حتى لا يستمر تدهور التدريس الجامعي !!
من الأسباب الحقيقية لتدهور التدريس في الجامعات اليمنية (الحكومية والخاصة) ازدحام جدول الأستاذ الجامعي بالمحاضرات اليومية وتنقله من جامعة إلى أخرى للتدريس? فمعظم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية هم أنفسهم الذين يقومون بالتدريس في الجامعات الخاصة? وبعضهم يدرسون في أكثر من جامعة خاصة إضافة إلى الجامعة الحكومية التي ينتمون إليها? وهذه (الشحططة) لا شك تؤثر عقليا?ٍ نفسيا?ٍ وجسديا?ٍ على الأستاذ الجامعي مهما كانت قدراته? وبالتالي لا يتمكن من أداء واجباته التدريسية كما ينبغي? لا في الجامعات الحكومية ولا في الجامعات الخاصة? بل قد يكون تقصيره في الجامعة الحكومية أكثر لأنه واثق أن وظيفته في الجامعة الحكومية ثابتة ولا يتحكم فيه أحد? ولا يتابعه نظام? بينما في الجامعات الخاصة سريعا?ٍ ما ي?ْكتش?ِف تقصيره? فيتم الاستغناء عنه مباشرة? ولذلك تجده يبذل جهدا?ٍ أكبر في الجامعات الخاصة لإرضاء مالكي الجامعات ويتهاون في الجامعة الحكومية لأنها بلا رب??ُ يحميها في ظل الفساد والإهمال.. وهذا هو الواقع الذي لا ينكره أحد حتى وإن كان عضو هيئة التدريس صاحب ضمير حي? ويشعر بمسئوليته الأخلاقية? فلا يستطيع أن يرضي ضميره من حيث الأداء? لأن واقعه لا يساعده? ويعرف الجميع أنه لا يمكن أن يتحسن التدريس إذا كان عضو هيئة التدريس يقضي كل نهاره من قاعة إلى أخرى ومن جامعة إلى أخرى دون أن يهدأ? من أين له وقت للتحضير ولتقويم أدائه ولتطوير مقرراته وللالتقاء بالطلاب ومناقشة قضاياهم? وأين سيجد الوقت للبحث العلمي? ولخدمة المجتمع? الأستاذ الجامعي بشر وطاقة البشر محدودة مهما شحذ الهمة وحاول أن يؤدي ما عليه فلن يستطيع..
الضغوط المعيشية هي التي تدفع عضو هيئة التدريس الحكومي للعمل في أكثر من جهة? في ظل تصاعد الأسعار ومسئوليات عضو هيئة التدريس نحو أسرته? وربما أقاربه الفقراء بسبب الوضع الاقتصادي المتردي فضلا?ٍ عن نمط الحياة الذي ينبغي أن يوفره لنفسه كباحث علمي وأستاذ لقيادات المجتمع? كل ذلك يجعل الأستاذ الجامعي يعيش حالة انتحار يومي في البحث عن مصادر رزق غير مرتبه? لكنني أتمنى أن يراجع أعضاء هيئة التدريس المعنيون واقعهم? وحجم الإرهاق الذي يعانون منه? وكم الأزمات الصحية التي تنتظرهم إذا استمرت (الشحططة)? وقد حان الوقت لتصحيح وضع الجامعات الحكومية حتى يتحسن المستوى المادي لأعضائها وتستبقيهم فيها لتأدية وظائف الجامعة باقتدار? ففي الجامعات المحترمة لا ينشغل أستاذ الجامعة بالمصروف اليومي أبدا?ٍ? بل يكون متفرغا?ٍ للبحث العلمي وتربية الكفاءات العلمية القادرة على قيادة المجتمع في كل المجالات? ويعمل من داخل جامعته على خدمة المجتمع ودفع عجلة التنمية فيه.. أما في جامعاتنا فأستاذ الجامعة موظف روتيني يعمل ليعيش فقط..
فإذا كانت هناك رغبة حقيقية في دفع المجتمع نحو التنمية? فإنه ينبغي الاهتمام بالأستاذ الجامعي وبالتعليم بصورة عامة? وأن توفر لأستاذ الجامعة الإمكانيات التي تجذبه للبقاء في جامعته? وأن تمكنه من البحث والتفكير في مكتبه في جامعته في قاعة التدريس? لا أن تجعله الجامعة يستثقل وقت تواجده فيها? وينتظر فراره منها إلى مكان آخر..
كما أنه صار لزاما?ٍ على مجلس الجامعات اليمنية أن يتحمل المسئولية الأولى لضبط الأداء التدريسي في الجامعات عن طريق وضع قانون صريح يحارب الفساد في مجال التدريس الجامعي? وينظم العلاقة بين الجامعات الحكومية والجامعات الخاصة? بحيث ي?ْحظر على الجامعات الخاصة التعاقد مع أي عضو هيئة تدريس لايزال ثابتا?ٍ في سلك التدريس في الجامعات الحكومية أو متعاقدا?ٍ في جامعة خاصة أخرى? وفي المقابل ي?ْحظر على الجامعات الحكومية التعاقد مع أي عضو هيئة تدريس لايزال متعاقدا?ٍ في جامعة خاصة? ومن المهم جدا?ٍ أن ت?ْلزم الجامعات الخاصة بمساواة أعضاء هيئة التدريس بزملائهم في الجامعات الحكومية ماليا?ٍ? وإداريا?ٍ..
هذا القانون سوف يخلق واقعا?ٍ جديدا?ٍ يحسن الأداء التدريسي في الجامعات الخاصة قبل الحكومية? وسيقوي انتماء عضو هيئة التدريس إلى الجامعة التي يعمل فيها? وسيساعد على استقرار الكوادر في الجامعات الخاصة بعيدا?ٍ عن إغرائها من جامعات خاصة أخرى? وسترتفع الثقة بالجامعات الخاصة وبالتالي سيزيد إقبال الطلبة عليها.. فضلا?ٍ عن أن هذا القانون سيقنع أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية بأهمية التفرغ لمهامهم في جامعاتهم الأصل? وتحسين دخولهم بالبحث العلمي وخدمة المجتمع من داخل الجامعة..
قد يعارض مثل هذا الطرح بعض أعضاء هيئة التدريس الذين تعودوا على التكسب من أكثر من جامعة? لكن لا بد أن يقفوا مع الوطن في محنته? فالوطن محاصر بالتحديات من كل جانب? ولا يحتمل مزيدا?ٍ من التدهور? والمستقبل يتطلب تحسين الأداء التدريسي في الجامعات اليمنية كلها? واستيعاب الكفاءات الباحثة عن فرص عمل من حملة الشهادات العليا في الجامعات الخاصة إن لم تكن هناك حاجة إليهم في الحكومية? وبموجب القانون سوف تتجه الجامعات الخا