خ?ِش?خاشة?ْ الأل?ب? الحمراء?ْ وزهرة?ْ الصحراء…
هل حق?ا ? ونحن نواجه زحف?ِ الق?ْبح علينا في كل? أشكاله ? أن? ” الجمال?ِ سينقذ العالم?ِ ” من مخالب الشر … كما كان يعتقد دوستوفيسكي ?
تركت? لي إيم?ِي?لا مهني?ٍا ? لكنها تجر?أت فباحت? بشيء?ُ ما كان مستقر?ٍا في حديقة أسرارها ? والله وحده يعلم منذ كم من زمان ? وكتبت? بعد آخر سطر?ُ في الجانب : ” أين أنت?ِ يازهرة الصحراء ” ?
ولم أكن أبدا?ٍ أتوق?ع أن ي?ِصدر?ِ منها ? وهي الجاد?ة الرزينة ? والمثقفة العقلانية ? والمناضلة في النقابة ? كلام?َ من هذا النوع … كلام من معدن المغناطيس والبل?ور … جذ?اب ?َ ويفرض من خلال انعكاساته البر?اقة الحذر?ِ والتأويل…
وبدا لي أن?ها تبحث عن?ي كما توحي العبارة?ْ بذلك … واستغربت?ْ أم?ر?ِها ولم أفهم معنى هذا البحث لأننا نعمل مع?ٍا ونتقاسم نفس?ِ القاعة لأكثر من مر?ة في الأسبوع…
وانتبهت?ْ فجأة إلى ما غفلت?ْ عنه ? انتبهت?ْ إلى موط?ن? المعنى ? وم?ْن?ط?ِل?ِق? البحث … إنها تراني ? وهذا شيء محتم?ِل ? كائن?ٍا يعيش في فضاء?ُ عدواني وتتوف?ر فيه خصائص?َ فريدة مثل قوة الصمود والجرأة على التحدي ? تجعله يكون قريبا?ٍ من فصيلة أزهار?ُ لا تنبت ? حسب رأيها – أو قلبها – إلا في أرض قاحلة رملية ي?ْحتم?ِل?ْ أن تكون صحراء?ِ العرب…
وات?جه فكري نحو افتراض آخر تحمله إيحاءات?ْ العبارة :
– أو?ِ لا أكون ? في عينها ? إنسان?ٍا يتهر?ب من الناس وينزع إلى الخلوة والانفراد ? فتكون الصحراء?ْ بشساعتها رمزا?ٍ لوحدته المثيرة للإنتباه ?
واستسلمت?ْ لأفكاري وخواطري …
إعجاب?ْ امرأة?ُ برجل?ُ تراه في هيئة وجوده كما لو كان ” زهرة وحيدة ” ? ورغبت?ْها في التقر?ب منه ? ثم? الفضول?ْ في اكتشاف ما يجعل منه إنسانا?ٍ فريد?ٍا في عالم تنحو فيه الاشياء?ْ والأفكار والعواطف إلى أن تكون متشابهة أكثر فأكثر… ل?ِشي?ء?َ يمكن أن يكون وراء ميلاد عاطفة أعمق وأعقد… !
وتم?تم?ت?ْ وحدي مستفهما?ٍ :
– هل تكون فقد?ِت? عقل?ِها ?
وأجبت?ْ مستنكرا?ٍ في الحال وقد بدأ الزهو?ْ يقترب من?ي:
– وهل من عيب?ُ في أن? تفقد?ِ امرأة?َ عقل?ِها بهذا الشكل ?
وسرعان ما جاءتني فكرة?َ م?ْس?ِل?ية ? وقلت?ْ مترن?حا?ٍ :
– سأسألها عن ا?سم هذه الزهرة ? وبعدها عن أشياء أخرى … حتى أعرف ما تنطوي عليه ني?ت?ْها ? وتكشف لي عن أسرارها فيما يخص? شعور?ِها نحوي … وأمر? آنذاك إلى السرعة النهائية !
