قصة الاستيلاء على السلطة في اليمن
ما حدث في اليمن من متغيرات وتحديات وصراعات هي امتداد لدور القبيلة في الماضي ولو رجعنا إلى ما بعد قيام ثورة 26سبتمبر عام 1962م سنجد أنه حدث صراع على السلطة بين العديد من التيارات هي :
الجناح الأول: التيار القبلي الذي كان يمثله عبدالله بن حسين الأحمر ومجاهد أبو شوارب وسنان ابو لحوم والغادر وغيرهم من المشائخ.
والجناح الثاني: الجناح السياسي وتمثل بالأحزاب الوليدة حينها كالحزب الناصري والبعث والاشتراكي وغيرها من الأحزاب..
الجناح الثالث : الجناح العسكري المتمثل في المنتمين للقوات المسلحة والأمن والبعثات العسكرية.
وكان الصراع بين هذه الأجنحة يهدف إلى الاستيلاء على السلطة? وفي الفترة التي كان يتولى فيها عبدالله السلال رئاسة الجمهورية العربية اليمنية برز صراع هذه التيارات على الساحة في الوقت الذي كانت الحكومة مبتدئة في تشكيل كيان الدولة ومؤسساتها مما أدى إلى دخول طرف رابع الذي أجج الصراع المذهبي وقد أدى إلى نشوء مقاومة للوجود المصري في اليمن تمثل في عدة مناطق..
وفي هذه المرحلة تم التحالف بين التيارات: الديني والقبلي والسياسي أطاح بالمشير عبدالله السلال والتيار العسكري وعند تسلم القاضي الارياني للسلطة فوجئ بأن هناك تيارات تريد أن ترجع باليمن إلى النظام الإمامي بقيادة البدر والامير الحسن وكانوا يحظون بدعم من السعودية وبريطانيا والأردن , وكان آخر هذا الصراع حصار السبعين? الا أن القاضي عبدالرحمن الارياني وبدهائه السياسي اتجه للسعودية وتفاوض مع الملك فيصل وتم التوصل الى اتفاق? الا أن البدر لم يوافق عليه , مما أدى إلى عقد مؤتمر حرض الذي تم فيه تقاسم السلطة بين كل من الأجنحة القبلي والعسكري والسياسي? بمعنى أن الجناح القبلي الديني استولى على ثلث السلطة في اليمن والتيار السياسي على ثلث والتيار العسكري على ثلث السلطة أيضا?ٍ? هذا التقاسم أدى إلى تعطيل جهود التنمية? بعد ذلك حاول القاضي الارياني أن ينشىء ما يسمى بالمجالس البلدية والتي تنتخب من قبل الأهالي وقد أدى هذا التوجه إلى تصادم بين التيار السياسي من جهة والتيار الديني القبلي من جهة ثانية والتيار العسكري من جهة أخرى? مما أدى إلى اتفاق بين التيار القبلي والتيار العسكري ضد التيار السياسي? وقد أطاح هذا التحالف بالقاضي عبدالرحمن الارياني الذي كان يدرك أن التيار القبلي وراء عرقلة التنمية في اليمن , بعد هذا الانقلاب تسلم السلطة المقدم إبراهيم الحمدي الذي قام باصدار أمر عاجل بوقف الحملات الإعلامية ضد الجنوب وقيادته مع التأكيد بأن الوحدة ستظل الخيار الوحيد للشعب اليمني مهما تباينت الآراء والمواقف? بدأ الرجل مهمته في بناء الدولة الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات وقد امر بتعليق عبارة «الله جل جلاله» بدلا?ٍ من صورته والغى مسميات الشيخ والسيد وابدلها بالاخ. شعاره الدائم كان.. «الدولة في خدمة المواطن» وليس المواطن في خدمة الدولة..
ومنع استخدام السيارات الحكومية والعسكرية وسيارات المؤسسات العامة والمختلطة للأغراض الشخصية..
كما عمل بعد توليه السلطة على الإطاحة بالتيارين القبلي والسياسي وأعلن الحكم العسكري , مما أدى إلى بدء المؤامرات عليه من قبل التيار القبلي المتمثل بالمشائخ والتيار الديني المتحالف معه وجزء من التيار السياسي والمتمثل بالبعثيين.
ولما بدأ الحمدي السير لتحقيق الوحدة على الطريقة الماركسية الاشتراكية , شعرت دول الجوار بالخطر المحدق عليها, وفي ظل الحرب الباردة فحاولوا استقطاب الحمدي للانضمام للرأسمالية لكنهم فشلوا ولذلك تم اغتياله.
تولى السلطة بعد ذلك الغشمي الذي لم يستمر فيها غير تسعة أشهر حيث ارسل التيار المتطرف شخصا?ٍ واستبدلت الشنطة المفخخة ليتم تسليم الحقيبة للغشمي التي انفجرت به انتقاما?ٍ لمقتل الحمدي? وفي الوقت نفسه تم في جنوب الوطن قتل سالم ربيع علي واستولى على السلطة عبدالفتاح اسماعيل ورفاقه , ودخلت اليمن في مرحلة الفراغ الدستوري حيث رفض الجميع تولي السلطة.. بعد ذلك تولى السلطة العرشي الذي اشترط أن يظل في السلطة شهرا?ٍ واحدا?ٍ فقط خوفا?ٍ من قتله.
وفي هذه الفترة كان المقدم علي عبدالله صالح قائدا?ٍ لمعسكر خالد بن الوليد في محافظة تعز? وتم اختياره من قبل الشعب من المشائخ والسياسيين عام 1978م والذي اخذ على عاتقه مسايرة جميع التيارات ومنهم مع الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وخلص الرئيس علي عبدالله صالح إلى صياغة الميثاق الوطني وتشكيل المؤتمر الشعبي العام التنظيم الذي ضم كافة الأطياف السياسية? إلا أن تقسيم السلطة ظل كما هو? بمعنى ثلث مع القبائل والثلث مع السياسيين والثلث مع العسكريين حتى قيام الوحدة .
في عام 1990م وعندما قامت الوحدة عارضت التيارات الدينية والقبلية اتفاقية الوحدة ولم يوافقوا إلا بعد إعطائهم ضمانات نفوذهم وحصتهم من السلطة ومن الإيرادات واتجهوا إلى عدن ووافقوا على الوحدة وظل التقاسم كما هو عليه وبعد قيام الوحدة المباركة قام عبدالله بن حسين