الإمـام زيــد.. بصيرة وجهاد!
بقلم/ دينــا الرميمة
وحدَهم العترة الطاهرة من آل بيت النبي عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام والقلة من المؤمنين الصادقين من حملوا على عواتقهم مهمة استمرار الرسالة المحمدية دون تحريف في أصولها وثوابتها واهتموا بها كعقيدة جاءت لتحرّر الناس من ذل العبودية وظلمات الجهل إلى نور الإسلام الذي كفل لهم حق العيش تحت راية الإسلام سواسية كأسنان المشط، لا سيما أن أمر خلافة المسلمين وصل إلى بني أمية وهم الذين لا يرون الإسلام إلا سيفاً قضى على أرباب الكفر من بني أمية أجدادهم، الأمر الذي جعلهم ناقمين عليه وتوارثوا الحقد على آل البيت والأمة يحكمونهم ظلماً ويحرفون الدين ويغيرون معالمه والكثير من قيمه ومبادئه، وتوشح الفجور والفسق في أوساطهم، واشتروا الولاءات بالمال كي يبقوا متسلطين على الأُمَّــة، الأمر الذي كان النبي قد حذر الناس منه في حال تمكّنوا من الحكم (بأنهم سيتخذون دين الله دغلا، وعباده خولا، وماله دولا).
لذا كان من الضروري أن يقف أحدٌ في وجه هذا الظلم والطغيان ولم يكن أحد ليتجرأ على فعل هذا إلا الغيورون على دينهم من آل البيت سفينة النجاة لكل المظلومين ليس طمعاً بحكم ولا سلطة إنما لإنقاذ دين جدهم وإصلاح حال أمته التي تركها وهي في أوج عزتها وقوتها فأصبحت ذليلة خانعة لأبناء الطلقاء من بني أمية!!
ولعل كربلاء كانت الدليل على ما آل إليه حال الأُمَّــة من الخنوع والذل وحب الدنيا حين تركوا سبط رسول اللّه الإمَـام الحسين يذبح وتسبى نساؤه على يد شرار الخلق دون أن يحركوا ساكناً، فكانت تلك الجريمة المنكرة التي ضحيتها ما تبقى من أهل بيت النبوة وَانتهاك حرمة رسول الله، وَمنذ ذلك الحين لم تزدد الأُمَّــة إلا ابتعاداً عن دينها وَهواناً وَارتماءً في أحضان الطغاة ومناصرتهم خوفاً من أذاهم!
وأصبح بنو أمية يتعاقبون على حكمهم واحداً تلو الآخر حتى وصل الأمر إلى يد هشام بن عبدالملك والذي لم يكن بأقل ظلماً وفسقاً ممن سبقه وهو الذي تصادفت فترة حكمه مع بزوغ شمس الإمَـام زيد بن علي بن الحسين -عَلَيْــهِ السَّـلَامُ- الذي تخرج من مدرسة أبيه وجده الحسين وتعلم منهم أن الظلم يُعدُّ فعلاً خبيثاً ومنافياً لما جاء به دين الإسلام فالظلم في مبادئهم يهدّد حقوق العدالة والمساواة لبني الإنسان، فما لم يكن هناك عدالة تدحّض الظلم والاستبداد وتُعلي من شأن المُثل العُليا وتحترم إنسانيّة البشر فهنا يكون قد ذهب ما فعله النبي المصطفى من إصلاح حال أمته هباءً منثوراً.
ولذا فَـإنَّ الإمَـام زيد لم يرتضِ بذاك الظلم والقهر الذي ران على الأُمَّــة وجعلها تحت سطوة الظالمين.
فأعلنها ثورة ضد بني أُمَيَّـةَ وتجبرهم على الأُمَّــة.
شعارُه فيها (واللهِ ما يدعني كتابُ الله أن أسكت) بمعنى أن تحَرّكه كان على أُسُسٍ قرآنية وبصيرة استمدها من القرآن الكريم غير مباليا بنفسه مع علمه أنه سيقتل ويصلب كما أخبر بذلك جده رسول اللّه لكنه كان يردّد: (واللهِ لَوددتُ لو أن يدي ملصقةٌ بالثريا ثم أقع إلى الأرض أَو حَيثُ أقع، فأتقطع قطعةً قطعةً وأن يصلحَ اللهُ بذلك أمرَ أُمَّـة محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-).
وهذا يدل على أنه كان مستشعراً للمسؤولية الإيمانية تجاه دينه وأمته التي حرص على أن يحيي فيها مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يستنهضها وعلمائها للخروج ضد الظالمين!!
لكنه عَلَيْــهِ السَّـلَامُ رغم حرصه على توعية الأُمَّــة إلَّا أنه خذل كما خذل جده الحسين، حَيثُ لم يقاتل معه إلَّا القليل من ضمن عشرات الآلاف الذين كانوا قد انضموا لصفه فقاتل حتى استشهد عَلَيْــهِ السَّـلَامُ مخلداً ثورة أصبحت منهجاً لكل المظلومين تحمل الكثير من الدروس والعبر على مر الأيّام وتعاقب السنين في نهج نهجهم السوي للخروج على الظالمين ومحاربة الطغيان مهما عظمت قوته ومهما كانت التضحيات.
وها نحن في اليمن في الحرب التي شنت علينا منذ سبع سنوات لو لم يكن الشعب اليمني منذ البداية انتهج نهج آل البيت وشعارات (هيهات منا الذلة)) (واللهِ ما يدعنا كتاب الله أن نسكت) لكنا الآن تحت رحمة الأمريكي والإسرائيلي وأراذل الأعراب يستبيحون أرضنا وحرمنا وكرامتنا، لكننا بفضل اللَّه وبفضل أعلام الهدى من آل بيت رسول اللّه وبالبصيرة التي ملأت قلوبنا استطعنا أن ننتصر على ظلمهم وجبروتهم وأصبحنا قوة يحسب لها العدوّ ألف حساب وهو الذي ظن أنه بيوم أَو يومين تحت سطوة نيرانه وغاراته وحصاره سيخضعنا فخاب وخسر وبقيت اليمن عزيزة شامخة ترسل أسمى معاني التضحية والإباء وتسطر للعالم ثورة المظلوم ضد الظالم خلدتها دماء أبناء اليمن تاريخاً حياً كخلود ثورة الإمَـام زيد عَلَيْــهِ السَّـلَامُ.