الحبيب الجفري يصلي في الأقصى
الزيارة التي قام بها الداعية الإسلامي اليمني علي عبدالرحمن الجفري, يوم الأربعاء قبل الماضي 4/4/2012م للمسجد الأقصى, أثارت الكثير من ردود الأفعال منها المرحب ومنها المستنكر, في مقدمة المرحبين, كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس, الذي اعتبر الزيارة “موقف شجاع”, وفي مقدمة الرافضين كانت حركة حماس, بلسان نائب رئيس مكتبها السياسي/ موسى أبو مرزوق, وصفت الزيارة بـ ” مفاجأة غير مقبولة ” .. وبين الشجاعة, والمفاجأة, انهمر سيل من التصريحات والتعليقات, الرافض منها أكثر من المرحب, وعل?ل الرفض, بإسرائيلية التأشيرة والحراسة, مع ان الشيخ عزام الخطيب مسئول أوقاف القدس أوضح للـ (شرق الأوسط) في 8/4/2012م, بأن الجفري, حضر إلى باب المغاربة بمعية الأمير/ هاشم ابن الحسين من دون حراسة إسرائيلية.
لست هنا بصدد الانتصار لهذا الموقف او ذاك, فما لفتني من الموضوع: مدى القابلية للانقسام والانشطار, تحت أي عنوان, مع وضد, والفصيلان الفلسطينيان يقدمان للأمتين العربية والإسلامية, النموذج الذي يحتذى في التنافر وعدم الاتفاق ورفض قبول الأخر, إذ ما ان يطلع تصريح فتحاوي, حتى تصدر ادانة حمساوية, وقس على ذلك, بما يعتمل من هوس التنابذ الفضائي والعنقودي, في بقية الأقطار العربية, لا اريد ان اعدد الأسماء المتضادة, واشارتي لأخواننا في فتح وحماس, لا لشي? وانما كونهم اصحاب قضيتنا المركزية, فاذا كان اصحاب قضية المركز على هذه الشاكله, فما بالك باصحاب قضايا الاطراف, الكل مستفز من الكل والجميع متأهب لمنازلة الجميع داخليآ, في ثنائية ضلال مقيته تبعث على الشعور بالأسى والحزن, ويصدمك سيل تعابير القدح والذم الجارف: ( رجعيون, عملاء, مرتزقه, انفصاليون, اذناب, شبيحة, بلاطجة … واخرتها فلول), ويبرع الجميع في تسخير تقنية الأتصلات, لتدمير جسور التواصل البينية, عوضآ عن بناءها, الكل يثرثر هذا مقبول وذاك مرفوض, في حوار عقيم, يصل احيانآ حد الشتم واللطم على الهواء, حوار يبني على بلاغة القول حينآ وضحالته احيانآ اخرى ولا يبنى على حجة الفعل ألا? فيما ندر!
واحمال التشكيك والتخوين التي تشحن عن بعد على ظهور البعض الأخر لا تحتمل, والأجتهاد الدؤوب في تقييم اداء الاخرين ليس وفق قاعدة: الأجران والأجر للمجتهد, ان اصاب او اخطأ, وانما وفق تضارب المصالح الضيقة وكل طرف يجد ما يسند موقفه من الرواية التاريخية, التي تحوي ما لذ للبعض وما طاب للأخر, يستحضرها الجميع, كالقول بأن القاضي محي الدين القرشي ابى ألا? يصلي في الأقصى ال?ا وهو محرر .. اذآ زيارة الأقصى لا تجوز الا? بعد تحريرة, وكان الرد: الرسول (صلعم) اسر?ي به إلى الأقصى وهو محتل من قبل الروم, كما واعتمر عمرة القضاء ومكة تحت حكم كفار قريش .. اذآ زيارة الأقصى جائزة وان كان تحت الأحتلال, فأستخدام الرواية التاريخية لأسناد او رفض الحاضر, فيه ما يكفي من السذاجة والهروب إلى التراث عوضآ عن الغوص في تفاصيل الحاضر, بحثآ عن افكار خلاقة, وبعيدآ عن الركون المطلق إلى قدسية المقاومة (الخاملة) او السلطة (التائهة), فلا هذه حررت القدس ولا تلك قربتنا منها.
لذا ومن نافلة القول بأن فكرة, شدو الرحال إلى بيت المقدس, نصرة لأخواننا المرابطين المقدسيين, التي اطلقها الداعيه اليمني الجفري, فيها من الوجاهة ما يضعف فكرة المقاطعة السلبية, التي أمنت للسلطات الأسرائيلية جو مريح, لتنظيم افواج اليهود الذين يحجون إلى حائط البراق (المبكى), ووفرت للدولة العبرية جملة الأحراجات, التي كان يمكن ان تصيبها, ان هي وقفت في وجه الحجاج من اخواننا المسيحيين العرب, او زوار اولى قبلتي المسلمين وثاني حرميهما, فالخوف من تهمة التطبيع جعل الأقصى نسيآ منسيا, في عقول بعض المسلمين, اذ لا يخطر على بال هذا البعض ألا? يوم ذكرى احراقه, في الوقت الذي اصبح فيه, نهبآ للمتطرفين من ادعياء اقامة الهيكل المزعوم .. فالاقصى ليس جغرافيا إسرائيلية حتى يتهم زائره بالتطبيع. والجفري اجتهد وكسر جدار احجام علماء الدين عن زيارة الحرم القدسي الشريف, وان كان لم يصب في ذلك كما يرى البعض فأقله حاز اجر واحد, وفق حكم الاجتهاد في الحديث النبوي الشريف!