الجنوب.. ثورة وعي أم ثورة جياع؟!
بقلم/ إكرام المحاقري
بعد ما يقارب سبعة أعوام من الاحتلال، رفع أبناء الجنوب شعارات الحسرة وشعارات الوعي وعلها تكون شعارات التحرير للأرض والعرض من دنس الغزاة المختلفة ألوانهم وأجناسهم، حين وصلت في المحافظات الجنوبية المحتلّة قيمة الدولار الواحد لـ 1100 ريال يمني، قامت قائمة الثورة في المحافظات الجنوبية ولعل الأيّام تثبت مسار هذه الثورة الشعبيّة والتي واجهت القمع العدواني من أول حركة لها.
لسنا في صدد تقزيم ما قام به أبناء الجنوب من انتفاضة شعبيّة بوجه الظلم والغلاء، وبوجه الجريمة التي طالت كُـلَّ من هب ودب في تلك المناطق التي أصبحت شبيهةً بأرض مزروعة بالألغام.
لكن لا بُـدَّ للتطرق للأحداث بتمعن وقراءة شعارات الثورة من زاوية سياسية واضحة، فالمغالطات قد تدخل أبناء الجنوب في مستنقع خضوع لا خروج منه في ظل تواجد القوى المستكبرة.
قد يتساءل البعضُ عن توجّـه الثورة بقراءة شعاراتها وهل هي ثورة وعي أم ثورة جياع لها أهداف معينة أرادت من خلالها التعديل لا التحرير؟!.
لكن المصيبة التي قد يواجهها المتظاهرون في كلتا الحالتين تتمثل في دول العدوان التي خلقت الأزمة، والتي يمكن أن تكون على استعداد لتغيير الأدوات وتكميم الأفواه ببعض المساعدات المنتهية الصلاحية أَو تقزيم خطورة الوضع في تلك المحافظات ببعض التصريحات لحكومة الفنادق أَو مملكة السوء نفسها.
ومن ثم نعود إلى تلك اللعبة السياسية التي امتصت غضب الشعوب في أكثر من دولة عربية، بتبريرات (مصلحة الوطن)!! لكن هل تبقى مجال للمصلحة هناك؟!
نعم شعارات الثورة هي من ترسم أهدافها الشعبيّة، فمثلاً أبناء الجنوب قد هتفوا بشعارات ربطوا فيها اسم (الحوثي) وتبرأوا فيها من الشرعية والتحالف وكل من لهم صلة بهم، ولكل شعار دلالات وأبعاد سياسية، قد تنفع المواطن وتضر التحالف إذَا ما وجد الثبات ووجدت المصداقية والإرادَة الكاملة في التحرير والحرية.
(يا حوثي سير سير، واصل مشوار التحرير)، هذا أحد الشعارات التي تدل على الوعي المكتسب لأبناء المحافظات الجنوبية والمتأثر بإخوتهم في المحافظات الشمالية، الذين ناهضوا العدوان ودحروا قواه بوعيهم وصمودهم.
ولا يمكننا أن نسمي هذا تحوُّثاً بقدر ما نسميه اكتساباً للوعي وتعطشاً للحرية، والجميع في الداخل والخارج خَاصَّة قوى العدوان على رأسهم الحية البريطانية والغدة السرطانية والشيطان الأكبر، هم يعون خطورة هذا الشعار الذي قد يواجه العدوان بالسلاح ويتحرّر لنفسه من عتاولة الظلم بكل ما يمتلك، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية بالنسبة للتحالف وأدواته في المنطقة.
(ثورتنا ثورة شعبيّة، لا تحالف لا شرعية)، هنا أَيْـضاً بين أبناء المحافظات التي قرّرت التحرّر من الوصاية والهيمنة الأمريكية بأن الثورة هي شعبيّة ولا تمثل تحالفاً ولا شرعية، بل إن هذا الشعار بين الرفض الكامل لتواجد التحالف وشعارات الشرعية المزعومة في المحافظات الجنوبية.
وهنا نقطة واضحة للضغط الذي تحمّله أبناء الجنوب للصمت والقبول بشرعية الفارّ (هادي) تحت تهديد قوة السلاح وغيرها من الأساليب القذرة لسياسيات تحالف العدوان “الصهيوأمريكي” وقد نقول طفح الكيل!! وهناك وقائع كثيرة ستتحدث عن نفسها خلال الأيّام القادمة.
المسميات لا تدل على شخصية بقدر ما تدل على مواقف، فـ (الحوثي) اليوم بالنسبة لأبناء الجنوب ليس مُجَـرّد اسم علم، بل أنه مسار ثورة، وأنموذجٌ للحرية، ووطنية واستقلال، ومقاومة للاحتلال، وأنموذجٌ عظيمٌ في كسر غرور وهيمنة قوى الاستكبار في العالم، وتبقى القُدوة الحسنة في تحقيق المستحيل من رحم الثورة التي انتصرت للمظلوم، ولا بُـدَّ لليل أن ينجلي، ولا بُـدَّ للقيد أن ينكسر، وإن غداً لناظره قريب.