وهممت?ْ بالإجابة ? كمرحلة أولى من مخط?طي في الغزو ? إذ كنت على وشك أن أقول?ِ لها : ” وأنت? ? ماذا دهاك ياخ?ِش?خاشة الأل?ب الحمراء ? ” ? غير أن?ي لم أفعل …
لكن?ي ? ومنذ ذلك اليوم ? أتعر?ض لهجوم عنيف?ُ خفي ? من طرف قوى غريبة ومتناقضة تتصارع فيما بينها داخلي ? وما زالت نفسي تصطدم بهذا الخلاف وتتعذب من جر?اء مواجهته.
فمر?ة ? أسمع صوتا?ٍ يقول لي :
– لقد أحسنت?ِ إذ أغفلت?ِ الرد? ? ولو كنت?ِ فعلت?ِ لدخلت?ِ في زلزال من الأحداث ! ولسب?بت?ِ لها ولك زوابع?ِ وصواعق?ِ لا يصمد أمامها أحد ! .
ومر?ة أخرى ? يأتيني هاتف?َ يعاتبني على ج?ْبني وغياب الحس? عندي وعدم إنسانيتي ? طارقا مسامعي دون نهاية بهذه الكلمات :
– ياللأسف ? كيف تفر? من مثل هذه اللحظات الوجودية النادرة ? لماذا تخشى البوح?ِ بالجمال ? لماذا تولي الأدبار?ِ أمام عاطفة الحب? ? وتبحث دائما عن وكر?ُ للإختباء أمام رياحه ? ! كنت?ِ على الأقل ? لو أقدمت?ِ على إعلام هذه المرأة بأنها ” نبتة خاصة في جبال الألب العالية ” ? ستملأ قلب?ِها ? ولو لثانية أو دقيقة ? بالبهجة والانشراح… ! وكنت?ِ رب?ما ? أنت أيضا?ٍ ? ستجد متعة شيقة وستتذو?ق لحظة سعادة غامرة ! .
ومنذ ذلك اليوم ? وأنا سجين حقيقة?ُ غامضة ? دو?امة عنيفة ملكت علي كل? فكري ووجداني ? وأخذت مني كل? وقتي : يالها من جملة?ُ هذه ! ” أين أنت ? يازهرة الصحراء ? ” ! جمال وأي? جمال ! الأنا في مرآة زهرة ليست كباقي الأزهار ! الأثر?ْ فع?ال?َ … نافذ?َ … وكأن? النفس ترقص على حافة القمر ? على جمار الكلمات !
ولا أخفي على أحد أن?ني منذ ذلك اليوم وأنا أتخيل? الزهرتي?ن متلاصقتي?ن ترقصان على إيقاع طانكو أرجنتيني ذي أصول شرقية عربية … لكن ? فجأة ? في محاولة ذوبان?ُ ? كادت الزهرتان أن تحترقا … فشممت?ْ دخان?ٍا في الأفق وأحس?ِس?ت?ْ كما لو أن? شر?ا?ٍ كان مختبئ?ٍا في سحر الرقص والتصاق الزهرتي?ن… ! ”
وكالعادة ? حاولت?ْ مواجهة?ِ هذا النوع من الإختبارات والمحن الباطنية بالصمود العقلي واللجوء إلى الشر?ح ? فقلت مع نفسي مبر?ر?ٍا موقفي :
– الكلمة مسؤولية?َ كبرى ! الكلمة فعل?َ ينشأ من إرادة الحر?ي?ة ! وأنا حر? في تصر?فاتي وما أقر?ره من علاقاتي مع الآخرين ! لو كنت?ْ أج?ِب?ت?ْ ” خشخاشة الألب ” الباحثة عن ” زهرة الصحراء ” ? لكنت?ْ ربما فتنت?ْها وفتنت?ْ نفسي معها !
ولا أدري كيف ولماذا وجدت?ْني ساعت?ِها أقرأ وأسمع