(وَداعياً إلى اللَّـهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)
بقلم/ جبران سهيل
إن المرحلة التي بعث فيها الله سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى محمد بن عبدالله ليبلغ ما أنزل الله عليه من آيات وأوامر وتوجيهات كانت مرحلة مظلمة يعيشها المجتمعُ الجاهلي والأمة العربية مفككة وذليلة وتعيش بلا هدف وبلا قائد بينما كانت هناك حضارات ودول أُخرى منظمة، وإن كانت على عقائد باطلة وفي فترة قياسية نهض الرسول صلاة الله عليه وعلى آله بالمجتمع رغم ما واجه من صعوبات من ذات المجتمع والبيئة التي أراد أن يخرجها إلى النور وإلى العزة والكرامة لكنه ظل حريصاً على إحداث نقلة نوعية بهذه الأُمَّــة بعد مرحلة من النضال والعمل حتى وصل لبناء دولة مستمدة تعاليمها من جبار السموات والأرض.
منذ مولده صلاة الله عليه وعلى آله بدأت بشارات التغيير القادم لهذا المجتمع وخوف الأعداء وعلى رأسهم اليهود، الذين أدركوا حجم الأخطاء التي ارتكبوها في حق أنبياء الله ومخالفتهم لتوجيهاته، وتحريفهم لكتبه، فكان مجتمعهم هو المعني بالرسالات السماوية لفترة من الزمن ولكنهم لم يستغلوا ذلك ولم يقدروا حجم هذه النعمة حتى أنهم انتقلوا بكثرة للاستقرار بيثرب على أمل أن يخرج النبي منهم أَو ينفذوا مؤامرتهم لإجهاض هذا المشروع في حال خرج من المجتمع العربي وهم يعرفون أن هذا ما سيحصل ولكنهم ظلوا عاجزين أمام عناية الله وحفظه لخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلاة الله عليه وعلى آله.
تزامن مولد النبي محمد مع الحدث الأبرز الذي وقع بمكة حين تعرض بيت الله الحرام لمؤامرة ومحاولة هدم عبر أبرهة الحبشي فتصدى الله لتلك المحاولة وأهلكه وجيشه وحمى الله بيته الحرام.
ولد الرسول ولامس ميلاده قلوب الكثير حينها بالرهبة لأشخاص والفخر والطمأنينة لآخرين على رأسهم جده عبدالمطلب سيد قريش والمهتم بشؤون حجاجها وزوارها فقد بشّره بعض الملوك حينها بالشأن الكبير للغلام الذي سيولد من ظهره في ذلك العام ومنهم كما حكت كتب التاريخ الحاكم اليمني سيف بن ذي يزن، الذي كان تربطه بجد النبي محمد علاقة صداقة بأنه وجد في بعض الكتب صفات نبي آخر الزمن وأنه من نسل هذا السيد الهاشمي.
آيات كبرى تجلت مع مولده الشريف وخلال فترة ترعرعه بأحضان أعمامه فهو اليتيم الذي فقد والده قبل ميلاده وفارق أمه بعد مولده العظيم لكنه رغم ذلك سيغير مجرى التاريخ ويعتلي تاريخ البشرية عظمة وعبقرية رحمة وإنسانية وقائداً لا نظير له إلى يوم القيامة.
في نشأته ظل الأعداء يسعَون للتخلص من هذا المولود، فهو لم يكن ككل مولود ولم تكن حياته كحياة غيره من البشر سعياً منهم لإفشال المهمة التي ستقع على عاتقه والأمر المهم الذي سيكلف به بتوجيه من رب العالمين ولكن اللهَ عصمه من الناس ومن كُـلّ المؤامرات حتى أكمل رسالته وبلّغ ما أنزل إليه من ربه ورضي لنا الإسلامَ دينا.