطائرات بدون طيار مسلحة من طراز “ريبر”.
لكن العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي أبدوا تحفظات على تلك الصفقة؛ لأن بيع “إف-35″، وهي إحدى المقاتلات الأكثر تقدما في العالم، إلى الإمارات قد يضعف “التفوق العسكري النوعي”، الذي تحتفظ به إسرائيل؛ الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك تلك المقاتلة.
وينقل التحليل عن “بيتر ويزمانط، كبير الباحثين في برنامج الأسلحة والإنفاق العسكري بـ”معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام”، لـ”آي دي إن”، إن الإمارات تعد، منذ أواخر التسعينات، أحد أكبر المتلقين لصادرات الأسلحة الأمريكية.
ويصنف معهد ستوكهولم الإمارات على أنها سادس أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية خلال الـ25 عاما الماضية (1996-2020) وخامس أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية خلال الفترة بين عامي 2016 و2020.
وأشار المعهد إلى أنه في النصف الأول من الـ25 عاما الماضية، تسلمت الإمارات مقاتلات من طراز “إف-16 إي” وصواريخ ذات صلة، والتي شكلت جزءا كبيرا من مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى هذا البلد الخليجي.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، تصاعدت صفقات السلاح الأمريكية إلى الإمارات، والتي شملت أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي “ثاد” و”باتريوت باك-3″.
ورغم أن القيمة العالية لمبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات ترجع إلى اقتنائها أسلحة باهظة الثمن بشكل خاص، إلا أن واشنطن زودت أبوظبي بمجموعة متنوعة أخرى من الأسلحة.
على سبيل المثال، سلمت الولايات المتحدة إلى الإمارات، على مدى السنوات الخمس الماضية، آلاف المدرعات منخفضة القيمة نسبيا، و1000 من القنابل الموجهة. وقد تم استخدام هذه الأسلحة في اليمن، إلى جانب الطائرات المقاتلة والدفاعات الصاروخية عالية القيمة.
بينما تشتمل الترسانة العسكرية السعودية على طائرات مقاتلة من طراز “إف-15” ومروحيات “أباتشي” وصواريخ أرض-جو من طرازي “ستينجر” و”هيلفاير”، وراجمات صواريخ (من الولايات المتحدة)، ومقاتلات من طراز “تورنادو” وطائرات التدريب النفاثة المتقدمة “بي أيه إي هوك” ومروحيات “وستلاند” القتالية (من المملكة المتحدة)، ومروحيات “إيروسباسيال جازيل” وأنظمة دفاع جوي (من فرنسا).
وتتضمن الترسانة العسكرية الإماراتية على مقاتلات “إف-16″، ومروحيات “بلاك هوك” وصواريخ “سايد ويندر” و”مافريك” (من الولايات المتحدة)، ومقاتلات “تايفون” و”تورنادو” وذخائر عنقودية (من المملكة المتحدة). كما تم تجهيز الإمارات بمقاتلات نفاثة فرنسية الصنع من طراز “ميراج 2000″، والتي ربما تمت ترقيتها إلى نسخة “ميراج 2000-9”.
وقال “ويزمان” لـ”آي دي إن” إن الولايات المتحدة استحوذت على 64% من واردات الإمارات من الأسلحة بين عامي 2016 و2020، تليها فرنسا بنسبة 10%، وفقا لأرقام معهد ستوكهولم.
وفي بعض الحالات، يبدو أن العروض الأمريكية من السلاح كانت أقل جاذبية من عروض أخرى.
على سبيل المثال، لجأت الإمارات إلى فرنسا لشراء طرادات وطائرات صهريجية.
وفي بعض الحالات الأخرى، كانت الولايات المتحدة مترددة في بيع أنواع معينة من المعدات إلى الإمارات، بما في ذلك طائرات بدون طيار مقاتلة، والتي حصلت عليها أبوظبي بعد ذلك من بكين.
واستنادا إلى العقود والاتفاقيات الحالية، لا سيما بعد اتفاق إدارتين أمريكيتين متتاليتين عامي 2020 و2021 على السماح للإمارات بشراء 50 طائرة مقاتلة من طراز “إف-35” مع حزمة كاملة من الصواريخ والقنابل المتقدمة، فمن المرجح أن تستمر تجارة الأسلحة بين البلدين بكميات كبيرة في السنوات القادمة.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت الإمارات توفر أسلحة لفصائل المعارضة في ليبيا، وأنها لا تزال جزءا من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، والذي يواجه انتقادات حقوقية متصاعدة بسبب هجمات ضد المدنيين، قال “ويزمان” إن دور الإمارات في التحالف باليمن يبدو قد تقلص بشكل كبير خلال العامين الماضيين.
ومع ذلك، لا تزال الإمارات منخرطة عسكريا في اليمن بأجندتها الخاصة.
وفي أحد التطورات الأخيرة، كانت هناك تقارير موثوقة تفيد بأن الإمارات تبني قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية ذات الموقع الاستراتيجي. كما أن تورط الإمارات في ليبيا هو أيضا نشاط سري.
وفي ليبيا، تتهم لجان المراقبة التابعة للأمم المتحدة الإمارات بتزويد قوات الجنرال “خليفة حفتر” بالأسلحة، في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، بجانب نشر قوات ومعدات لها، وشن هجمات جوية بعيدة المدى.
ويؤكد التحليل في الأخير أن هذا الاستخدام الفعلي للأسلحة من جانب الإمارات أثار تساؤلات جوهرية حول ملاءمة مبيعات الأسلحة إلى أبوظبي وآثارها على السلام الإقليمي والأمن والاستقرار وحقوق الإنسان.